يسعى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى حل البرلمان وابقاء حكومته لتشرف على انتخابات مبكرة، وفي المقابل تسعى قوى اخرى كبيرة في البرلمان مثل العرب السنة والاكراد وتيار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر ، الى اقالة الحكومة من دون حل البرلمان او تشكيل حكومة مؤقتة تشرف على انتخابات مبكرة.
الخياران تم تداولهما بقوة في الاجتماعات السياسية والطروحات الاعلامية، ولايبدو ان هناك فرصة للوصول الى اي موائمة سياسية مع بلوغ الصراع السياسي مرحلة كسر العظم بين الاطراف.
وعلى رغم ان خيار ابقاء الوضع السياسي كما هو عليه اليوم وصولاً الى انتخابات بداية العام 2014 موجود على طاولة المالكي، غير ان التعويل عليه في ضوء تصاعد حدة الاحتجاجات الشعبية قد يفتح الباب لتطورات عنيفة.
خصوم المالكي لايريدون ان تجري اي انتخابات عراقية خصوصاً انتخابات الحكومات المحلية في اذار (مارس) المقبل تحت ظل الحكومة الحالية، التي لايتهمونها فقط بتسخيير امكانات الدولة لدعم حزب رئيس الوزراء العراقي "دولة القانون"، بل يحملونها مسؤولية تجيير نحو مليون صوت من قوات الجيش والشرطة لصالح المالكي الذي مازال منذ 3 سنوات يجمع سلطات وزرارات الدفاع والداخلية والمخابرات والامن الوطني في يديه ويشرف عليها بشكل مباشر، ويختار القيادات العسكرية والامنية على وفق معيار الولاء.
والمالكي نفسه يخشى ان تجري انتخابات لايشرف هو عليها، لانه يتهم الخصوم بانهم يسعون الى تنفيذ نظام المحاصصة على "مفوضية الانتخابات العراقية" مايعني ابقائهم على اوزانهم في الخريطة الحالية ، وهو يأمل ان تكون شعبيته قد امتدت لتضمن له غالبية مريحة في اي انتخابات تمكنه من الحصول على ولاية حكومية ثالثة.
وعلى رغم ان دوافع مختلفة تقف خلف الاحتجاجات العراقية، فأنها ترتبط ولا ريب باوليات سياسية في مقدمتها اعلان المالكي نيته الترشح الى ولاية ثالثة، ورفض معظم الاطراف السياسية العراقية لهذا الخيار.
وقد لايبدو واضحاً تماماً حضور قضية الولاية الثالثة في جوهر الازمة الحالية، لكنها حاضرة بقوة في الاروقة السياسية الخاصة، حيث طلب الزعيم الشيعي مقتدى الصدر من المالكي قبل ايام عبر موفودين عنه التخلي عن طموح تمديد ولايته مقابل دعمه للبقاء في منصبه في عامه الاخير.
وكان المالكي اعلن قبل اعادة انتخابه لولاية جديدة العام 2010 انه لاينتوي الترشح لولاية جديدة ، غير انه تراجع عن هذا التعهد بعد انتخابه نهاية العام نفسه.
ويصر انصار المالكي ان الدستور يسمح بعدد غير محدود لولايات رئيس الوزراء في النظام البرلماني العراقي، فيما يدفع المعارضون بان تمديد الولاية يعني تكريس ديكتاتورية جديدة في بلاد يحوز فيها رئيس الحكومة كل السلطات المتاحة للجهاز التنفيذي.
الانتخابات المبكرة بنظر المالكي هي طوق نجاة من هذا الجدل، فحدوثها يعني ان الجدل حول الولاية الثالثة سينتهي لصالحه، لكنه يخشى في المقابل الخروج من السلطة حتى لشهور قليلة، في سلطة جديدة مؤقتة قد تستخدم ملفات كبيرة من الفساد والمخالفات التي تحيط بحكومته ضده ولصالح خصومه في اي انتخابات.
لا يشير التاريخ السياسي العراقي الى ان من يغادر السلطة يمكن ان يعود اليها ثانية، ولهذا يتركز الصراع اليوم على سؤال دقيق :"من سيكون على كرسي السلطة للاشراف على اي انتخابات مقبلة؟" والاجابة ان من يحتل هذا الكرسي وقت الانتخابات سيفوز في الانتخابات في الغالب.