تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

غزلان الريم النادرة في العراق... مخاطر من الانقراض ومحاولات للإنقاذ

ينظر بعض العراقيّين إلى غزلان الريم النادرة كسلعة تجاريّة يتاجر بها على مواقع التوصل الاجتماعيّ، فيما يلاحقها الصيّادون للاستفادة منها كغذاء.
Iraq_Gazelle.jpg

بغداد - عرض أحمد أحمد على موقع التواصل الاجتماعيّ "فيسبوك" إعلاناً في 10 كانون الثاني/يناير الحاليّ لبيع عدد من الغزلان المهدّدة بالانقراض، ليزداد أعداد الذين يبيعون الحيوانات النادرة في العراق على منصّات التواصل الاجتماعيّ.

وإنّ الغزلان هي بريّة من نوع الريم الشهير المهدّد بالانقراض، مصدرها محميّة الغزلان في ديالى، فيما برزت صفحة "بيع وشراء غزلان الريم" على "فيسبوك" كمنصّة تجاريّة متخصّصة في بيع الحيوانات النادرة.

وفي هذا السياق، نفى عضو مجلس ناحية مندلي حيث تقع المحميّة حيدر المندلاوي في حديث لـ"المونيتور" أن تكون محميّة ديالى مصدر الغزلان المعروضة للبيع، مشيراً إلى أنّ "المحميّة لها نظامها وإدارتها التي لا تسمح بتجاوزات كهذه"، وقال: "إنّ الكثير من العراقيّين من هواة الصيد ينشطون في الصحراء والبراري العراقيّة الواسعة، ويعرضون طرائدهم من طيور وحيوانات نادرة للبيع في الأسواق المخصّصة وعلى الإنترنت على حدّ سواء".

أضاف: "رغم أنّ محميّة ديالى ينتابها الإهمال ونقص الخبرات المتخصّصة والأيدي العاملة والخدمات الصحيّة الجيّدة، إلاّ أنّها من أكثر المحميّات في عدد الغزلان البالغة في الوقت الحاضر 110 غزالاً".

إهمال المحميّات، الذي حذّر منه حيدر المندلاوي، أطلقه أيضاً مسؤولون حكوميّون محليّون في ديالى بـ18 تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2017، محذّرين من انهيار المحميّة إذا لم تتمّ تلبية حاجاتها.

وتبدو مثل هذه الأخبار مثيرة، إذا ما عرفنا أنّ غزال الريم البريّ، الذي يتميّز بجمال الشكل والرشاقة ولونه المائل إلى الأحمر الفاتح في الظهر، في حين يكون لون بطنه أبيض، من الحيوانات التي شهدت تقلّصّاً حادّاً في أعدادها خلال العقود الثلاثة الماضية.

إنّ المخاطر من الانقراض دفعت بوزارة الزراعة إلى إنشاء محميّات لها في البلاد مثل محميّة الريم للغزلان في محافظة ميسان، التي تأسّست خلال عام 2012 بـ25 غزالاً بهدف زيادة أعدادها وحمايتها من الانقراض.

وأشار علي حسن، وهو أحد المشرفين على المحميّة، في اتّصال معه، إلى أنّها "تمتدّ على مساحة تصل إلى أكثر من 500 دونم بالقرب من الحدود الإيرانيّة، وهي منطقة اشتهرت في الماضي بكثرة الغزلان التي انقرضت مع مرور الزمن"، وقال: "إنّ المنطقة بعيدة عن الناس، ولا يزورها أحد، فيما تمثّل الحيوانات المفترسة الخطر الداهم عليها لأنّها تحفر الأرض من تحت السياج المعدنيّ المشبّك لاقتحام المحميّة".

وكحال كلّ المحميّات في البلاد، قال علي حسن: "إنّ المحميّة تدار بتقنيّات بدائيّة، وهي تخلو من كاميرات المراقبة والموظّفين الصحيّين والاختصاصيّين في تربية الحيوانات، وتقتصر على الحرّاس الذين يحمونها ويطعمون الغزلان في الوقت نفسه".

وفي حين تشترك المحميّات في المشاكل التي تحدّث عنها حسن، فإنّ محميّة ساوة للغزلان التي تأسّست في عام 2014 على مساحة 500 دونم، تواجه أيضاً مخاطر الأمراض التي تفتك بالغزلان، وقلّة الأعلاف ونقص التمويل.

ونجحت محميّة "شناغا" في كركوك، التي تمتدّ على مساحة 2800 دونم وبدأت بـ25 غزالاً من فصيلة الريم، في إكثار العدد ليصل إلى 80 غزالاً، فيما كان للأوضاع الأمنيّة تأثيرها على أوضاع المحميّات، حيث لم تسلم الغزلان في محميّة الرطبة بمحافظة الأنبار من الإرهاب، إذ سرقت عناصر تنظيم "داعش"، الذي اجتاح ثلث أراضي العراق في عام 2014، 7 آلاف غزال في شاحنات نقلتها إلى داخل سوريا بعد انسحابها أمام تقدّم القوّات العراقيّة.

إنّ براري العراق غنيّة بالأحياء على اختلاف أنواعها في الصحاري والبراري، وما زال ذلك يغري الصيّادين من دول الخليج، للقيام بمغامرات الصيد والاستكشاف في العراق، رغم أنّ حيوانات كثيرة اختفت مع مرور الزمن.

وأوضح المدير العام لدائرة التوعية والإعلام البيئيّ في وزارة الصحّة والبيئة أمير الحسّون في حديث لـ"المونيتور" أنّ "الاستيطان البشريّ والغطاء النباتيّ أسهما أيضاً إلى حدّ بعيد في انحسار التنوّع البيئيّ"، داعياً إلى "إصلاح البيئة، لا سيّما في المناطق حيث تتواجد الأحياء النادرة، وتفعيل القوانين التي تحاسب الذين يتجاوزون على الأحياء النادرة، لا سيّما الغزلان".

وفي الوقت ذاته، رأى أنّ ظواهر المتاجرة بالأحياء النادرة هي "نتاج نقص في الوعي البيئيّ لدى المواطن"، معتبراً أنّ "انشغال الدولة منذ عام 2003 بالمشاكل السياسيّة والأمنيّة حال دون أن تكون معالجات البيئة في سلّم الأولويّات"، وقال: "إنّ الخطط المستقبليّة تتضمّن دعوة المنظّمات الدوليّة المعنيّة إلى مساعدة العراق في تطوير المحميّات عبر الاستثمار فيها، وتحويلها إلى مشاريع اقتصاديّة وسياحيّة مربحة".

واتّفق النائب عبد الهادي السعداوي مع أمير الحسّون في وجهة نظره بتفعيل الاستثمار، داعياً عبر "المونيتور" إلى "تطوير المحميّات إلى قرى سياحيّة لأنّها في أوضاعها الحاليّة مشاريع غير مربحة، إذ أنّها عبارة عن كانتونات مغلقة"، لافتاً إلى أنّ "انتهاء الحرب على داعش وتعافي العراق من الأزمة الماليّة يتيحان دعم المشاريع الاستثماريّة الخاصّة التي يجب ألاّ تقتصر على الحكومة، وإنّ على الدولة تشجيع القطاع الخاص على الدخول إلى هذا المجال الداعم للبيئة والاقتصاد على حدّ سواء"، مشيراً إلى أنّ "المرحلة المقبلة ستركّز على هذا النوع من الاستثمار".

هذه الرؤى في الاستثمار تتجسّد بالفعل في تجربة استثماريّة في القطاع الخاص، تتمثل في مزرعة الغزلان ببابل، التي أسّسها أحد المستثمرين وحقّق فيها نجاحاً جيّداً سواء أكان على صعيد الأرباح أم على صعيد المحافظة على الغزال من الانقراض، وتحدّث المستثمر حسين الشمري لـ"المونتيور" عن "مشاريع القطاع الخاص التي أثمرت عن عدد من المزارع التي تُربىّ فيها الغزلان في بابل وبقيّة محافظات العراق".

تشجيع المواطن على التفاعل مع المحميّات وعدم عزلها عنه بشكل تامّ وتحويلها إلى واجهة سياحيّة واستثماريّة ستشجّعه على جلب طرائده من الغزلان إليها مقابل مبلغ ماليّ معيّن، بدلاً من بيعها في الأسواق ومواقع التواصل الاجتماعيّ، وهذا إجراء موقّت إلى حين تفعيل القوانين التي تمنع الصيد العشوائيّ بشكل تامّ.

 

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial