ليست المرة الاولى التي يرسل فيها حزب الله طائرة استطلاع من دون طيار الى اسرائيل . وفي كل مرة يفعل ذلك ، يكون لذلك خلفيات محسوبة من قبله ومن قبل ايران . قبل نحو ثلاثة اشهر قطعت الطائرات الاسرائيلية مسافة تفوق المسافة الفاصلة بين اسرائيل وإيران ، وقصفت هدفا في السودان . وخلال هذه الرحلة الطويلة تزودت الطائرات الاسرائيلية بالوقود في الجو ، كما انها استطاعت تضليل شبكات رادارات كل الدول التي تجاوزتها في طريقها الى هدفها . واعتبر الحرس الثوري انذاك بحسب مصادر مقربة منه ، ان اسرائيل ضمَنت غارتها رسالة الى ايران تفيد بأن طائراتها تستطيع الوصول الى مفاعلاتها النووية وتدميرها . ويبدو - بحسب هذه المصادر - ان مرشد الثورة الاسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي قرر بالتعاضد مع مؤسسة الحرس الثوري المنتمية الى نفس خطه المتشدد ، الرد على الرسالة الاسرائيلية برسالة أقوى. وعلى الأثر جرى انذاك إرسال طائرة "ايوب " الاستطلاعية - المصنعة إيرانيا - من منصة اطلاق تابعة لحزب الله في لبنان ، الى العمق الاسرائيلي ، حيث نجحت في التحليق على مقربة نسبيا من مفاعل ديمونا النووي الاسرائيلي، وذلك قبل ان تنجح الطائرات الاعتراضية الاسرائيلية بإسقاطها . لقد خرج بعد ذلك الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله ليعلن عبر فضائية المنار تبنيه للعملية ، وتقصد ان يضع هذا الحدث خلال كلامه ضمن رسالة تفيد بأن الحزب حينما يهدد اسرائيل بمفاجأت عسكرية في حال شنت اي حرب على لبنان ، فهو يعني ما يقول ، بدليل طائرة ايوب التي اخترقت تحصينات الحماية الاسرائيلية ووصلت الى اهداف حساسة .
و كان واضحا من تحليل كلام نصر الله انذاك ان الرسالة لا تستهدف فقط تحذير اسرائيل من مهاجمة حزب الله ، بل أيضاً وبالاساس من مهاجة ايران .
واليوم ثمة حاجة لدى كل من ايران وحزب الله ، لإطلاق رسالة حول مقدراتهما العسكرية الرادعة وحتى استعراضها . وتتمثل حاجة حزب الله للقيام بهذه الخطوة ، من واقع انه يريد رفع الاحراج عنه المتأتي عن اتهامه داخل لبنان وعربيا وايضا دوليا وحتى داخل بيئته الشعبية، بانه تخلى عن هدفه الاساس وهو مقاومة اسرائيل وتحرير الاراضي اللبنانية التي تحتلها، وبدل ذلك فهو بنخرط في حرب مذهبية ضد السنة في سوريا دفاعا عن النظام السوري العلوي . ويصيب هذا الاتهام للحزب فيما لو تعاظمت اصداؤه، محل مقتل منه لانه يفقده شرعيته كمقاومة وطنية لمصلحة تسليط الضوء عليه كمليشيا مذهبية وكقوة تستغل شعار المقاومة لتنفذ مخططات ارباب نعمتها في كل من طهران ودمشق.
ويراهن حزب الله ان تؤدي خطوة ارساله طائرة استطلاع تخترق الأجواء الاسرائيلية ، في هذا التوقيت ، الى لفت الأنظار اليه مجددا على انه حركة مقاومة وليس صحيحا انه أضاع بوصلة هدفه الاساس، وان انخراطه في المواجهات السورية هو امر عارض استوجبه اضطراره للدفاع عن قرى لبنانية شيعية تقع داخل الاراضي السورية في ريف القصير .
كما يقول محللون وثيقو المعرفة بحزب الله ، ان توقيت اجراء إرسال الطائرة ، اختاره حزب الله بدقة ، لسبب إضافي أساسي أيضاً ، وهو ان أمينه العام السيد حسن نصر الله يخطط لاطلالة قريبة ( خلال ايام ) يجيب بها على الاسئلة المتعاظمة داخل قاعدته الشعبية بخاصة وباوساط الرأي العام الاسلامي بعامة المستاءة من انزلاق حزب الله بحرب داخلية، لمصلحة النظام ضد فريق اخر مسلم وشعب يطالب بالحرية ، متجاوزا بذلك كل ثوابته التي كان يعلنها عن تمسكه بالوحدة الاسلامية ودرء الفتنة المذهبية ، وبان بندقيته موجهة حصرا باتجاه العدو الاسرائيلي . ومن وجهة نظر هؤلاء المحللين ، فان قضية حدث طائرة الاستطلاع ستعطي نصر الله خلال اطلالته ورقة رابحة تجعل سياق رده اقوى على أسئلة متهميه بانه أضاع بوصلة الهدف المركزي الذي إنشات من اجله مقاومة حزب الله، وهو مقاومة اسرائيل