تضاربت الانباء في العراق حول تعرض نوري المالكي، رئيس الحكومة ، إلى وعكةٍ صحيّةٍ في 10 مايو 2013، وتعددت التكهنات حول مدى خطورتها.
وكان المجلس الإسلامي الأعلى، في يومها، يقيم حفل تأبين لزعيمه الراحل محمد باقر الحكيم، وكان من المفترض أن يحضر نوري المالكي، رئيس الحكومة، إلى الحفل ويلقي خطاباً في المناسبة.
وباقر الحكيم زعيم شيعي برز قبل العام 2003 كواحد من أهم القادة الإسلاميين المعارضين لنظام الرئيس الراحل صدام حسين، وقتل في العام 2004 قرب مرقد الإمام علي ابن أبي طالب في مدينة النجف، حين انفجرت سيارة ملغمة بينما كان يلقي خطاباً على أنصاره.
وفي حفل التأبين حرص الزعماء على الحضور وإلقاء كلمات عاطفية لاستذكار الحكيم، لكن المالكي لم يكن موجوداً لأن وعكة صحيةً منعته من الظهور، وأوفد بدلاً عنه علي الأديب، وزير التعليم والقيادي البارز في حزب الدعوة الإسلامية.
علي الأديب قرأ على منصة حفل المجلس الأعلى، الذي حضرته الـ"مونيتر"، كلمةً هاجم فيها النظام الانتخابي والمعروف بـ"سانت ليغو"، وقال إنه "لا يحقق التوافق بين الكتل".
وكان هذا النظام الذي عدله البرلمان العراقي العام الماضي ساعد الكتل الصغيرة على تحقيق مكاسب انتخابية، وقد استفاد منه المجلس الأعلى في الانتخابات المحلية الأخيرة في 20 أبريل 2013.
وحذر الأديب من أن "الانقسام النفسي قائم في العراق ويليه الانقسام السياسي إذ لم ينجح الحوار (...) الوطن يتمزق ولم يهتد السياسيون حتى الآن إلى آلية الشراكة".
لكن الأديب لم يفصح عن طبيعة الوعكة الصحية التي ألمت بالمالكي، ومن حينها انطلقت تأويلات.
وقالت قناة "الشرقية"، التي يملكها سعد البزاز رجل الأعمال والإعلامي المعارض لحكومة المالكي، في خبر عاجل إن "المالكي نُقِل إلى العاصمة اللبنانية بيروت لتلقي العلاج هناك".
لكن حيدر العبادي، القيادي الشيعي البارز في حزب الدعوة الإسلامية، صرح لـ"المونيتر" إن "المالكي يعاني من نزلة برد، وليس هناك شيء يدعو إلى القلق".
مثل هذا التصريح لم يوقف سيل الإشاعات خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، التي ذهبت بعيداً في توقع حالة رئيس الحكومة.
حتى المصادر الرسمية تضاربت في ما بينها بشأن الوضع الصحي للرئيس. مصدر مقرب من مكتب المالكي تحدثت معه الـ"مونيتر" قال إن "الرئيس يشعر بالتعب ويحتاج إلى قسط من الراحة". هذا المصدر، الذي طلب عدم ذكر اسمه، أكد أنه "لا شيء يدعو إلى القلق".
الشهر الماضي كان المالكي نُقِلَ إلى المستشفى في بغداد، بحسب ما قاله صادق الركابي، المستشار المقرب من الرئيس، والذي تحدث عن وضع المالكي في غرفة العناية المركزة بمدينة الطب، أكبر مستشفيات العراق. أنظر الرابط .
وترددت أنباء سابقة بأن المالكي تعرض إلى جلطة قلبية في الدماغ تفاقمت أخيراً بسبب شعوره بالسوء من نتائج الانتخابات الأخيرة التي كلفته خسارة نحو 90 مقعداً في المجالس المحلية، قياساً لما حققه ائتلافه "دولة القانون" في جولة العام 2009 الانتخابية.
لكن حرارة الخبر بلغت ذروتها في مواقع التواصل الاجتماعي، ففي موقع فيس بوك، نشرت صفحة غير رسمية، يشرف عليها أنصار المالكي، تعليقاً مفاده أن "المالكي يمرض لكنه لا يموت مثل العراق". أنظر الرابط .
وفي صفحات ناشطين وصحافيين عراقيين كتب الكثير عن حالة المالكي، بعضهم زعم أنه يعاني من جلطة دماغية، وأن حالته خطرة، في حين رجح آخرون أنه يعاني من ارتفاع السكر بالدم، وأن مكتبه استدعى طبيباً من بريطانيا على وجه السرعة.
ويحيط المالكي، وطاقمه الفني والسياسي، بجدران عازلة أمام الصحافيين العراقيين، ومكتبه الصحافي لا يتحدث بأمور تتعلق بوضع الرئيس، بل أن الهيكل الإداري للمكتب وعدد المستشارين الذين يعلمون فيه لم يزل غير واضح حتى الساعة. ويعتقد مراقبون بأن هذه العزلة ترفع من درجة التأويلات وتدخل الإشاعة في البلاد على أنها حقائق مسلم بها.
وكان المالكي سافر إلى العاصمة البريطانية لندن، في 24 فبراير 2008، لإجراء فحوصات طبية وصفها بيان رسمي لمجلس الوزراء بأنها "روتينية".
وفي ذلك الوقت نصح أطباء عراقيون المالكي بالسفر إلى لندن ومواصلة الفحوصات والاطمئنان على سلامة النتائج التي تم كشفها ومعالجتها في بغداد.
وبشأن صحة المالكي فإن المعلومات تتضارب بين إصابته بجلطة دماغية، أو أنها يعاني من إجهاد في عضلة القلب، وتعرضه إلى صعود مفاجئ في كمية السكر بالدم.
ومع تضارب الأنباء عن صحة رئيس الحكومة، واستمرار علاج رئيس الجمهورية جلال طالباني، يزداد القلق من مستقبل العملية السياسية التي تعاني من أزمات حادة بين المكونات.
وفي حال استمرار الوعكة الصحية للمالكي، فإن الباب الثالث من الدستور العراقي وفي المادة 81 منه يقضي بأن يحل رئيس الجمهورية محل رئيس الوزراء في حال غيابه لأي سبب كان، ويقوم بتكليف مرشح أخر لتشكيل الوزارة خلال خمسة عشرة يوماً. أنظر الرابط .
لكن هذه المادة الدستورية لا يمكن تحقيقها لأن الطالباني يخوض علاجاً يحيطه الكثير من الغموض، في وقت لم يعط الدستور أي حل لمشكلة غياب رئيسي الجمهورية والوزراء.