مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانيّة في العراق المزمع إجراؤها في 12 من الشهر الخامس من عام ٢٠١٨، الانقسام يتوسّع بین أحزاب المعارضة والأحزاب التي تقود حکومة الإقليم. وفي هذا السیاق، تمّ الأربعاء في ١٠/١/٢٠١٨ تشكیل تحالف ثلاثيّ بین كلّ من حرکة کوران (التغییر)، الجماعة الإسلاميّة وتحالف الدیمقراطيّة والعدالة والذي یترأسه الدکتور برهم صالح، بعنوان "التحالف الوطنيّ" من أجل الدخول في الانتخابات البرلمانیّة المقبلة في العاصمة بغداد، والذي يحاول أن يحصد مجمل أصوات المواطنین في المناطق المتنازع علیها. وفي هذا الاتّجاه، تمّ تصدیق مشارکة قائمة التحالف الوطنيّ من قبل المفوضیّة العليا للانتخابات في ١٦/١/٢٠١٨. كما تمّ اختیار الدکتور یوسف محمّد الرئیس السابق لبرلمان إقليم کردستان الذي كان یمثّل حرکة کوران، ومنع من الرجوع إلی برلمان کردستان بعد توتّر علاقات الحرکة مع الحزب الديمقراطيّ الكردستانيّ حول ولایة رئاسة الاقلیم، رئيسًا للتحالف.
وسبقهم تسجیل تحالف قائمة السلام الكردستانيّ بعضویّة کلّ من الحزب الدیمقراطيّ الكردستانيّ والاتّحاد الوطنيّ الكردستانيّ (الشركاء التقليديّون في حكومة الإقليم) والحزب الشیوعيّ الكردستانيّ، ولكن نتیجة التخبّط الذي تمرّ به الأحزاب الكردیّة تجاه المشارکة في الانتخابات، أعلن مسؤول مؤسّسة الانتخابات التابع للحزب الدیمقراطيّ الكردستانيّ خسرو كوران "أنّ التحالف لم یعد قائماً لأنّ الحزب أعلن عدم مشارکته في انتخابات المناطق المتنازع عليها"، بحیث اعتبر هذە المناطق تحت سلطة الاحتلال العسكريّ، كإشارة إلی عودة القوّات العراقیّة إليها بشكل أحاديّ في ١٦/١٠/٢٠١٧، بعد الاستفتاء الاحادي الذي أجري من أجل استقلال إقلیم کردستان العراق في ٢٥/٩/٢٠١٧.
أمّا مسؤول فرع نینوی في الحزب الدیمقراطيّ الکردستانيّ قادر قاجاغ فأعلن في ١٨/١/٢٠١٨ أنّ الحزب سیشارك في المناطق الشرقیّة للإقليم مثل الموصل، شنكال ومخمور. وأثار هذا القرار تساؤلات كثیرة حول موقف الحزب المتباین بین کرکوك والموصل.
وفي خطوة مفاجئة، أعلن الاتّحاد الإسلاميّ الکردستانيّ فی ١٦/١/٢٠١٨ انسحابه من حكومة إقلیم کردستان، احتجاجاً علی عدم تنفیذ البنود الـ٢٤، التي سبق وطالب الحزب بتنفیذها في مذکّرة قدّمها إلى مجلس وزراء الإقلیم، وقد یلقي هذا الانسحاب بظلاله علی مصیر حكومة الإقلیم الإئتلافیّة، بعد أن انسحبت منها حرکة کوران والجماعة الإسلامیّة في وقت سابق. وهناك تكهّنات من قبل المراقبین عن إمكانیّة انضمام الاتّحاد الإسلاميّ إلی التّحالف الوطنيّ برئاسة یوسف محمّد.
وعن هذا التحالف، قال أحد المسؤولین في الحزب الدیمقراطيّ الكردستانيّ، فضّل عدم ذکر اسمه، في اتّصال مع "المونیتور": "کنّا نرجو أن تدخل الأحزاب الكردیّة في تحالف واحد نستطیع من خلاله أن نبقي علی هیمنة الكرد في المناطق المحتلّة، ولكن کلّ الأحزاب بما فیها الحزب الذي أنتمي إلیه، مسؤولة عن هذا التخبّط".
أضاف: "کان الأحری بالأحزاب الكردیّة أن تكون موحّدة في هذا الوقت الذي یمرّ فیه شعبنا بظروف صعبة".
وعن استراتيجیّة التحالف الثلاثيّ، قال المتحدّث باسم تحالف الدیمقراطیّة والعدالة الدکتور ریبوار کریم في 11 كانون الثاني/يناير: "إنّ هدفنا من تشكیل التحالف الوطنيّ اتّباع سیاسة کردیّة جدیدة مختلفة تماماً عن نمط السیاسة التي تمّ اتّباعها في الماضي".
من جهته، قال منسّق الغرفة السیاسیّة لحرکة کوران الدکتور محمّد علي لـ"المونیتور": "إنّ استراتیجیّتنا تتضمّن تغییر النظام السیاسيّ إلی نظام برلمانيّ، وتحويل القوّات المسلّحة إلی قوّة وطنیّة، حیادیّة المحاکم، وإعادة العلاقات مع بغداد بناء علی المصالح المشترکة".
أضاف: "هدفنا هو الحصول علی ثقة المواطنین لكي نستطيع تولّي الحكومة المقبلة بشكل سلميّ وتنفیذ مشروعنا".
وفي تصریح مماثل لـ"المونیتور"، قال المتحدّث باسم الجماعة الإسلامیّة ریبوار حمد: "هذا التحالف فرصة لإعادة هیبة الكرد بعد أحداث ١٦ تشرين الأوّل/أکتوبر والنتائج غیر المرغوبة للاستفتاء".
وعن خطط الإئتلاف لمرحلة ما بعد الانتخابات، قال: "ترکیزنا علی المناطق المتنازع علیها، وتشكیل الإئتلاف لتغطیة هذه المناطق لكسب أصوات موطنینا، لأنّ هناك حالة أمنیّة غیر مستقرّة، وهناك أيضاً أكثر من 5 آلاف مهجّر، ونحاول تشكیل إدارة مشترکة لحلحلة كلّ القضایا المصیریّة، لأنّ الحكومتین في بغداد وأربیل تتحمّلان مسؤولیّة عدم تطبیع أوضاع هذه المناطق".
أمّا عن المناطق المتنازع عليها فقال ريبوار كريم في تصریح لـ"المونیتور": "دخلنا هذا التحالف بناء على طلب المواطنین في تلك المناطق لأنّهم ملّوا من السياسات الخاطئة التي اتّبعت فيها. ولذلك، نأمل أن نحصد أصوات الناخبین في هذه المناطق، لكي نتّبع سياستنا الجدیدة، وذلك يتمثل في إعادة العدل ومشارکة الجمیع في بناء مستقبلهم".
أضاف: "نحن نعمل على خطوتين رئیسیّتین الأولى، العمل على إنهاء سياسة طرد المواطنين وتخريب بيوتهم في المناطق المشمولة بالمادّة ١٤٠، والثانية التعامل مع مصیر هذه المناطق وفق المادّة ١٤٠ المنصوص عليها في الدستور العراقيّ".
وفي اجتماع لأعضاء حزبه في أربيل بـ١٦/١/٢٠١٨، قال المسؤول الإداريّ في المكتب السیاسيّ للاتّحاد الوطني ملاّ بختیار: "الكرد في علاقتهم ببغداد یمرّون بأسوأ مراحلهم الانتخابیّة. فعلی نطاق المناطق المتنازع علیها وعلی مستوی العراق أیضاً، لم نستطع تشكیل قائمة کردستانیّة موحّدة. ومع الأسف، نری أنّ العرب متّفقون والكرد منقسمون".
وبذلك، تبیّن أنّ الاتّحاد الوطنيّ الکردستانيّ، هو ثاني أقوی الأحزاب الكردستانیّة التي ستدخل الانتخابات بمفردها داخل الإقلیم وفي المناطق المتنازع علیها. وأخيراً، تظهر المؤشّرات أعلاه أنّ كلّ الأحزاب الكردیّة داخل الإقلیم ستدخل الانتخابات المقبلة بقوائم منفردة، بما فیها الحزبان الرئیسیّان، باستثناء الإئتلاف الوطنيّ الثلاثيّ الذي يعتبر نفسه أقوی الإئتلافات الكرديّة.