معبر إبراهيم خليل، تركيا — تصاعد التوتر الأسبوع الماضي بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة كردستان العراق في إربيل. وبلغ التوتر ذروته في 31 تشرين الأول/أكتوبر قرب الحدود العراقية – التركية عندما انطلقت صفّارات الإنذار وشوهد موكب عسكري ترافقه دبابات يتحرّك باتجاه الحدود. أثار هذا المشهد خوف الناس من دخول الجيش التركي إلى العراق. لكن، تبيّن أنّ الموكب كان يضمّ أتراكاً وعراقيين كانوا قد أتوا إلى تركيا للمشاركة في تدريبات وكانوا عائدين إلى ديارهم.
بعد إجراء حكومة إقليم كردستان استفتاء على الاستقلال في 25 أيلول/سبتمبر وبعد ردّ بغداد في 15 تشرين الأول/أكتوبر بإرسال جيش لاستعادة الأراضي المتنازع عليها وإحباط أيّ كلام عن الانفصال، تساءل عدد كبير من الناس عمّا سيحصل على الحدود التركية – العراقية.
يُعتبر معبر إبراهيم خليل الحدودي عند الجانب الكردي المعبر الوحيد بين البلدين. بعد الاستيلاء على كركوك، قرّرت بغداد أنّها تريد السيطرة على المعبر وكان الجنود العراقيون الذين سافروا إلى تركيا للتدريبات عائدين إلى ديارهم للمرّة الأولى منذ 26 عاماً.
عندما تخلّى الجيش العراقي عن المعبر عام 1991، لم يكُن أحد يحمل هاتفاً خليوياً لنقل هذا التطوّر، فاستغرق وصول خبر تسليم العراقيين لمنطقة شمالي العراق للأكراد إلى العالم أياماً عديدة. لكن، مع اقتراب الجنود العراقيين من المعبر الحدودي هذه المرّة، كان العالم كلّه على يقين، يترقّب.
نشرت بعض وسائل الإعلام التركية عناوين كاذبة تدّعي أنّ المعبر سُلّم لبغداد، فأسعد هذا التطوّر الجانب التركي، خصوصاً عندما بدأت وسائط التواصل الاجتماعي تنشر صوراً لجنود عراقيين برفقة ضبّاط مرموقين من الجانبين عند المعبر الحدودي. لم يلحظ أحد غياب صور أو تقارير عن تسليم مكتب إدارة الجمارك.
لم يمضِ وقت طويل حتى أصدرت حكومة إقليم كردستان تصريحاً نسبته إلى المسؤول عن المعبر يقول فيه: "إنّ معبر إبراهيم خليل الحدودي ليس مغلقاً. يجب أن يفهم مواطنونا ورجال الأعمال ذلك. سيكون هذا المعبر مفتوحاً دائماً للسفر والعمل. جميع التقارير الإعلامية عن إغلاق المعبر أو سيطرة الحكومة العراقية عليه عارية عن الصحة. هذا كلّه جزء من حرب نفسية تُشنّ ضدّنا".
لكنّ تصريح حكومة إقليم كردستان لم ينفِ أنّ الجنود العراقيين كانوا قد وصلوا إلى المعبر وإنّما أفاد بأنّ الجنود كانوا يقومون بزيارة بسيطة.
سرعان ما انضمّ الإعلام العراقي إلى موجة نقل الأخبار الكاذبة عن الانتصار، فزفّ خبر استعادة الحكومة السيطرة على المعبر الحدودي.
أفاد مسؤول جمارك رفض الكشف عن إسمه للمونيتور أنّ موظفين مدنيين تابعين لحكومة إقليم كردستان يصرّفون الأعمال الجمركية، مضيفاً: "في الصباح، جاء الجنود والقادة العراقيون، والتقوا بمسؤولينا ثم غادروا. في الوقت الحالي لا يوجد أيّ موظف مدني أو مسؤول عسكري تابع للحكومة العراقية هناك".
كما أفاد مسؤول آخر في الجمارك للمونيتور أن لا شيء تغيّر في منطقة الجمارك. بعد وابل التقارير عن الوضع عند معبر إبراهيم خليل، أصدر سامال عبد الرحمن، المدير العام لإدارة الجمارك لدى حكومة إقليم كردستان، تصريحاً يفيد بأنّ القوات العراقية لم تدخل منطقة الجمارك. اتصل موقع المونيتور ببعض سائقي الشاحنات الذين أفادوا بأنهم لم يلحظوا أيّ تغيرات عند الجانب العراقي.
الواقع الوحيد كان رؤية جنود عراقيين في المنطقة، لكن وبحسب مساعد مدير المعبر الحدودي محمد طاهر، هؤلاء هم الجنود الذين كانوا يتدرّبون في تركيا وكانوا عائدين إلى العراق برفقة رئيس الأركان العراقي الجنرال عثمان الغانمي. لكنّ رئيس الوزراء التركي بن علي يلدرم كان من بين الأشخاص الذين أعلنوا أنّ الحكومة العراقية استولت على منطقة الجمارك.
بالتالي، فإنّ الوضع عبارة عن "قيل وقال".
في حين فرح بعض الأشخاص لدى سماعهم عن التغيّرات المزعومة عند المعبر الحدودي، قلق آخرون.
وقال نيفاف كيليك، رئيس جمعية الصناعيين ورجال الأعمال الأتراك والعراقيين، إنّ أعضاء المجموعة لا يريدون أن تطرأ تطورات على المعبر الحدودي تعيق التجارة بين البلدين.
أفاد للمونيتور: "معبر إبراهيم خليل نقطة حيوية. نحاول تعزيز الحركة التجارية بين البلدين. إذا كانت الحكومة الاتحادية قادرة على إرساء الأمن، نريد السيارات التركية أن تستطيع الوصول حتى بغداد والبصرة. بسبب الغموض، توقفت بعض الشركات عن التجارة وعلينا تخطّي ذلك. لكنّ المعبر كان بأيدي السلطات الكردية لفترة 26 عاماً وقد يتسبّب تغيير مفاجئ بمشاكل على المدى القصير. صحيح أنّ سياراتنا تنتقل من السليمانية إلى بغداد ولكنّنا نريد فتح الطرقات فوراً إلى الموصل وكركوك. إنّ الحكومة التركية قلقة جداً على علاقاتنا مع العراق".
على الرغم من التصريحات المتضاربة، لا يزال الوضع غامضاً عند المعبر الحدودي ولا أحد يدري مَن يتولّى السيطرة. يبدو أنّ حكومة إقليم كردستان العراق ستستمرّ في إدارة المعبر بصمت، وفي حال سلّمت السيطرة إلى جهة أخرى، ستتكتّم على الموضوع كلياً. ثمة أشخاص يعتقدون أنّ بغداد قد استلمت المعبر من دون الإعلان عن ذلك وتتستّر على الأمر لتفادي إغضاب الأكراد.