مدينة غزة، قطاع غزة — نظّم بيت الحكمة للاستشارات وحلّ النزاعات، بالتعاون مع فريق المناصرة الشبابيّ "بيان" مؤتمر "الشباب الفلسطينيّ بين تحدّيات الواقع وتطلّعات التغيير"، وذلك في قطاع غزّة، بمشاركة عدد من أوراق العمل التي شارك في إعدادها عدد من الشباب الناشطين والمختصّين في مجالات تضمّ مواضيع متعدّدة في ثلاثة محاور، أوّلها التكامل بين الشباب والمجتمع، وثانيها زوبعة الإعلام الجديد، وآخرها الشباب والمشهد السياسيّ.
ويعدّ فريق "بيان" أحد مكوّنات بيت الحكمة، فهو هيئة نخبويّة تنمويّة من الشباب الناشطين الذين اجتمعوا لتحقيق أهداف مشتركة متمثّلة في التعريف بالقضيّة الفلسطينيّة، وتعميق الوعي تجاه الواقع الفلسطينيّ، بهدف تمكين الشباب سياسياَ من خلال بناء الكادر القادر على العطاء في الجسم السياسيّ الفلسطينيّ، وتكريس ثقافة القانون والشراكة السياسيّة كأدوات أساسيّة لتحقيق التنمية.
وقد حضر المؤتمر أفراد من مختلف الهيئات والمؤسّسات الرسميّة منها الأكاديميّة والمجتمعيّة، ومجموعات شبابيّة ناقشت أوراق العمل.
تقول الحاضرة في المؤتمر أماني الفليت، وهي طالبة في العلوم السياسيّة والإعلام لـ "المونيتور" إنّ حضورها المؤتمر أتى كتتويج لدورة إدارة وحلّ النزاعات ضمن برنامج تدريبيّ في التمكين السياسيّ، عقدها بيت الحكمة بين مطلع آب/أغسطس وبداية أيلول/سبتمبر الماضي.
وأضافت: "هذا المؤتمر خطوة جيّدة وفي الاتّجاه الصحيح لاحتضان الشباب، لكنّ المشكلة التي نعاني منها في معظم المؤتمرات والمبادرات التي تقوم بها المؤسّسات الشبابيّة، خروجها بتوصيات على الرغم من أهمّيّتها، إلّا أنّها تبقى بين طيّات الورق، لا تطبّق، وذلك لغياب البيئة السياسيّة والمجتمعيّة الملائمة لتجعل هذه التوصيات والقرارات ترى النور".
وأتاح بيت الحكمة لمجموعة من خرّيجي برنامج التمكين السياسيّ فرص مشاركة لعدد من الشباب لعرض أوراق بحثيّة تعالج مواضيع تمسّ الواقع الشبابيّ الغزّيّ سياسيّاً وإعلاميّاً، ليتمكّنوا من التعبير عن همومهم وطموحاتهم ومناقشتها.
أمّا الباحثة في الدبلوماسيّة والعلاقات الدوليّة مرام المدهون فأوضحت أنّها لا تسعى فقط إلى تسجيل حضور، بل إلى أن يكون المؤتمر إضافة زمانيّة لها.
وتقول في حديث إلى "المونيتور": "أستمدّ من الجلسات آراء وتحليلات تجعلني أكرّس فكري لأستطيع البذل لأجل الشباب، وفهم طبيعة المرحلة المعقّدة التي نمرّ بها كمجتمع في شكل عامّ، وكشباب على وجه الخصوص".
وتواصل: "سأظلّ أسعى إلى أن أكون بذرة تغيير من الممكن أن تكسب المجتمع حضارة وفكراً لنغدو مجتمعاً راقياً، وبفكرنا نقود غيرنا من الشباب".
وفي السياق ذاته، توضح الناشطة الشبابية إيمان البطنيجي أنّ مشاركتها في إعداد ورقة عن الشباب والإعلام الجديد، أتت كونه يخصّها كشابّة فلسطينيّة، حيث يناقش المؤتمر قضايا واقعيّة وملموسة تتطلّب منهم كشباب العمل الفعليّ والجدّيّ لحلّها وإيصال صوتهم من خلال ما تمّت مناقشته، وفقاَ لحديثها لـ "المونيتور".
وتشير إلى "أنّ التحدّي الذي نواجهه كشباب فلسطينيّ هو في تقديم دورنا داخل المجتمع، وخصوصاً أنّ المؤسّسات الدوليّة والمحلّيّة التي تعمل وفق أجندات مختلفة قد لا تتطلّع إلى حاجة الشباب الحقيقيّة بقدر الخطط المرسومة لها والجهة التي تدعمها، مضيفة أنّنا نحتاج إلى جهة تعمل لأجل قضايانا من خلال طاقاتنا وألّا نعتمد كثيراً على الجهات المموّلة".
ومن جهته، يصرّح استشاريّ الإعلام الاجتماعيّ خالد صافي لـ "المونيتور" أنّ رغبته في حضور المؤتمر جاءت للتعرّف عن قرب على الحالة السياسيّة التي يعاصرها الشباب في هذه المرحلة، وسبل الخروج من تجاذبات الانقسام إلى الوحدة الوطنيّة، لا سيّما عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، وسبل انخراط الشباب في المشهد السياسيّ، مع الاهتمام بالاطّلاع على وجهات نظر أخرى تؤكّد حقّ الشباب في التمكين وتملك زمام المبادرة.
وتشير أحد الحاضرات الشابّات بدور الغرابلي إلى أنّ المؤتمر يناقش أمور الشباب وحاجاتهم الفلسطينيّة، متمّنية الأفضل لهم في التغيير، والعمل على حلّ مشاكلهم، موضحة أنّ دافعها هو إضافة ما تستطيع أثناء النقاش حول متطلّبات الشباب كونها من فئتهم.
ومن جهتها، توضح إحدى المشاركات في ورقة تحت عنوان "المشاركة السياسيّة للشباب" إسراء ياسين لـ"المونيتور": "نحن نمرّ في فترة انتقاليّة مهمّة في تاريخ فلسطين، ومن حسن حظّنا أنّنا نجونا من ثلاث حروب وانتفاضة في حياتنا القصيرة، وما زلنا في عمر الشباب، ونشهد هذه اللحظة التاريخيّة التي نأمل أن توصلنا إلى المصالحة الوطنيّة".
مضيفة أنّ المؤتمر أتى في فترة، هم كشباب في أمسّ الحاجة فيها إلى التعبئة الشبابيّة والثقافة السياسيّة من خلال الحوارات مع الشخصيّات المثقّفة والباحثين، وفقاَ لتعبيرها.
ويبيّن الناشط الشبابيّ في فريق بصمة خير الشبابيّ محمّد الزميلي أثناء نقاشه في المؤتمر أنّ حضوره وزملائه بمثابة مناقشة لصوتهم وإثبات وجود لهم، كون الفريق شبابيّاً، معرباً عن أمله في أن "تكون المخرجات لصالحنا ونستفيد منها"، كما تمنّى المزيد من الفعاليّات الهامّة في الشأن الشبابيّ الفلسطينيّ.
ويعتبر فريق بصمة خير الشبابيّ فريقاً تطوّعيّاً يعمل منذ ثلاث سنوات ميدانيّاً واجتماعيّاً، ولقد انطلق كفكرة شبابيّة تسعى دائماً إلى تعزيز دور الشباب في المجتمع عن طريق إعداد برامج ومشاريع والتخطيط لها.
وفي سياق متّصل، توضح الناشطة الشبابيّة على مواقع التواصل الاجتماعيّ فرح بكر في مُداخلة في جلسة النقاش أنّ حضورها لتعلّم مهارات جديدة في الحوار والمشاركة المجتمعية، فضلاً عن التعرّف على حقوقها.
وتبيّن لـ "المونيتور" أنّ ما جاء في المؤتمر من أوراق عمل ونقاشات يعبّر عن رغباتها، ويتوافق مع مطالبها من أجل واقع أفضل للشباب الفلسطيني.
وتعتبر بكر إحدى أكثر مئة شخصيّة مؤثّرة في العالم لعام 2014، وفقاً لمجلة Foreign Policy الأميركيّة، وهي حاليّاً طالبة جامعيّة في مجال إدارة الأعمال، وتطمح إلى أن تكون مراسلة في الصحافة التلفزيونيّة، وأن تسافر لتتعرّف على ثقافات جديدة.
تتعدّد آراء الشباب المشاركين والحاضرين، لكنّ معظمها يتمحور في قالب تملّكهم الشغف لاكتشاف مستقبل جديد باهر، مع المصالحة الفلسطينيّة بعد سنوات من ويلات الانقسام.