القاهرة — أعلن مساعد وزير الصحّة والسكّان المصريّ للعلاقات الخارجيّة محمّد جاد، في 5 نيسان/أبريل، اتّفاقه مع وزارة الصحّة السودانيّة على وصول قوافل طبّيّة مصريّة إلى هناك، لعلاج مواطني السودان من مرض التهاب الكبد الوبائيّ "سي" خلال الأسابيع المقبلة، على أن تتكفّل مصر بتوفير جرعات العلاج مجّاناً، بحسب تصريح أوردته وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسميّة.
كانت الحكومة المصرية بدأت في منتصف آذار/مارس الماضي، الاستعداد لتنفيذ عدد من المبادرات الصحّيّة الموجّهة إلى علاج المواطنين الأفارقة، تزامناُ مع رئاسة مصر للاتّحاد الأفريقيّ، في مطلع شباط/فبراير الماضي، في الرئاسة الدوريّة المصريّة الأولى للاتّحاد.
وفي الجلسة الختاميّة لملتقى الشباب العربيّ الأفريقيّ في أسوان (جنوب مصر)، التي عقدت في 17 آذار/مارس الماضي، أصدر الرئيس المصريّ عبد الفتّاح السيسي عدداً من التوصيات، كان من بينها إطلاق مبادرة مصريّة من أجل القضاء على فيروس التهاب الكبد "سي" لمليون أفريقيّ، إلى جانب إطلاق مرحلة جديدة من حملة "100 مليون صحّة"، للّاجئين في مصر والذين وصفهم بـ"الضيوف المقيمين في مصر".
بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون الآجئين،يُقدر عدد اللاجئين في مصر (المسجلين لدى المفوضية) بـ 280 ألف شخص عام 2019، من بينهم لاجئين أفارقة من: إريتريا وإثيوبيا وجنوب السودان والسودان، وكذلك من دول عربية: العراق وسوريا واليمن.
وأشادت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنظمة الصحة العالمية، بإطلاق مرحلة جديدة من حملة "100 مليون صحة"؛ لعلاج اللاجئين من فيروس التهاب الكيد الوبائي (سي) والأمراض غير السارية (الضغط - السكري – السمنة)، وذلك بحسب بيان مشترك صادر عن المنظمتين، يوم 9 نيسان/أبريل الجاري.
كانت مصر أطلقت المرحلة الأولى من حملة "100 مليون صحّة"، في مطلع تشرين الأوّل/أكتوبر من العام الماضي، للقضاء على فيروس التهاب الكبد "سي"، والكشف عن الأمراض غير السارية (الضغط – السكّري – السمنة)، للمواطنين المصريين.
وزار وفد من وزارة الصحّة والسكّان المصريّة، في 5 نيسان/أبريل الجاري، تشاد للتعاون في إطار مبادرة علاج مليون مواطن أفريقي من فيروس "سي"، ومعرفة احتياجاتهم في هذا الإطار.
وقال مصدر في وزارة الصحّة والسكّان المصريّة في تصريحات خاصّة إلى "المونيتور"، إنّه "يجري حالياً تصميم نظام إلكترونيّ خاصّ بمبادرة علاج مليون أفريقيّ من فيروس "سي"، لتسجيل بياناتهم والمعلومات عن حالتهم الصحّيّة ومتابعتهم أثناء مراحل العلاج، إضافة إلى تسجيل اللاجئين المتواجدين في مصر على النظام الإلكترونيّ الخاصّ بمبادرة "100 مليون صحّة" والذي يعمل حاليّاً".
وأوضح المصدر أنّه يتمّ التنسيق مع وزارة الخارجيّة المصريّة لاختيار البلاد الأفريقيّة التي سيبدأ العمل بها لتنفيذ مبادرة علاج مليون أفريقيّ من فيروس "سي"، (لم يتمّ تحديد القائمة النهائيّة لهذه الدول)، وبحث موعد تطبيق المبادرة في هذه البلاد، والتواصل مع السفارات الأفريقيّة في القاهرة لإمدادها بأعداد المواطنين المصابين بفيروس "سي" لديهم.
وإلى جانب تلك المبادرات، بحثت وزيرة الصحّة والسكّان المصريّة هالة زايد، مع مدير عامّ منظّمة الصحّة العالميّة تيدروس أدهانوم غيبريسوس في 14 آذار/مارس، بمقر منظمة الصحة العالمية بسويسرا، إمكان نقل تجربة مصر في مسح المواطنين من فيروس "سي" والأمراض غير السارية وعلاجهم، إلى عدد من الدول الأفريقيّة، في إطار ترؤّس مصر الاتّحاد الأفريقيّ، حيث اتفق الجانبان على أن تقدم منظّمة الصحّة العالميّة الدعم الفنّيّ، وتدريب الأطقم الطبّيّة، في الوقت الذي ترسل مصر فرقاً طبّيّة إلى الدول الأفريقيّة، وتعالج المرضى الأفارقة بالدواء المصريّ لفيروس "سي".
وبدأت مصر رحلة علاج مواطنيها من مرض التهاب الكبد (سي) عام 2014، لتحتفل في تشرين الأول/أكتوبر 2016، بانتهاء قوائم المرضى الذين كانوا ينتظرون بالشهور للحصول على دورهم في العلاج. ثم أطلقت مصر المرحلة الأولى من حملة "100 مليون صحّة"، في مطلع تشرين الأوّل/أكتوبر من العام الماضي، للقضاء على فيروس التهاب الكبد "سي" نهائياً، والكشف عن الأمراض غير السارية (الضغط – السكّري – السمنة)، للمواطنين.
وفي اللقاء ذاته أشارت وزيرة الصحّة والسكّان إلى استعداد مصر للمساهمة في علاج الملاريا في عدد من الدول الأفريقيّة (لم تعلن عنها) عبر التعاون مع منظّمة الصحّة العالميّة التي تحدّد احتياجات هذه الدول، وتقدّم مصر العلاج اللازم لها.
ويرى محلّلون وباحثون في الشأن الأفريقي في حديثهم إلى "المونيتور" أنّ هذه المبادرة تدعم المساعي المصريّة لتوطيد علاقاتها مع دول القارّة الأفريقيّة، خصوصاً أنّها خدمات تلمس المواطنين الأفارقة في الدرجة الأولى، ممّا يكون له أثر إيجابيّ على توطيد العلاقات بين الشعوب والحكومات.
وقالت مساعدة وزير الخارحيّة المصريّة الأسبق للشؤون الأفريقيّة منى عمر، في تصريحات هاتفيّة إلى "المونيتور" إنّ "المبادرات الصحية تدعم الدور المصريّ في القارة الأفريقيّة وتجعل نفوذ مصر وتأثيرها أقوى، وكلّها عوامل تتضافر للتقريب بين شعب مصر وباقي الشعوب الأفريقيّة، لأنّها تمسّ أهمّ مقوّمات التنمية المستدامة".
ولفتت إلى أنّ مصر طالما دعمت دولاً أفريقيّة بالكثير من القوافل الطبّيّة وكانت الأطقم الطبّيّة تنتقل إلى هذه البلدان، ممّا يوفّر على مواطنيها تكلفة السفر والعلاج.
وبحثت لجنة الشؤون الأفريقيّة في مؤسسة الأزهر، في 7 آذار/مارس، مضاعفة عدد القوافل الطبّيّة والإغاثيّة التي يرسلها الأزهر إلى مختلف دول القارة الأفريقيّة، بعد تنظيم 11 قافلة طبّيّة وإغاثيّة إلى دول النيجر والصومال والسودان ونيجيريا وتشاد وأفريقيّا الوسطى وبوركينا فاسو في السنوات القليلة الماضية.
بحسب مصدر في مؤسسة الأزهر، تحدث لـ"المونيتور"، بدأ إرسال هذه القوافل إلى الدول الأفريقية عام 2012، بقافلة طبية إلى دولة السودان؛ لعلاج بعض المرضى هناك.
وإلى جانب ذلك، أعلن نائب رئيس جامعة الإسكندريّة علاء رمضان، في بيان في 18 آذار/مارس، أن الجامعة بصدد تنظيم قوافل طبّيّة إلى عدّة دول أفريقيّة، هذا العام، منها غينيا وتنزانيا وتشاد، في تخصّص طبّ العيون وجراحتها.
وقالت مديرة البرنامج الأفريقيّ في مركز الأهرام للدراسات السياسيّة والاستراتيجيّة الدكتورة أماني الطويل، في تصريحات خاصّة لـ"المونيتور"، إنّ تنفيذ المبادرات الصحّيّة المصريّة في الدول الأفريقيّة، بعلاج مليون أفريقي من فيروس سي، وعلاج اللاجئين بحملة (100 مليون صحة)، له تأثير كبير في العلاقات الثنائيّة مع هذه الدول، خصوصاً أنّها تختصّ في شأن المواطن نفسه ومعاملته على قدر المساواة مع المواطن المصريّ نفسه.
وأضافت: "هذه مسألة مهمّة تشير إلى اهتمام مصريّ حقيقيّ، في ما يتعلّق بالمواطن الأفريقيّ، لكنّني أرى أنّ مثل هذه التوجّهات تتجاوز رئاسة مصر للاتّحاد الأفريقيّ، بقدر رؤية مصر لتعميق علاقاتها بالدول الأفريقيّة".
وفي شأن تأثير هذه المبادرات والقوافل الطبية على العلاقات بين مصر والدول الأفريقيّة، تابعت بالقول: "نحن نسير على الطريق الصحيح، لكنّنا لا نزال في حاجة إلى استثمارات مباشرة وتنفيذ برامج تنمويّة، وجهود إضافيّة خارج النطاق الرسميّ سواء من مؤسّسات المجتمع المدنيّ أم جهود برلمانيّة مشتركة".