تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

دولة السيستاني .."مدنية"

Iraqis carry a poster of top Shi'ite cleric Grand Ayatollah Ali al-Sistani during a demonstration in Najaf, 160 km (100 miles) south of Baghdad June 13, 2007. Dozens of residents took to the streets in Najaf protesting the latest bomb attack in Samarra's Golden Mosque Shi'ite shrine.     REUTERS/Ali Abu Shish    (IRAQ)

لم يتعب السياسيون العراقيون الشيعة والسنة والاكراد منذ سنوات من محاولات سحب المرجع الديني الاعلى علي السيستاني الى صراعاتهم السياسية المتواصلة، لم يصب اليأس بعض الاحزاب الشيعية ، حتى هذا اليوم ، وهي تسعى بكل وسيلة الى تعبيد المسافة الشاسعة بين نظرية النجف القائمة على ابقاء المرجعية الدينية بعيداً عن التفاصيل السياسية، ونظرية قم الايرانية القائمة على تولي رجل الدين امور السياسة بنفسه.

لكن السيستاني ، الذي يحتفظ بتلك الكارزما الطاغية لرجل ينتمي الى ارث عتيق من الصعب تغييره ، قاوم ويقاوم كل تلك المحاولات، ليس من باب الزهد بالسياسة وسلطانها فقط، بل لحماية ملايين الشيعة من مقلديه عبر العالم من قطع الخيط الرفيع الماثل بين الرمز الشيعي الديني ، والزعيم السياسي.

اخيراً قال السيستاني في توصيات بالغة الدلالة القاها معتمده في كربلاء حول ازمة التظاهرات السنية ان الدولة التي يدعو اليها هي "دولة مدنية"، قائمة على احترام القانون والدستور وحقوق الانسان وتكافؤ الفرص والمساواة.

لم يتحدث اكبر مرجع ديني اسلامي عن "دولة دينية" ، ولم يسع الى تغليف خطابه للجمهور والسياسيين بتعابير دينية او ايات قرآنية او احاديث من السلف، بل قالها بوضوح وبلغة تفهم عبر العالم : "دولة مدنية".

وهذا الفهم لايعني فقط ان السيستاني يفهم بعمق حراكات المجتمعات الاسلامية وتنوعها وتضارب الرؤى بينها حول مصطلح وحدود "الدولة الدينية"، بل انه يعني بالدرجة الاساس انه كمعظم كبار المراجع الشيعة عبر التاريخ ، ينظر الى المجتمع ودور الدين فيه كعلاقة تفاعلية، لا احادية، وكانت تلك الرؤية سمحت في مراحل مختلفة في تكيف المذهب الشيعي مع التطورات السياسية والتاريخية التي مر بها، كما انها الرؤية نفسها التي سمحت بان يكون فهم الدين وموقفه من السياسة قائم على اساس الاستقلالية لا التبعية ولا العدائية.

لاتتطابق وجهة نظر السيستاني مع الكثير من الزعماء الدينيين والسياسيين الشيعة، فبعضهم مازال يحلم ان تتولى العمامة منصب رئاسة الحكومة ، فيما يرى السيستاني ان رمزية العمامة الدينية تمتد الى ابعاد في التاريخ والزمن والامكنة ، وهي جزء اساسي من الضمير الجماعي، اكثر منها وظيفة حكومية.

استقبل السيستاني قبل ايام ممثل الامين العام للامم المتحدة في بغداد مارتن كوبلر وبحث معه ازمة التظاهرات، وكان وجهات النظر بين الرجلين متطابقة حول خريطة الطريق التي يجب ان تعتمد لحل الازمة.

واللقاء يأتي بعد نحو ثلاث سنوات من اغلاق السيستاني بابه امام السياسيين العراقيين،سببه الرئيسي امتعاضه الشديد من ادائهم  و لاجبارهم على ممارسة السياسة بعيداً عن اي مؤثرات دينية او مذهبية. ممارستها باعتبارها "وظيفة" لا "مهمة دينية"، ومن هنا فقط لم يكن امام السيستاني عندما وصلت الازمة العراقية الى مراحل خطيرة غير ان يحدد مفاهيمه للدولة وهي : "مدنية" يستوي فيها الشيعي والسني والكردي ولا فرق في ذلك الا لصناديق الاقتراع، وهي ايضاً "قانونية" يكون الدستور الحديث المتناغم مع حقوق الانسان والديموقراطية هو غطاؤها، والقضاء هو حكمها، وهي "مسالمة" بمعنى احترام القواعد والقوانين الدولية والانضباط ضمن معايير الامن والسلم الدوليين.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial