القاهرة — عقدت القمّة الثلاثيّة السابعة بين مصر وقبرص واليونان، في 8 تشرين الأوّل/أكتوبر، بقصر الاتحاديّة في القاهرة برئاسة الرئيس عبد الفتّاح السيسي وحضور رئيس قبرص نيكوس أناستاسيادس ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس.
وقال عبد الفتّاح السيسي خلال مؤتمر صحافيّ في 8 تشرين الأوّل/أكتوبر: إنّ القمّة الثلاثيّة بين مصر وقبرص واليونان أكّدت أهميّة الاستمرار بالتنسيق المشترك في قضيّة الهجرة غير الشرعيّة. كما جدّدت القمّة دعمها جهود الحكومة القبرصيّة الرامية إلى تحقيق التنمية والسلام.
ورحّب بالتوقيع على اتفاقيّات عدّة خلال أعمال القمّة، أهمّها منع الازدواج الضريبيّ بين مصر وقبرص.
من جهته، قال المتحدّث الرسميّ باسم رئاسة الجمهوريّة السفير بسّام راضي، في 8 تشرين الأوّل/أكتوبر: إنّ رئيس قبرص أعرب عن تقدير بلاده لقوّة العلاقات بين البلدين ومتانتها وتقدير بلاده أيضاً لدعم مصر القضيّة القبرصيّة، فيما أعرب رئيس الوزراء اليونانيّ عن ترحيبه بالتقدّم الملحوظ في مستوى التعاون الثنائيّ خلال السنوات الماضية، وحرص بلاده على مواصلة تعميق العلاقات بين البلدين.
ووفق الإعلان المشترك الصادر عن القمّة، في 8 تشرين الأوّل/أكتوبر، شدّد الرؤساء الثلاثة على أهميّة زيادة الجهود المبذولة في سبيل تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة شرق البحر المتوسّط، معربين عن إدانتهم القويّة أيّ محاولة تركيّة لتقويض وحدة الأراضي السوريّة وعن رغبتهم في تعزيز التعاون في مجالات استكشاف الغاز الطبيعيّ ونقله، مؤكّدين ضرورة تعزيز الجهود الدوليّة في مكافحة الإرهاب والتطرّف.
كما أكّدت الأطراف الثلاثة ضرورة وجود دور دوليّ فعّال للتغلّب على الجمود، الذي تشهده مفاوضات سدّ النّهضة.
بدوره، أشار أستاذ العلوم السياسيّة في الجامعة الأميركيّة بالقاهرة مصطفى كامل السيّد خلال اتّصال هاتفيّ لـ"المونيتور" إلى أنّ هذه القمّة ليست الأولى التي يجتمع فيها قادة الدول الـ3، فهذا التقارب بينهم قائم منذ فترة، وقال: "إنّ أهميّة اللقاء في هذا التوقيت تعود إلى حاجة كلّ دولة إلى تأييد الأخرى في ما تواجهه من قضايا مصيريّة."
وكانت القاهرة أعلنت رسميّاً وصول المفاوضات حول سدّ النّهضة الإثيوبيّ إلى طريق مسدودة ورفض إثيوبيا التعاطي مع أطروحات سبق أن تقدّمت بها القاهرة لأديس أبابا والخرطوم. فيما أعلنت أنقرة في 7 تشرين الأوّل/أكتوبر أنّ سفينة الحفر التركيّة ياووز ستبدأ في التنقيب عن الغاز جنوبيّ غرب قبرص.
ورأى مصطفى كامل السيّد أنّ مصر تحتاج إلى تأييد وتعبئة للدعم الدوليّ في موقفها تجاه إثيوبيا في ما يخصّ مفاوضات سدّ النّهضة. كما تحتاج قبرص إلى مثل هذا التأييد في مواجهة تركيا التي تسعى إلى التنقيب عن الغاز في مناطق تعتبرها قبرص جزءاً من منطقتها الاقتصاديّة الخالصة، وقال: "لا أظنّ أنّ لهذا الدعم تأثيراً ملموساً على القرارات (الدولية) في ما يتعلّق بالنزاع بين تركيا وقبرص، فمصر واليونان لا تملكان وسائل ضغط مؤثّرة على تركيا، وكذلك قبرص واليونان لا تملكان وسائل ضغط على إثيوبيا في ما يخصّ مفاوضات سدّ النّهضة، لكنّه في النهاية هو نوع من الدعم السياسيّ من قبل كلّ دولة تجاه الأخرى."
بدوره، لفت عضو المجلس المصريّ للشؤون الخارجيّة (مستقلّ) ومساعد وزير الخارجيّة الأسبق رخا حسن في اتصال هاتفيّ لـ"المونيتور"، إلى أنّ ملف الطاقة، وتحديداً الغاز الطبيعيّ، يعتبر من أهمّ الملفّات التي شملتها القمّة، إضافة إلى العلاقات الثنائيّة بين كلّ دولة وأخرى في مجالات التجارة والاستثمارات المشتركة، خصوصاً في ظلّ اهتمام قبرص واليونان بالاستثمار في منطقة محور قناة السويس واهتمام مصر بالاستفادة من قبرص واليونان في مجال إدارة الموانئ، وقال: إنّ المباحثات تطرّقت إلى القضايا الإقليميّة مثل مكافحة الإرهاب وأزمتيّ سوريا وليبيا وما ينتج منهما من هجرة غير شرعيّة عبر البحر المتوسّط، والتي تعتبر مصدر قلق للدول المشاركة في القمّة.
أضاف إنه أمّا في ما يخصّ تزامن هذه القمّة مع توتّرات مفاوضات سدّ النّهضة والأزمة بين تركيا وقبرص، فالدعم المقدّم من الدول الـ3 إلى بعضها يعتبر دعماً سياسيّاً ليس له تأثير قويّ على القرارات السياسيّة للدول الأخرى أطراف النزاع.
وترتبط مصر وقبرص بعلاقات سياسيّة جيّدة، إذ وقّع البلدان بروتوكولاً للتشاور السياسيّ بين وزارتيّ الخارجيّة خلال عام 2002 عقدت بموجبه 3 جولات من المشاورات، آخرها في القاهرة في حزيران/يونيو من عام 2011.
وكذلك، ترتبط مصر واليونان بعلاقات ثنائيّة طيبّة، فعلى المستوى السياسيّ هناك تقارب في الرؤى تجاه مختلف القضايا الإقليميّة والدوليّة عموماً. كما يعدّ التدريب المصريّ - اليونانيّ "ميدوزا" أحد أبرز الأنشطة المنفّذة في إطار خطّة التدريبات المشتركة للقوّات المسلّحة، فضلاً عن اتفاقيّة الربط الكهربائيّ بين الدول الـ3 في 22 أيّار/مايو الماضي، وفق موقع الهيئة العامّة للاستعلامات (حكوميّة). فيما بلغ حجم التبادل التجاري مع قبرص 180 مليون يورو (حوالي 198 مليون دولار)، و400 مليون يورو (حوالي 441 مليون دولار) مع اليونان خلال عام 2017، وفق تصريحات وزير التجارة والصناعة المصري طارق قابيل على هامش فعاليات منتدى الأعمال "المصري اليوناني القبرصي" بمدينة الإسكندرية في 1 أيار/مايو 2018.
وقال المتخصّص في الشأن التركيّ بمركز الأهرام للدراسات السياسيّة والاستراتيجيّة بشير عبد الفتّاح في مداخلة هاتفيّة ضمن برنامج "حضرة المواطن" المذاع على فضائيّة "الحدث اليوم" في 8 تشرين الأوّل/أكتوبر: "إنّ القمّة الثلاثيّة بين مصر وقبرص واليونان حملت رسائل شديدة القوّة إلى الجانب التركيّ، وتكتسب أهميّتها من توقيتها لأنّه يأتي بالتزامن مع التهديدات التركيّة بالتنقيب عن الغاز في المياه الإقليميّة القبرصيّة."
أضاف: "إنّ القمّة حملت رسالة تحذير إلى تركيا، وهي أنّها إذا استمرّت في خرق القانون الدوليّ، فإنّ الدول الـ3 ستتّخذ موقفاً حاسماً يدعمه الاتحاد الأوروبيّ الذي وقّع عقوبات سابقة على تركيا."
وقال مساعد وزير الخارجيّة الأسبق حسين هريدي في تصريح لموقع "الهلال اليوم" (قوميّ) بـ8 تشرين الأوّل/أكتوبر: إنّ القمّة الثلاثيّة تعقد في إطار مبادرة شرق المتوسّط (إعلان القاهرة)، التي طرحتها مصر في 8 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2014، بهدف التعاون والتنسيق بين الدول الـ3 في قضايا الغاز والطاقة والموارد النفطيّة في شرق المتوسط والمجالات كافّة.
وأشار إلى أنّ الدول الـ3 تسعى إلى تعزيز التعاون والاستقرار في شرق المتوسّط (...)، لافتاً إلى أنّ القمّة تعتبر رسالة، وهي أنّه رغم الظروف المعقّدة في المنطقة، إلاّ أنّ الدول الـ3 لا تزال متمسّكة بهذه المبادرة وأهدافها.