القاهرة - آية عزب، 26 عاماً، وهي خريجة كليّة التجارة من جامعة القاهرة، وإحدى الفتيات اللواتي صدر بحقهن قرار تعيين فى 11 أغسطس من جانب بنك فيصل الإسلامى للعمل داخله، بعدما أقرّ البنك، للمرّة الأولى، في 31 تمّوز/يوليو، فتح الباب أمام تعيين الإناث في كلّ الفروع، بعد 38 عاماً عمل فيها داخل مصر من دون توظيف سيّدات في البنك.
وتقدمت آية لشغل الوظيفة التى أعلن عنها "بنك فيصل" والتى شملت خدمة عملاء، ائتمان، تيلر، بعد سنوات من العمل خارج مجال تخصّص دراستها. تحدّثت في مقابلة مع "المونيتور" عن الصعوبات التي واجهتها للالتحاق للعمل فى القطاع المصرفيّ على مدار 5 سنوات، وقالت: "أنا حائزة على تقدير جيّد جدّاً من قسم المحاسبة فى كلية التجارة التى درست فيها، وخضعت لأكثر من دورة تدريبيّة فى مراكز تعليمية خاصة لرفع كفائتى، وتقدّمت للعمل في أكثر من بنك، لكنّي قوبلت بالرفض بسبب التفضيل الدائم للذكور، بسبب الاعتقاد بأنّهم أكثر تحمّلاً وصبراً من الإناث".
وأكّدت أنّ الأسئلة خلال المقابلة التى تمت معها للعمل فى بنك فيصل، لم تكن الأسئلة بغالبيّتها التي وجّهت إليها فيها جانب تمييزيّ يتعلّق بكونها سيّدة، فكانت كلّها تتعلّق بالتخصّص"، وقالت: "أحلم بالترقّي داخل العمل في القطاع المصرفيّ كحال العديد من السيّدات اللواتي نجحن في الوصول إلى مناصب قياديّة داخل الجهاز المصرفيّ، وتجاوز الصعوبات كالسيدة لبنى هلال، أول سيدة تتولى منصب نائب محافظ البنك المركزي.”
يذكر بنك فيصل الإسلامى على موقعه الرسميّ أنّه "أوّل بنك إسلاميّ مصريّ، أسسه محمّد الفيصل آل سعود، والذى توفى فى عام يناير عام2017، وهو الابن الثاني للملك الراحل فيصل بن عبدالعزيز.
وأشار محافظ "بنك فيصل الإسلاميّ المصريّ" عبد الحميد موسى في 31 تمّوز/يوليو خلال تصريحات صحافيّة لجريدة "المصري اليوم" إلى أنّ المصرف أقرّ للمرّة الأولى فتح الباب أمام تعيين الإناث فى كلّ الفروع، وفقاً للحاجات في القطاعات المختلفة، وذلك ضمن توجّه الدولة ال1ى يدعم مساواة حقوق المرأة بالرجل، موضحاً إنّ “الأشهر القليلة المقبلة ستشهد إجراءات عمليّة لاختيار إناث للتعيين من بين المتقدّمين، لكنّه لم يذكر عدد المتقدّمات.”
ولفت إلى أنّ هذا “التوجّه لا علاقة له باالحقوق التى منحتها المملكة العربيّة السعوديّة للمرأة، لا سيّما أنّ البنك مصريّ يعمل في السوق المحليّة.”
ولم يجب عبد الحميد موسى على أسئلة مراسل "المونيتور" في اتّصال هاتفيّ عن أسباب عدم تعيين سيّدات في وظائف داخليّة على مدار السنوات السابقة، واكتفى بالتعليق: "الدولة لم تطالبنا بشكل رسمى لتعيين إناث؛ فالأمر يخضع لأمور داخليّة داخل البنك، ونحن نقدّر المرأة، وستكون عنصراً فعّالاً ومهّمّاً في السنوات المقبلة".
وكانت النائبة البرلمانيّة الدكتورة إيناس عبد الحليم قد قدّمت استجواباً في 31 أيّار/مايو إلى رئيس الوزراء آنذاك المهندس شريف إسماعيل، بشأن ما تردّد عن "أنّ بنك فيصل الإسلاميّ لا يقبل بتوظيف النساء ضمن فريق عمله"، مؤكّدة أنّ البنك يرتكب مخالفة دستوريّة صريحة لنصّ المادّة التاسعة من الدستور، والتي تنصّ على أن تلتزم الدولة بتحقيق تكافؤ الفرص بين جميع المواطنين من دون تمييز، مطالبة شريف إسماعيل بالتحقيق في الواقعة، "لما تشكّله من خطورة جسيمة وردّة دستوريّة ومجتمعيّة".
بدورها، أشارت سهر الدماطي، التي اعتلت مناصب قياديّة في بنوك أجنبيّة وهي أوّل نائبة سيّدة لبنك مصر، أحد أكبر المصارف المصريّة الحكوميّة، في اتصال هاتفيّ مع "المونيتور" إلى أنّ السيّدات في مصر يشغلن مواقع قياديّة داخل القطاع المصرفيّ سواء أكان في القطاع العام أم الخاص، ولا توجد قيود إداريّة على الترقّي في داخله، موضحة أنّ خصوصيّة وضع "بنك فيصل الإسلاميّ" التي تتعلّق بالسياق الإداريّ وصلة مؤسّسيه بالسعوديّة هما السبب الرئيسيّ وراء التشدّد في تعيين السيّدات على مدار السنوات السابقة.
ولفتت الدماطى التي اعتلت مناصب قياديّة في بنوك أجنبية، كتوليها منصب كبير محللى الائتمان ومسئولة التسويق بالبنك التجارى الدولى، إلى أنّ عدد السيّدات العاملات في القطاع المصرفيّ منخفض، إذا ما قورن بقطاعات أخرى، وذلك بسبب التأثر بالفتاوى الدينيّة الجاهلة التي قالت إنّ العمل في البنوك "حرام" للرجل والمرأة، مؤكّدة أنّ البوك المحليّة في مصر ينبغي أن تتّبع سياسات البنوك الأجنبيّة نفسها في منح فرص متساوية للرجل والمرأة، وأن تكون الكفاءة هي المعيار الرئيسيّ للترقّي.
وفسّرت الدماطي التحرّك الإيجابيّ لـ"بنك فيصل" أخيراً بفتح الباب أمام تعيين السيّدات بالتغييرات الكبيرة في السعوديّة، والتي تعلّقت بتخفيف القيود على المرأة.
وبحسب بيانات نشرة العاملين في الحكومة طبقاً للنشاط الاقتصاديّ عام 2016/2017، والمنشورة على موقع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإنّ نسبة العاملات في القطاع الماليّ والاقتصاديّ بلغت نحو 29.8 في المئة من إجماليّ نسبة عدد السيّدات العاملات في مصر، والتي تقدّر بنحو 22.9 في المئة من إجماليّ قوّة العمل.
لا ينفصل قرار البنك، الذي يقول إنّه يعمل وفقاً للشريعة الإسلاميّة بتعيين الإناث عن جملة التغييرات الاجتماعيّة سواء أكانت في مصر أم في السعوديّة من أجل منحهنّ حقوقهنّ الكاملة، لكنّها تظلّ حقوقاً منقوصة طالما أنّها لم تقترن بمنحهنّ حقوقهنّ السياسيّة.