رام الله – الضفّة الغربيّة: اتّهمت حركة "حماس" الأجهزة الأمنيّة في الضفّة الغربيّة بشنّ حملة اعتقالات طالت العشرات من عناصرها على خلفيّة سياسيّة منذ بداية عام 2020. وأشارت "حماس"، في بيان صحافيّ بـ13 كانون الثاني/يناير من عام 2020، إلى أنّ أجهزة أمن السلطة اعتقلت 195 من عناصرها في الضفّة على خلفيّة سياسيّة في الأسبوع الأوّل من كانون الثاني/يناير، وقالت: "إنّ المعتقلين أسرى محرّرون من السجون الاسرائيلية ومعتقلون سياسيّون سابقون لدى السلطة الفلسطينية وطلاّب جامعة، معظمهم جرى اعتقالهم في مدينتي نابلس والخليل".
وأوضحت "أنّ أجهزة أمن السلطة شنّت حملة اعتقالات، عقب إعلان رئيسها الدعوة إلى إجراء انتخابات منذ 26 أيلول/سبتمبر من عام 2019، وأنّ الحملة استهدفت نشطاء حماس وكوادرها للحصول على معلومات حول نشاط الحركة للانتخابات ومرشّحيها، وأنّ أمن السلطة اقتحم 144 منزلاً، وصادر من داخلها نحو 3000 شيكل (867 دولاراً)، و55 هاتفاً خلويّاً، و10 حواسيب ومئات الرايات والكتب".
تعتقد "حماس" أنّ الاعتقالات ضدّ عناصرها في الضفّة ذات صلة بمحاولات السلطة عرقلة إجراء الانتخابات وتعكير الأجواء، إذ قال وزير الأسرى الأسبق من حركة "حماس" وصفي قبها لـ"المونيتور": "إنّ هذه الملاحقات ترتبط بالانتخابات من دون أدنى شكّ، فهناك تيّار داخل السلطة لا يرغب في إجراء الانتخابات، ممثّلاً بالأجهزة الأمنيّة التي تقف ضدّ الانتخابات ومع تكميم الأفواه وتحاول فرض الدولة البوليسيّة على الفلسطينيّين وتقوم بمضايقات وملاحقات سياسيّة ضدّ عناصر حماس".
وعن أسباب اعتقاد "حماس" أنّ ملاحقة عناصرها سببها الانتخابات، قال وصفي قبها: "كلّ استطلاعات الرأي السريّة والعلنيّة وتقديرات مخابرات الاحتلال، تشير إلى أنّ حماس ستفوز بالانتخابات، في حال جرت بالضفّة بنسبة أكبر من الانتخابات السابقة. ولذلك، فإنّهم يحاولون تعطيل الانتخابات بأيّ طريقة".
ولفت قبها إلى أنّ الملاحقات تتركّز على طلاّب الكتلة الإسلاميّة في الجامعات (الذراع الطلابيّة لحركة "حماس") كون العمل الطلابيّ هو العمل الوحيد المتبقّي في الضفّة، بعد تجفيف العمل السياسيّ والخيريّ والنقابيّ لـ"حماس"، مشيراً إلى أنّ الأجهزة الأمنيّة تسعى إلى تجفيف منابع العمل الإسلاميّ في الضفّة، ضمن سياسة التعاون والتنسيق الأمنيّ التي تمارسها السلطة.
لا توجد إحصائيّة دقيقة عن عدد معتقلين حركة حماس في الضفّة بسبب استمرار الاعتقالات. وحول ذلك، قال قبها: "إنّ السلطة تمارس الاعتقالات بشكل يوميّ، فهناك معتقلون ليوم واحد أو لأسبوع، وهناك لأشهر، والبعض يتمّ استدعاؤه والإفراج عنه بعد ساعات، وهناك معتقلون منذ حوالى عام. ولذلك، لا توجد إحصائيّة ثابتة عن عدد المعتقلين".
وأعرب عن معارضته للاعتقالات السياسيّة في الضفّة وغزّة، وقال: "لا يمكن أن نستوعب مهما يكن أن يُلاحق الفلسطينيّ على عمله التنظيميّ، في أيّ مكان سواء أكان في الضفّة أم غزّة".
تعدّ الانتخابات أحد العناوين البارزة أخيراً، التي أثارت تراشقاً وتبادل الاتهامات بين حركتيّ "فتح" و"حماس"، في ظلّ مطالبة "حماس" الرئيس محمود عبّاس بأكثر من مناسبة بإصدار مرسوم رئاسيّ لتحديد موعد الانتخابات، وعدم انتظار الردّ الإسرائيليّ على طلب السلطة إجراء الانتخابات في القدس، بينما يرفض محمود عبّاس إصدار المرسوم من دون الحصول أوّلاً على ردّ من الجانب الإسرائيليّ يسمح بإجراء الانتخابات ترشّحاً واقتراعاً في القدس.
وكانت "حماس" سلّمت ردّاً مكتوباً بالموافقة على إجراء الانتخابات إلى رئيس لجنة الانتخابات حنّا ناصر، في 26 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2019، تتضمّن مجموعة من المحدّدات والمطالب، أبرزها: إطلاق حريّة العمل السياسيّ في الضفّة، بما يشمل وقف ملاحقات الأجهزة الأمنيّة الفلسطينيّة لعناصر "حماس" في الضفّة.
وفي المقابل، فإنّ "فتح" تتّهم "حماس" في غزّة بممارسة الاعتقالات والملاحقات بحقّ عناصرها، وكان أبرزها أخيراً احتجاز أمن "حماس" الداخليّ في غزّة بـ13 كانون الثاني/يناير من عام 2020 المتحدّث باسم حركة "فتح" وعضو مجلسها الثوريّ إياد نصر، في حين أكّدت "فتح" في بيان 28 تشرين الأوّل/أكتوبر من عام 2019 أنّ "حماس" ما زالت تعتقل العشرات من أبناء حركة "فتح" في سجونها ومقرّاتها.
وقال قياديّ في حركة "فتح" بغزّة، رفض الكشف عن هويّته، لـ"المونيتور"، خشية الملاحقة من قبل "حماس": "إنّ الاعتقالات متواصلة بحقّ عناصر فتح وأفراد الأجهزة الأمنيّة التابعين للسلطة، وإنّ سجون حماس مليئة بالمعتقلين، حيث يمضي بعضهم أشهراً في الاعتقال ويتعرّض للتعذيب الشديد".
أضاف: "رغم كلّ ما تقوم به حماس من اعتقالات وملاحقات، إلاّ أنّ جماهير غزّة خرجت إلى الشوارع في حفل انطلاقة الثورة بغزّة في 1 كانون الثاني/يناير من عام 2020، في اشارة منه الى الاحتفال الذي أقيم في غزة بمناسبة الذكرى الـ 55 لتأسيس حركة فتح، وهو الأمر الذي يدلّل على أنّ الأغلبيّة في غزّة تؤيّد فتح، وأنّ الأقليّة في قطاع غزّة (حماس) تحكم الأغلبيّة، وتمارس القمع ضدّها".
ونفى المصدر مقارنة ما تتعرّض له عناصر "فتح" في غزّة مع ما تتعرّض له عناصر "حماس" في الضفّة، قائلاً: "إنّ مستوى الحريّات في الضفّة أعلى بكثير من الحريّات في غزّة، فحماس تمارس حالة إرهاب على كلّ نشاطات حركة فتح، بوتيرة مرتفعة. كما سمحت حماس لتيّار القياديّ المفصول من فتح محمّد دحلان بأن يمارس اعتداءاته على عناصر حركة فتح، كأنه ذراع أخرى لحماس تمارس القمع بحقّ أبناء فتح".
من جهته، أشار عضو لجنة الحريّات في الضفّة خليل عسّاف خلال حديث لـ"المونيتور" إلى أنّ الاعتقالات السياسيّة في الضفّة وغزّة لم تتوقّف للحظة، ففي كلّ مرة يكون هناك تقارب بين الحركتين تشتدّ الاعتقالات"، في اشارة منه الى التقارب بين الحركتين بموافقتهما على اجراء الانتخابات
ولفت عساف إلى أنّ الحركتين لا تعترفان بوجود اعتقالات سياسيّة، فـ"حماس" حين يُعتقل أبناؤها في الضفّة تقول إنّ هناك معتقلين سياسيّين في الضفّة، بينما تنفي وجودها في غزّة، وكذلك السلطة الفلسطينيّة، وقال: "إنّ الاعتقال السياسيّ لم يتوقّف لحظة واحدة في الضفّة وغزّة. ولذلك، لا توجد إحصائيّة دقيقة لصعوبة توثيقها"، مضيفاً "لا يمكن أن تتوقّف الاعتقالات، إلاّ بإنهاء الانقسام وسيادة حقيقيّة للقانون".
ومنذ انشاء السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق اوسلو عام 1993 ، بدأت الاعتقالات السياسية في الضفة الغربية وقطاع غزة من قبل الاجهزة الامنية التابعة للسلطة ولكنها اخذت منحى آخر، بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة عام 2007، حيث ارتفعت وتيرة الاعتقالات.
وعن ارتباط الاعتقالات بالتحضيرات لإجراء الانتخابات، قال خليل عسّاف: "إنّ الجميع يعلم أنّ الانتخابات لن تجري. وفي حال جرت، فإنّ الطرف الخاسر في الانتخابات لن يسلّم إلى الطرف الفائز" حسب قوله، في إشارة منه إلى عدم تسليم حركتي فتح وحماس في حالة خسارة اي منهما .
وشدّد على "أنّ الانتخابات في حاجة إلى ثقة بين الطرفين وبيئة قانونيّة وديموقراطيّة، وهي عوامل غير موجودة في الضفّة وغزّة".