القاهرة — قرّرت محكمة جنح مصريّة بمحافظة الجيزة في 25 أيلول/سبتمبر 2017، حبس المحامي الحقوقيّ البارز والمرشّح الرئاسيّ المحتمل خالد علي ثلاثة أشهر بعد إدانته بتهمة ارتكاب فعل فاضح وخادش للحياء العامّ.
واعتبر علي أنّ القضيّة "ملفّقة"، وكتب عبر صفحته على موقع "فيسبوك" في 25 أيلول/سبتمبر 2017: "عندما تصدّينا لقضيّة مصريّة تيران وصنافير، كنّا نعلم أنّ الثمن سيكون غالياً".
وصعد نجم علي بعد حصوله على الحكم النهائيّ في 16 يناير/ كانون الثاني 2017 ببطلان الاتّفاقيّة التي تضمّنت نقل تبعيّة جزيرتي تيران وصنافير إلى السعوديّة.
وشكا علي من أنّ "الحكم تجاهل طلبات الدفاع، وجاء من دون أيّ مرافعات من جانب المحامين، وتجاهل تقارير فنّيّة، تثبت التلاعب في الفيديو المقدّم"، وقال إنّه سيطعن في الحكم. وتتعلّق القضيّة بصورة منسوبة إليه يظهر فيها وهو يوجّه إشارة تمّ توصيفها بأنّها خادشه للحياء العامّ.
وكان الفيديو الذي يحاكم علي بسببه تم تصويره عقب حصوله على الحكم النهائي ببطلان الاتفاقية حيث اجتمع حشد من الجماهير ورفعوه على الأكتاف.
واعتبرت منظّمة العفو الدوليّة في بيان في 25 أيلول/سبتمبر 2017، أنّ إدانة علي لها دوافع سياسيّة، باعتباره المنافس الأوّل للرئيس عبد الفتّاح السيسي إلى الانتخابات الرئاسيّة لعام 2018.
وألمح علي إلى نواياه الترشّح إلى منصب الرئاسة خلال مقابلة مع رويترز في 7 حزيران/يونيو 2017.
وقالت المنظّمة إنّ الحكم "إشارة واضحة إلى أنّ السلطات المصريّة تعتزم إزاحة أيّ منافس يمكن أن يقف في طريق فوز الرئيس السيسي في الانتخابات الرئاسيّة، كما أنّه يوضح تصميم الحكومة الشرس على قمع المعارضة كي ترسّخ سلطتها".
وبحسب خبراء قانون، فإنّه إذا تمّت إدانة علي بحكم نهائيّ في جريمة مخلّة بالشرف، سيمنع من مباشرة حقوقه السياسيّة سواء بالترشّح إلى الانتخابات البرلمانيّة أم الرئاسيّة أم أيّ مناصب عامّة أخرى طبقاً لقانون العقوبات المصريّ.
وكان مؤسّس التيّار الشعبيّ والمرشّح الرئاسيّ السابق حمدين صباحي أعلن خلال لقاء ضمن برنامج بلا قيود على فضائيّة "بي بي سي" في 10 أيلول/سبتمبر 2017 أنّ ثمّة حوار جارٍ بين فصائل سياسيّة للاتّفاق على مرشّح منافس للرئيس السيسي، وقال إنّ من بين الأسماء المطروحة المحامي علي.
من ناحية أخرى، أعلن حزب مصر القويّة الذي يقوده المرشّح الرئاسيّ السابق عبد المنعم أبو الفتوح في 25 أيلول/سبتمبر 2017 عن دعمه "أيّ جهود لبناء تجمّع وطنيّ لقوى المعارضة الحقيقيّة والشخصيّات السياسيّة العامّة بمختلف توجّهاتها للعمل على فتح المجال العامّ، ومواجهة سياسات الفساد والاستبداد من قبل النظام الحاليّ".
وكان أبو الفتوح عبّر عن تضامنه مع المحامي علي عبر تغريدة على موقع "تويتر" في 26 أيلول/سبتمبر 2017 قال فيها: "نشهد جميعاً للأداء المتميّز لخالد علي في الدفاع عن جزيرتي تيران وصنافير فلا غرابة أن يعاقبوه".
ويعتقد على نطاق واسع أنّ السيسي وهو قائد سابق للجيش سيسعى إلى ولاية ثانية في الانتخابات المقرّرة في العام المقبل.
من جهته، قال مساعد وزير الخارجيّة الأسبق السفير معصوم مرزوق أنّه سيتمّ الإعلان عن جبهة معارضة في غضون الأيّام القليلة المقبلة تضمّ العديد من أحزاب التيّار الديمقراطيّ والشخصيّات العامّة المختلفة .
وأوضح السفير في حديث هاتفيّ إلى "المونيتور" أنّ الجبهة تبحث تقديم مرشّح إلى منصب الرئاسة، لكنّها لم تستقرّ على اسم لمرشّح محدّد، كما أنّها لم تحسم قراراً نهائيّاً بخوض غمار الانتخابات المقبلة.
وقال مرزوق، وهو أحد مؤسّسي الجبهة: "الإعلان عن الجبهة سيكون نقطة البداية، ونسعى إلى تكوين قاعدة جماهيريّة، كما نحاول وضع صيغة مرنة للتوافق من أجل إنقاذ مصر، وسنقوم بتقديم ملفّات وبرنامج شامل للرأي العامّ يوضح وضع التعليم والصحّة والعدالة الاجتماعيّة ويصحّحه، ويعد بعدالة انتقاليّة تشمل المصالحة، والإصلاح الإداريّ وتنقية القوانين واستعادة تيران وصنافير، وإعادة توجيه البوصلة الخارجيّة بما يضمن لمصر مكانتها واستقلالها".
وأشار مرزوق إلى أنّ الجبهة في المرحلة الأخيرة من التنسيق للخروج برؤية موحّدة تمهيداً إلى عرضها على المواطنين.
كما نوّه السفير بضغوطات وتهديدات أمنيّة تواجه عمل الجبهة، معتبراً أنّ النظام يسيطر على الإعلام المصريّ، ولا يسمح بأراء مختلفة، لكنّه قال: "مستعدّون للمواجهة، والتصدّي للعمل العامّ واجب وطنيّ".
وكانت منظّمة العفو الدوليّة قالت في 24 أيّار/مايو 2017 إنّ السلطات المصريّة كثّفت حملتها القمعيّة على نشطاء المعارضة قبل الانتخابات الرئاسيّة المقبلة، وقبضت على ما لا يقلّ عن 36 شخصاً في 17 محافظة من 19أيار/مايو2017 وحتى 23 أيار/ مايو2017 ينتمون إلى خمسة من أحزاب المعارضة والجماعات السياسيّة الشبابيّة. وقبض على كثيرين من هؤلاء في ما يتّصل بتعليقات عن الانتخابات نشروها على الإنترنت.
في السياق نفسه، قال الكاتب الصحافيّ عبدالله السناوي خلال اتّصال هاتفي مع "المونيتور" إنّ المعطيات الحاليّة لا تشير إلى أنّ الانتخابات الرئاسيّة المقبلة ستكون نزيهة وديمقراطيّة، معتبراً أنّ الأجواء السياسيّة في مصر مسمومة.
واعتبر السناوي أنّ غياب الشروط العادلة للتنافس بين المرشّحين سيفضي في النهاية إلى انتخابات شكليّة وليست ديمقراطيّة.
واستنكر السناوي من هستيريا هجوم الأذرع الاعلامية للنظام على الحراك السياسيّ في الشارع المصريّ -في إشارة إلى الجبهة المعارضة- وقال: "علينا إعادة فتح المجال العامّ بدلاً من مواجهة سيناريوهات مرعبة".
ويرى الخبير في علم الاجتماع السياسيّ الدكتور عمّار علي حسن مستقل أنّ محاولات المعارضة للاجتماع مرّة أخرى فرصة لفتح المجال العامّ، وخلق رأي معارض للتصدّي للسلطة الحاليّة والضغط عليها.
وقال حسن خلال اتّصال هاتفيّ مع "المونيتور" إنّ الانتخابات الرئاسيّة المقبلة فرصة للمعارضة لتقديم نفسها وكسب مكان مرّة أخرى في الحياة السياسيّة.
وعبّر حسن عن تخوّفه من أن تكون الانتخابات المقبلة مقيّدة وغير حرّة ، ودلّل على ذلك بتعيين السيسي في 29 يونيو/حزيران 2017 رؤساء الهيئات القضائيّة، الذين يقومون بدورهم باختيار أعضاء اللجنة العليا للانتخابات، وبالتالي ستكون اللجنة منحازة إلى النظام الحاليّ.