القاهرة: "إنّ الأزمة في التعليم المدرسيّ المصريّ أنّه لا يراعي الفروق الفرديّة لدى الأطفال"، بهذه الجملة بدأت سالي أسامة صاحبة الحملة الأولى لتواقيع الاعتراف بالتعليم المرن أو التعليم المنزليّ حديثها مع "المونيتور".
سالي أسامة هي واحدة من أولياء الأمور المصريّين، الذين اختاروا أن يتمّ تعليم أبنائهم بأسلوب التعليم المنزليّ أو اللامدرسيّ، فلا يوجد تقدير رسميّ بأعدادهم حتّى الآن، نظراً لعدم الاعتراف الرسميّ بهذا النظام من قبل وزارة التربية والتعليم المصريّة، الأمر الذي دفعها إلى تنظيم حملة توقيعات لمطالبة وزير التربية والتعليم المصريّ الدكتور طارق شوقي بالاعتراف بالتعليم اللامدرسيّ.
وقالت أسامة: في بداية البحث عن مدرسة لابني مازن، ,ويبلغ من العمر 8 سنوات ، سمعت عن أسلوب التعليم اللامدرسيّ، لكنّي تخوّفت بسبب انشغالي في العمل. وبالفعل، وقع اختياري على مدرسة جيّدة له، حيث انتظم في الدراسة لمدّة عامين، لكنّي فوجئت بتغيّرات في شخصيّته، منها أنّه أصبح مرهقاً بصورة دائمة وغاب التفكير المنطقيّ لديه، حتّى فوجئت به في العام الثالث يرسم صورة له وهو مقتول وبجانبه سكين ودماء، فكانت الصدمة الأولى بالنّسبة إليّ، إضافة إلى انتظامي كطالبة بكليّة رياض الأطفال حيث فوجئت بأنّ كلّ ما ندرّسه يتنافى مع أسلوب التعليم المدرسيّ، فقرّرت تعليمه وفق أسلوب التعليم اللامدرسيّ.
وأشارت إلى أنّ أهمّ ما في التعليم اللامدرسيّ أنّه قائم على شغف الطفل، بحيث يتمّ اختيار مناهج مختلفة من دول مختلفة تتوافق مع شخصيّته وميوله، وتربّي لديه شخصيّة مستقلّة، ويتعلّم كيفيّة إدارة يومه بصورة مستقلّة وما الموادّ التي سيتذكّرها بنفسه،
وقالت: إضافة إلى ذلك، فإنّ مازن ملتحق بدورات تدريبيّة عدّة كدورة للتمثيل ودورة لدراسة اللغة الفرنسيّة للأطفال في المركز الثقافي الفرنسيّ. كما تعلّم التصوير الفوتوغرافيّ.
وأشارت إلى وجود مساحات عدّة خاصّة بالتعليم اللامدرسيّ باللغة العربية والانجليزية مثل "مساحات" وأكاديميّة "سبع صنايع" و"جينيس أكاديميّ"، وهي أماكن تساعد الأطفال على تنمية مهاراتهم الشخصيّة.
وعن مطالبها من وزارة التربية والتعليم، قالت: "إنّ القواعد الخاصّة بالالتحاق بالجامعات لا تتيح لمن تعلّموا بأسلوب النظام اللامدرسيّ الحصول على مؤهّل جامعيّ سواء من الجامعات الحكومية أو الخاصة. ولذلك، نحن نطالب الوزارة بأن يتمّ الاعتراف بنا، وأن يخضع الأطفال في نهاية كلّ مرحلة تعليميّة إلى امتحان لقياس قدراتهم تحت إشراف المتخصّصين. ونحن على ثقة بأنّ الأطفال الذين تعلّموا بأسلوب التعليم اللامدرسيّ سيتفوّقون على أقرانهم. وأشارت إلى أنّ هناك دولاً كثيرة تعترف بالنظام اللامدرسيّ، منها الإمارات، وكذلك ليبيا".
ولفتت إلى أنّها حاليّاً في طور تجميع التواقيع على البيان المزمع تقديمه إلى طارق شوقي، إلاّ أنّها تلاقي عقبات تتعلّق بتخوّف الأهالي من الإعلان عن أنّ أبناءهم يدرسون بأسلوب التعليم المرن، لأنّ العديد منهم يسجّلونهم بصورة صوريّة في مدارس نظاميّة مع عدم الحضور لكي يستطيعوا الالتحاق بالجامعات بعد الانتهاء من مرحلة التعليم الثانويّ، وهذه الأسر تخشى تعنّت الوزارة في تسجيل أبنائهم بهذه المدرسة، وتجبرهم على الحضور.
وأمام الملتحقين بنظام التعليم المرن 3 خيارات للحصول على الشهادة الجامعيّة سواء من الجامعات الحكومية او الخاصة، طبقاً لصاحب مدوّنة التعليم المرن تيسير حرك، وهي مدوّنة مهتمّة بالتعليم المرن في مصر، وتضمّ إرشادات عدّة حول أسلوب التعليم اللامدرسيّ: الأوّل التسجيل الصوريّ في المدارس النظاميّة، ويكون ذلك بالاتفاق مع إدارة المدرسة، ويحضر الطالب إلى المدرسة فقط للخضوع للامتحانات فقط في نهاية كل فصل دراسي، والثاني عدم التسجيل في أيّ مدرسة والالتحاق بنظام تعليم المنازل بعد الصف الخامس الابتدائيّ – وهو نظام تعليمي يسمح للطلاب بعدم حضور الصفوف والدراسة من المنزل شريطة أن يتم دراسة المناهج المصرية، وهو نظام مصمم خصيصاً لمن تجاوزوا سن الالتحاق بالمدرسة، وبعد انهاء المرحلة الثانوية يلتحق بالجامعة-. أمّا النظام الأخير فهو الخضوع لامتحان "السات" أو ما يعرف بالثانويّة الأميركيّة عند وصول الطفل إلى المرحلة الثانويّة.
من جهته، رفض عضو لجنة التعليم في مجلس النوّاب والحاصل على دكتوراه في طرق التدريس والمناهج من جامعة بني سويف الدكتور عبد الرّحمن برعي الاعتراف بأسلوب التعليم المرن، لأنّه لا ينمّي مهارات الطفل الحياتيّة، وخصوصاً المهارات الاجتماعيّة. كما لا ينمّي لديه الانتماء لوطنه أو لمدرسته، وقال لـ"المونيتور": كلّ المهتمّين بالتعليم في حالة استياء، نظراً لغياب طلاّب الصفّين الثالث الإعداديّ والثالث الثانويّ بسبب عدم وجود درجات لأعمال السنة (أعمال السنة هي درجات تخصّص من كلّ مادّة لنشاط الطلاّب وسلوكهم خلال العام الدراسيّ، وتقدّر بمعرفة المعلّم).
وأشار عبد الرّحمن برعي إلى أنّ المدرسة ليست فقط مكاناً لدراسة العلوم واللغات، لكنّها أيضاً مكان لتعليم الطفل مهارات اجتماعيّة وحياتيّة عدّة، وهو ما لا يتوافر للطالب في نظام التعليم اللامدرسيّ. كما أنّ المناهج التي يتمّ تدريسها في المدارس المصريّة لا تهتمّ فقط بالقواعد العلميّة البحتة، وإنّما تنمّي جوانب كحبّ الوطن والانتماء، وهو ما لن يتوافر في المناهج المستوردة.
بدوره، لفت المتحدّث باسم وزارة التربية والتعليم أحمد خيري لـ"المونيتور" إلى أنّ الوزارة تعترف بنظام التعليم المنزليّ، حيث يمكن لأيّ شخص الالتحاق بنظام تعليم "المنازل" بعد الصفّ الخامس الابتدائيّ، ولكن مع الالتزام بمناهج الدولة، مشيراً إلى أنّ مكتبه ينتظر المذكّرة المزمع تقديمها والخاصّة بالتعليم المرن لعرضها على طارق شوقي واتّخاذ اللاّزم بخصوصها، دون توضيح احتمالية الاعتراف بالتعليم المرن من عدمه.
وحتى يتم نظر مطالب اولياء امور التعليم المرن، تبقي سالي وغيرها من الامهات في محاولات مستمرة لفتح العديد من الخيارات ليحصل ابنائهن على شهادة جامعية دون الاضطرار للانخراط في نظام التعليم المدرسي الذي يقضي على قدرات أبنائهن من وجهة نظرهن.