القاهرة – قام الرئيس عبد الفتاح السيسي بجولة افريقية اعتبارا من الاثنين 14 أغسطس تشمل اربعة دول هي تشاد , الجابون , رواندا , وتنزانيا , ويأتي ذلك في أعقاب عدم نجاح القاهرة في استصدار قرار افريقي ضد قطر خلال القمة الافريقية التي عقدت بأديس أبابا 4 يوليو , وفي اطار ما تقوم به القاهرة من تحركات سعيا للتصعيد ضد قطر دوليا من خلال الأمم المتحدة .
وتعمل القاهرة حاليا على تكثيف مباحثاتها الدبلوماسية على الصعيد الافريقي من أجل اقناع الدول الافريقية بإتخاذ مواقف ضد قطر , وحيث التقي وزير الخارجية المصري سامح شكري بنظيره الجزائري عبد القادر مساهل في القاهرة 2 أغسطس ,وتبادلا وجهات النظر فيما يتعلق بالأزمة القطرية الى جانب مناقشة اخر مستجدات الأزمة الليبية , ثم غادر شكري القاهرة في ذات اليوم 2 أغسطس الى الخرطوم من أجل عقد جلسة مشاورات ثنائية مع وزير خارجية السودان ابراهيم غندور , تصدرها ملف الأزمة مع قطر.
وكان شكري قد اجتمع على هامش القمة الافريقية الأخيرة بعدة رؤساء أفارقة سعيا وراء اقناعهم باتخاذ موقف مؤيد لمصر والسعودية والامارات والبحرين ومقاطعة قطر , بينما بدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة رئيس غينيا "الفا كوندي" الذي يرأس الدورة الحالية للاتحاد الافريقي , دعا خلالها الى ضرورة أن تتحدث الدول الافريقية بصوت واحد بشأن الأزمة الخليجية , و انهاء الأزمة بشكل سلمي.
غالبية الدول الافريقية تربطها علاقات قوية مع قطر , مثلما تربطهم علاقات وثيقة مع المملكة العربية السعودية ,وبصفة خاصة السودان واريتريا فهم أعضاء في الائتلاف الذي تقوده السعودية في حربها باليمن , بينما أعلنوا الوقوف على الحياد من الأزمة الخليجية, وهو الموقف الذي اتخذته غالبية الدول الافريقية , , بينما اتخذت دولا قليلة مثل السنغال وجيبوتي وجزر القمر ,وموريتانيا , والجابون مواقفا مؤيدة للسعودية باعلان قطع العلاقات مع قطر وسحب سفراؤها أو تخفيض التمثيل الدبلوماسي لها بقطر.
وأشارت تقارير اعلامية الى أن الجزائر كانت أكثر الدول الافريقية التي اصطدمت بها القاهرة في محاولاتها الرامية لبلورة موقف افريقي ضد قطر خلال القمة الافريقية , ووفقا لذات التقارير فإن أغلب القادة الأفارقة الذين حضروا القمة الاثيوبية اجتمعوا على أن الأزمة الخليجية شأن يخص دول الخليج وحدها.
وقال شكري خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الجزائري في 2 أغسطس إن كافة اللقاءات التي يعقدها يشرح خلالها التطورات في أزمة قطر وما تعرضت له مصر جراء مقاومتها للإرهاب ورؤيتها لضرورة تعامل المجتمع الدولي مع الإرهاب، لافتا إلى أنه سوف يطرح القضية خلال زيارة السودان بشفافية.
ويتصدر المشهد الاعلامي المصري التشكيك في حياد السودان من أزمة قطر منذ بدايتها, وتصاعد ذلك بعد استجابتها لخطاب شكوى قناة الجزيرة من تصريحات وزير الاعلام السوداني احمد بلال عثمان في 12 يوليو, قال فيها ان القناة تهدف لإسقاط النظام بمصر, وهوما تبعه استدعاء البرلمان السوداني للوزير لاستجوابه, وتقديمه اعتذار رسمي للقناة.
وجاء الاعتذار السوداني الرسمي لقناة الجزيرة في الوقت الذي كان يتصدر فيه اغلاق القناة قائمة مطالب الدول الأربع المقاطعة لقطر والتي كانت قد ارسلت للدوحة في 24 يونيو عبر الكويت في اطار وساطة الأخيرة بين الجانبين من أجل المصالحة.
وحول موقف السودان من أزمة قطر قال هاني رسلان رئيس وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية ل" المونيتور" : "انه موقف زائف", مؤكدا أنه ليس الغرض منه ألا تعظيم المكاسب من كافة الأطراف ودون خسارة الدعم السعودي لرفع العقوبات المفروضة على نظام البشير , واستطرد" هناك شواهد كثيرة تؤكد ترجيح الكفة القطرية لدى السودان , وانكشف ذلك في تعامل النظام والبرلمان السوداني مع تصريحات الوزير السوداني التي اراد بها تلطيف الاجواء مع مصر , واجباره على الاعتذار ونفى تصريحاته بشكل مهين رغم انها مسجلة ".
ووفقا ل" رسلان " فإن غياب الرئيس السوداني عمر البشير عن قمة رؤساء حوض النيل التي عقدت في اعقاب قرار مقاطعة قطر لحل النقاط الخلافية في اتفاقية عنتيبي, جاءت لتكمل الموقف السوداني الذي يتخذ من قضية المياه ورقة للضغط على مصر سياسيا من ناحية , ولدعم استراتيجيته في التحالف مع اثيوبيا , وقطر,وتركيا من ناحية أخرى , وأضاف " السودان اعترض هو الاخر على اتفاقية عنتيبي في عام 2010 , ورغم ذلك فإنه لا يريد ان يقف في ملعب واحد مع مصر لحل الأزمة ".
وكانت القاهرة والخرطوم قد اتخذتا موقفا موحدا بالاعتراض على اتفاقية عنتيبي التي وقعتها 6 من دول حوض النيل منذ عام 2010 , وحيث لا تعترف الاتفاقية بحصص مصر والسودان من مياه النيل وفقا لاتفاقيتي 1959 , و1929 , كما لا تلزم الاتفاقية دول المنابع بمبدأ الاخطار المسبق لدول المصب عند الشروع في بناء سدود لحجز وتخزين المياه المتدفقة طبيعيا من النهر.
" يبدو واضحا أن النظام السوداني بقيادة البشير متورط بشكل ما في صفقة مع النظام القطري, ولا يتوقع ان يلعب دورا مساندا لمصر ودول الخليج في افريقيا للتصعيد ضد الدوحة " هذا هو ما قاله النائب طارق الخولي أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب المصري في حديثه ل" المونيتور".
قال الخولي ل" المونيتور" :" رائحة دولارات قطر التي تدعم بقاء نظام البشير تفوح عند كل أزمة تفتعلها الخرطوم مع القاهرة ,سواء في تأجيج أزمة حلايب وشلاتين من حين لآخر , أو الاتهامات غير الصحيحة بأن القاهرة تدعم الانفصاليين السودانيين, وكذلك في انشقاق الخرطوم عن صف القاهرة في مفاوضات أزمات حوض النيل ".
,ولفت " الخولي" الى ان هناك دعم قطري لاثيوبيا في بناء سد النهضة , ويصاحبه اتخاذ نظام السودان مواقف ضد مصر في قضية مياه النيل بشكل غير مبرر.
وأوضح أن الرباعي العربي يمتلك أدلة على تورط قطر في دعم الارهاب - التهم التي تنفيها الدوحة - بينما نظام البشير ليس بعيد عن هذا الملف , واستطرد " أليس نظام البشير هو من استقبل قيادات تنظيم القاعدة من قبل ,ويدعم قيادات جماعة الاخوان المسلمين ", وانهى الخولي حديثه قائلا "استخدام الدبلوماسية الخشنة بات مطلوبا مع السودان ".
"علاقة نظام البشير بقطر قديمة , ويربطهما التنظيم العالمي للاخوان " هذا ما يراه الكاتب والمحلل السياسي السوداني عبد الواحد ابراهيم في حديثه ل" المونيتور" , لافتا الى الموقف السوداني الحقيقي من أزمة قطرعبرت عنه مواقف داخلية سواء ل حزب" المؤتمر الشعبي", أو من خلال "منبر السلام العادل" الذي يقوده خال عمر البشير , وحيث نادى هؤلاء بضرورة الوقوف مع قطر ومساندتها في محنتها مع دول الخليج.
"الحملات الاعلامية بالسودان لتشويه صورة مصر ناتجة من عدم صرامة موقف القاهرة في مواجهة نظام البشير " ابراهيم أضاف.
" استخدام الدبلوماسية الخشنة بات مطلوبا مع السودان" كلمات ذكرها أمين سر لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان المصري في حديثه ل" المونيتور", وهي مفهوم جديد على اسس العلاقات المصرية السودانية وحيث أن الدبلوماسية المصرية مازالت تحاول جاهدة ضم السودان الى صفوفها في تحركاتها الافريقية والعربية , وأيضا في مفاوضات حوض النيل رغم ارتفاع وتيرة توتر العلاقات بين البلدين.
حرص القاهرة على تجنب تصعيد خطابها الرسمي مع السودان رغم التوتر المتصاعد للعلاقات مع نظام البشير, لا يأتي فقط ضمانا لعلاقات حسن الجوار وتحقيق طموحا لبرامج للتكامل الاقتصادي ,بل رغبة من القاهرة في أن لا يصبح السودان عدوا,و ان كان ليس حليفا لها على الصعيد العربي والافريقي".