أعدّت وزارة الأوقاف المصريّة خطّة جديدة للعمل الدعويّ فى شهر رمضان الجاري، وذلك فى 13 مايو تضمّنت السماح للمرّة الأولى لواعظات جرى تعيينهنّ فى الوزارة خلال شباط/فبراير من عام 2017، بتقديم دروس دينيّة فى المساجد الكبرى، خلال شهر رمضان، فضلاً عن مهامّ أخرى كتنظيم جولات فى بعض القرى والقيام زيارات لعدد من المصالح الحكوميّة لوعظ السيّدات العاملات عن قيم الإسلام. وكانت وزارة الأوقاف قد أصدرت قراراً فى 13 شباط/فبراير من عام 2017 بتعيين 144 فتاة وسيّدة في مهنة الواعظ الدينيّ بالمساجد وتقديم دروس دينيّة، قبل أن تصدر الوزارة قرارات تعيين بحق آخرين حتى بلغت أعدادهم نحو 300 واعظة، واللاتى بدأن أولى مهامهم الدعوية فى شهر رمضان بعد عام من التدريب .
وأكّد رئيس القطاع الدينيّ في وزارة الأوقاف جابر طايع خلال اتّصال هاتفيّ مع "المونيتور" أهميّة دور المرأة كداعية، خصوصاً فى شرح قضايا المرأة الدينيّة وتفسيرها، موضحاً أنّ هؤلاء الواعظات جرى تعيينهنّ بعد اجتياز الاختبارات المطلوبة، وتتضمّن مهامهنّ العمل في المساجد المختلفة لتعليم النساء أمور دينهنّ فى المساجد والحلقات الخاصّة، فضلاً عن القيام بزيارات لعدد من المصالح الحكوميّة لتعريف السيّدات العاملات بقيم الإسلام، وقال: إنّ الوزارة صمّمت خطّة دعويّة خاصّة لتنشيط مهامّ هؤلاء الواعظات خلال شهر رمضان عبر توزيعهنّ على كبرى المساجد فى القاهرة وعدد من المحافظات، وتخصيص لهنّ أوقات معيّنة لتنظيم بعض الدروس الدينية على فترات مختلفة، وقال: إنّ عدد الواعظات المشاركات في الخطّة الدعويّة لشهر رمضان يبلغ قرابة الـ300 واعظة، وإنّ عملهنّ مستمرّ إلى ما بعد شهر رمضان، خصوصاً أنّنا نهدف إلى أن يصل عدد الواعظات إلى 2000 واعظة، بواقع واعظة في كلّ مسجد وجامع وذلك خلال السنوات المقبلة، خصوصاً أن الوزارة لاتزال مستمرةر فى تلقى الطلبات.
وأوضح أن الواعظات اللاتى جرى تعيينهم فى شهر يوليو العام الماضي مروا بفترة إعداد طويلة تضمنت دورات فى الخطابة والمجال الدعوى وذلك بوزارة الأوقاف، قبل الدفع بهم بعدد من المساجد فى شهر رمضان الجاري للمرة الأولى، مؤكداً أن فترة الإعداد الطويلة لهن من أجل تمكينهم من أدوات مخاطبة جمهورهم من السيدات.
وعن القيود على مهامّ عمل هؤلاء الداعيات، قال جابر طايع: إنّ الوزارة وضعت شروطاً ينبغي على الواعظات تجنّبها، وهي جمع التبرّعات، وإعطاء الدروس في المنازل أو استبدالها والاعتذار عنها من دون علم الوزارة، أو السماح لمتطرّفة بإلقاء الدروس".
وأشارت وفاء عبد السلام ل"المونيتور"، التي تكتب مقالات في عدد من الصحف عن الدين، وهي إحدى الواعظات التي صدر في حقّها قرار تعيين من قبل وزارة الأوقاف، بعد تجاوزها اختبارات فى القرآن والفقه والسيرة والحديث قبل تعيينها، إلى أنّها تعمل في مجال الدعوة الإسلاميّة منذ 15 عاماً، وأنّ وزارة الأوقاف حدّدت للواعظات الحديث في قضايا حول فقه أحكام الصيام للمرأة، وطلبت منهنّ بالتركيز على الأخلاقيّات والإيمانيّات والإنسانيّات، وقالت: إنّ عمل الواعظات يتركّز على تعليم النساء كيفيّة تحسين أخلاقهنّ وأصول التعامل مع أزواجهنّ وجيرانهنّ وأبنائهنّ لتحقيق السلام الداخليّ، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على المجتمع بأسره.
بدورها، قالت الواعظة والداعية الإسلاميّة فى وزارة الأوقاف يمنى ناصر خلال مقابلة تلفزيونيّة لبرنامج "استديو الشارع" في 2 حزيران/يونيو: "إنّ وجود المرأة في العمل الدعويّ أمر مهمّ حتّى لا تترك المساجد ودروس النساء الدينيّة لغير المتخصّصات".
وأوضحت أنّ واعظات الوزارة موجودات في أماكن كثيرة وضمن مواعيد مختلفة للإجابة على أسئلة جميع السيّدات واستفساراتهنّ.
وعلى خلاف عبد السلام، رأت يسريّة عبد العزيز، 52 عاماً، والتي حضرت إحدى الدروس الدينيّة لواعظة من واعظات وزارة الأوقاف في مسجد شرق القاهرة، خلال مقابلة مع "المونيتور" أنّ أداء هؤلاء الواعظات ضعيف للغاية، ويتجنّبن الإجابة على أسئلة عدّة تطرحها المشاركات في هذه الدروس لأسباب سياسيّة، وكذلك بسبب القيود الموضوعة عليهنّ، موضحة أنّ أحد هذه المواقف كان حين سألت الواعظة التي تتبع وزارة الأوقاف سؤالاً عن الحريّات في الإسلام، فرفضت الإجابة، وأكّدت لها أنّ مهامها الالتزام بالدروس التي حدّدتها وزارة الأوقاف في الشرح.
من جهته، قال عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميّة التابع لوزارة الأوقاف عبد الغني هندي فى اتصال هاتفيّ مع "المونيتور": إنّ الدفع بالنساء من قبل وزارة الأوقاف في مجال الدعوة هو محاولة حقيقيّة لسدّ كلّ الطرق أمام التنظيمات الدينيّة الآخرى التي استخدمت المرأة والدروس الدينيّة كمدخل أساسيّ لنشر أفكارها المتطرّفة بين الأسر المصريّة.
وقال هندي أن قرار تعيين عدد من الواعظات بدأ العام الماضى تبعها خطة طويلة استمرت مايُقارب العام من جانب وزارة الأوقاف لتمكينهم دعوياً ونفسياً ولغويا لمخاطبة جمهورهم من لسيدات وإقناعهم، وأن هذه الخطة تضمنت دورات تدريبية لهؤلاء الواعظات بالتعاون مع المجلس القومى للمرأة .
وأوضح أن وزارة الأوقاف اشترطت على المتقدمة لاختبارات التعيين أن تكون خريجة جامعة الأزهر الشريف أو المعاهد الأزهرية، موضحاً أن باب التسجيل لايزال مفتوحاً أمام من ترى نفسها مؤهلة لهذا الدور والذى يتضمن تقديم الأوراق تثبت تطابق الشروط عليها، وبعد ذلك تخوض اختبارات فى العلوم الشرعية واللغة العربية.
وفي مقابل ذلك، رأت مسؤولة برنامج النساء والعمل في مؤسّسة المرأة الجديدة منى عزّت في تصريحات لـ"المونيتور" أنّها لا تستطيع أن تحكم على إيجابيّة القرار من عدمه، إلاّ إذا كان مقترناً بصلاحيّات واسعة لعمل هؤلاء الواعظات فى تناولهنّ للقضايا، والتي تتضمّن حريّة النقاش، وفتح الباب أمام اجتهادات لهؤلاء الواعظات فى تفسير القضايا الشرعيّة من دون قيود أو رقابة من قبل وزارة الأوقاف، خصوصاً في ظلّ سطوة الوزارة الكبيرة على عمل الدعاة الذكور والتى تسرى على الواعظات كذلك، وقالت: إنّ عمل المرأة فى مجال الدعوة الدينيّة هو حقّ أصيل لها، ولا ينبغي تصوير الأمر كأنّه حقّ مكتسب.
وأوضحت أنّ "قصر مهمّة تفسير الدين على الرجال هو شكل من أشكال التمييز والإقصاء للمرأة، لا سيّما أن هؤلاء الدعاة الذكور ليسوا على معرفة كاملة بظروف المرأة للإجابة على أسئلتها الشرعيّة".
تكتسب خطّة وزارة الأوقاف لتجديد الخطاب الدينيّ عبر تفعيل مهام عمل واعظات سيّدات في المساجد لتقديم الدروس الدينيّة، أهميّة حقيقيّة بالحريّة الممنوحة لهنّ لمناقشة كلّ القضايا الدينيّة من دون قيود على الاجتهادات الدينيّة أو ضوابط سياسيّة للحيلولة دون الحديث عن قضايا بعينها.