تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

خلفيات قرار حزب الله القتال في سوريا

Lebanon's Hezbollah supporters wave flags during a rally to commemorate Martyrs' Day in Beirut, February 16, 2013. REUTERS/Sharif Karim (LEBANON - Tags: POLITICS) - RTR3DVBY

حتى هذه اللحظة بلغ عدد الذين قتلوا  من حزب الله  في سوريا نحو عشرين عنصرا على الاقل . اخر مقاتلين منهم ، لقيا  حتفهمت قبل ايام اثناء اشتباك مع الجيش السوري الحر في منطقة القصير في ريف حمص على مقربة من الحدود اللبنانية .

ويدور داخل القاعدة الاجتماعية للحزب ،  نقاش مرشح لان ترتفع حدته مع الوقت . جوهره يسال عما اذا كان يجب على ابنائهم ان يقتلوا في سوريا دفاعا عن قضية ليست على صلة بالهدف الذي  يعلنه الحزب ، وهو حماية لبنان من اسرائيل .

ويوم بعد يوم ، يصبح   هذا النقاش عبارة عن  أصوات اعتراضية ، ويلاحظ ان   اتحاهه بهذا المنحى ، يتعاظم مع ارتفاع منسوب  تورط الحزب في الحرب السورية الداخلية وبالتوازي مع  ارتفاع  اعداد قتلاه هناك . وما تجدر الاشارة اليه ، هو ان بنية الحزب المقاتلة تتكون حصرا ، ولحد كبير،  من أبناء الطائفة الشيعية  في لبنان . وهؤلاء هم غالبا ينتمون الى بيئتين اجتماعيتين اثنتين ؛ الاولى ، هي منطقة جنوب لبنان المحاذية لاسرائيل والثانية، منطقة البقاع المحاذية لسوريا .

وفيما يشكل أعضاؤه الجنوبيون النسبة الاعلى من قياداته وكوادره السياسية، فان أعضاؤه البقاعيون هم بالغالب مقاتلون ، ويطلق على البقاع مصطلح " انه الخزان البشري " للمقاومة ، اي لحزب الله .  وكل واحدة من هاتين المنطقتين ، لديها بسوكولوجية خاصة بها تقتات سماتها من ظروفها الاجتماعية والثقافية و الاقتصادية المغايرة .

فالجنوب هو اكثر انفتاحا على التعلم، كما ان أبناءه راكموا  تجارب سياسية من خلال انخراطهم في اليسار اللبناني في عقدي الستينات وسبعينات القرن الماضي، كما انخرطوا بنسبة عالية في المنظمات الفلسطينية خلال وجودها في لبنان . واقتصاديا ، عاش الجنوب لفترة على الزراعة ( التبغ والحمضيات )، ولكنه مع ظهور الامام موسى الصدر ( مؤسس حركة امل ) ومن ثم وصول امل بزعامة الرئيس نبيه بري الى السلطة ( موقع رئاسة مجلس النواب ) ، شهد المجتمع الجنوبي عملية ارتقاء اجتماعي واقتصادي، حيث اتسعت بداخله  دائرة الطبقة الوسطى المكونة من اصحاب مهن حرة وموظفين في مختلف سلم ملاك قطاع الدولة .  كما ان نسبة معتبرة من أبنائه المهاجرين الى الخليج العربي وأفريقيا بخاصة نالوا حظا متفاوتا من النجاح في أعمالهم.

اما تأثر  البقاع بصعود نجم الشيعة داخل معادلة الحكم في لبنان ومجمل خارطته السياسية ، ظل محدودا . والسبب وراء ذلك يكمن في ان نسبة إقبالهم على التعليم ظلت متواضعة وفي بعض بيئاتهم العشائرية  تكاد تكون معدومة .

والواقع ان التركيب العشائري  الاعم لشيعة البقاع ، ساهم في اعاقة ارتقائهم الاحتماعي بمعناه المدني والاجتماعي الحديث . وكانت هذه المنطقة اعتمدت لفترة طويلة على تحصيل الرزق من زراعة حشيش الكيف، ولكن بعد توقف الحرب الاهلية ، قامت الدولة اللبنانية باتلاف محاصيلهم من الحشيش ومنعتهم من الاستمرار في مزاولة زراعتها ، ووعدت بتامين زراعة بديلة عنها ، لكنها لم تقم بذلك . وساهم هذا الامر بازياد نسبة الفقر في تلك المنطقة .

وبالمقابل فان حزب الله لم ينتهج حيالها سياسة انماء بل سياسة نفوذ عن طريق تفريغ الالالف من ابنائها كعناصر مقاتلة في صفوفه لقاء رواتب شهرية . والمساعدات التي يقدمها الحزب ومعه ايران الى شيعة البقاع ، هي ريعية وليست انتاجيه ، ما جعل الازمة الاقتصادية. وبالتالي الاجتماعية،  في تلك المنطقة تتصاعد من دون افق او خطة منهجية وعلمية  لحلها . 

القسم الاكبر من المقاتلين الشيعة الذين بادروا للانخراط  بالقتال لصالح النظام في سوريا، هم من بيئة البقاع اللبناني.

في تلك المرحلة كان الحزب ترك لعناصره من خارج جسده العسكري الصلب حرية اختيار الذهاب الى سوريا من عدمه ، وما قاد هؤلاء المقاتلين السيعة للتبرع بالذهاب للقتال في دمشق ، هو امرين اثنين  ، اولا تنفيذ فتوى ( تصريح ديني ) من حزب الله بان  القتال في سوريا هو " جهاد " ، ثانيا التهاب المشاعر المذهبية الشيعية بوجه ما يدعونه بان المسلمين السنة  يعتدون على مقدساتهم في سوريا ( مقاما السيدة زينب في دمشق والسيدة رقية في دوما ، الخ.. ) . وثالثا ، دوافع الحاجة المادية وقدرة الحزب على الاستثمار فيها لما توفره من قدرات على التعبئة لصالحه على غير مستوى . 

ولكن مؤخرا ، اصبح انخراط حزب الله بالقتال في سوريا، هو سياسة استراتيجية ، ولم بعد نوعا من المساعدة المحسوبة بالشكل العتاد . فالحزب بقرار مركزي اصبح منخرطا في الصراع السوري الداخلي ، وذلك انطلاقا من ثلاثة اعتبارات استراتيجية من وجهة نظر قيادته : الاعتبار الاول ، يرى انه في حال لم يهب الحزب للقتال في سوريا دفاعا عن حليفه النظام السوري ، فانه سيضطر في حال سقوط الاخير للقتال في لبنان ، ضد نفس العدو ، اي السلفيين السنة ، اذ انه هؤلاء الاخيرين لن يقفوا عند هدف اسقاط النظام السوري بل سينتقلوا الى لبنان لاكمال مهمة ضرب النفوذ الايراني فيه وحليفه الاساس حزب الله . الاعتبار الثاني على صلة بان الحزب يعتقد ان هدف تحسين شروطه السياسية الداخلية لا يمكن ان يستقيم الا اذا كانت المعادلة الإقليمية في صالحه . ويعتقد ان نقطة الارتكاز في هذه المرحلة لقياس نبض المعادلة الإقليمية هو الميدان السوري . الاعتبار الثالث ، هو وجود بيئة ضاغطة ومؤثرة داخل الحزب تضغط باتجاه ان لا يقف مكتوف اليدين تجاه  ما يسمونه العدوان السني الخليجي على سوريا ، وعلى حكمها المتصف بانه قريب لإيران وللشيعة . ويعتبر هؤلاء ان معركة سوريا الحالية هي معركة وجود ليس للنظام فقط، بل للشيعة في كل المنطقة العربية

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in