القاهرة - منعت قوى الأمن التابعة لحكومة حركة "حماس" في قطاع غزّة ظهر الثلاثاء في 11 تمّوز/يوليو الجاري نائب أمين سرّ المجلس الثوريّ لحركة "فتح" فايز أبو عيطة من الانتقال إلى الضفّة الغربيّة عبر حاجز بيت حانون/إيرز لحضور اجتماع لحركته دون توضيح الأسباب.
وتكرّرت حوادث منع قيادات حركة "فتح" الموالية للرئيس محمود عبّاس من السفر والانتقال إلى الضفّة الغربيّة لحضور اجتماعات للحركة خلال الشهرين الماضيين، إذ لم يسمح أمن "حماس" في 30 حزيران/يونيو الماضي لعضو اللجنة المركزيّة لـ"فتح" أحمد حلس بالسفر عبر حاجز بيت حانون/ايرز. وسبقه رفض سفر القياديّ في حركة "فتح" وعضو اللجنة التنفيذيّة لمنظّمة التحرير الفلسطينيّة ورئيس دائرة شؤون اللاّجئين التابعة لها زكريّا الأغا مرّتين، وذلك في 19 و30 أيّار/مايو من هذا العام.
وفي هذا السياق، أشار فايز أبو عيطة في حديث لـ"المونيتور" إلى أنّه توجّه عند الأولى من ظهر يوم الثلاثاء في 11 تمّوز/يوليو الجاري إلى حاجز بيت حانون/إيرز للانتقال منه إلى الضفّة الغربيّة لحضور اجتماع عمل لحركته، غير أنّه تفاجأ بمنعه من المرور إلى الضفّة، وقال: "المنع كان من قبل قوّات الأمن التابعة لحركة حماس والموجودة على الحاجز، فيما لم تساق لنا أيّ مبرّرات أو حجج للمنع، فهذا مخالف للقوانين الفلسطينيّة بشكل كامل".
وكشف قياديّ في حركة "فتح"، فضّل عدم ذكر اسمه، لـ"المونيتور" أنّه بعد التواصل مع حركة "حماس"، اتّضح أـنّ منع قيادات حركة "فتح"، كان على أثر قرار صادر من المستوى السياسيّ القياديّ داخل "حماس"، عازياً الأمر إلى أنّه يأتي في سياق المناكفات بين الحركتين، وقال: "تريد حماس التضييق على قيادة حركة فتح في قطاع غزّة، وتكرّر المنع خلال الشهرين الحاليّ والماضيّ مع القياديّين أحمد حلس وفايز أبو عيطة. ويأتي هذا في ظلّ التصعيد القائم بين الحركتين، إثر رفض حماس مبادرة حركة فتح المتعلّقة بإنهاء اللجنة الإداريّة التي شكّلتها حماس في قطاع غزّة في شهر آذار/مارس من هذا العام".
وشدّد القياديّ في "فتح" على أنّ إجراءات المنع قد تأتي أيضاً في سياق اعتقاد "حماس" بأنّ أبواب التخفيف من مشكلات القطاع كالكهرباء مثلا قد انفتحت لها بعد تفاهماتها مع محمّد دحلان التي توصّلا إليها مؤخّرا في القاهرة من بين بنودها ادخال الوقود المصري الى قطاع غزة وحل مشكلة الكهرباء والمصالحة المجتمعية واصلاح المشاكل التي نتجت عن الانقسام الفلسطيني، إضافة إلى أنّها ترى أنّها بذلك تعاقب محمود عبّاس بمضايقة المقرّبين منه بعد اتّخاذه سلسلة من الإجراءات لمعاقبة حركة "حماس" في قطاع غزّة.
وحاول "المونيتور" التواصل مع وزارة الداخليّة التابعة لحركة "حماس"، وكذلك مع بعض قيادات الحركة للردّ على قضيّة منع قيادات "فتح" من الانتقال والسفر، غير أنّ كلّ المحاولات باءت بالفشل.
واتّفق الكاتب السياسيّ في صحيفة "الأيّام" المحليّة أكرم عطالله مع القياديّ الفتحاويّ، مشيراً إلى أنّ حركة "حماس" تتّبع إجراءات تصعيديّة ضدّ حركة "فتح" والسلطة الفلسطينيّة في الضفّة الغربيّة، بعد التفاهمات التي جرت بينها وبين القياديّ في حركة "فتح" والمناوئ للرئيس محمود عبّاس محمّد دحلان، واعتبرت نفسها أكثر قوّة.
ورأى أكرم عطالله في حديث لـ"المونيتور" أنّ ما يجري من إجراءات منع لقيادات فتحاويّة موالية لعبّاس هو جزء من حالة العبث التي يمارسها الفلسطينيّون ضدّ بعضهم البعض. وتأتي أيضاً ضمن حالة الانقسام والانفلات والإجراءات العقابيّة التي يمارسها كلّ طرف تجاه الآخر، وهذه الإجراءات يجري في سياقها تجاوز القانون الأساسي الفلسطيني والحريّات والحقوق الطبيعيّة للمواطنين.
وقال: "إنّ المغزى من تلك الإجراءات هو الضغط على السلطة الفلسطينيّة مقابل إجراءاتها، فمثلاً وقف رواتب أعضاء المجلس التشريعيّ التابعين لحركة حماس في الضفّة الغربيّة، تردّه حماس بمنع كوادر حركة فتح من السفر عبر المعابر. وهنا، دخلنا في حالة من العبث التي لا يمكن فهمها، وهذه الإجراءات لا تليق بأحزاب وقوى سياسيّة".
من جهته، قال منسّق التحقيقات والشكاوى في الهيئة المستقلّة لحقوق الإنسان في غزّة المحامي بكر التركماني لـ"المونيتور": لا يجوز منع أيّ مواطن من ممارسة حقّه بالتنقل والسفر.
وأشار إلى أنّ أيّ منع يجب أن يكون بموجب قرار قضائيّ صادر عن جهة قضائيّة، مطالباً حركة "حماس" بالتراجع عن قرار المنع وإعطاء الفتحاويّين حقّهم في التنقّل والسفر، وقال: "ما وثّقناه في الهيئة أخيراً منع القياديّ في فتح فايز أبو عيطة من مغادرة القطاع. لقد قامت قوّات الأمن المتواجدة على حاجز بيت حانون بمنع القياديّ في حركة فتح فايز أبو عيطة من التنقل والسفر إلى رام الله، وسبقه منع القيادييّن زكريّا الأغا وأحمد حلس من حضور اجتماعات لحركة فتح. وحسبما أفدنا به، إنّ هذا المنع خاصّ بهم، بمعنى أنّه يجب أن يكون هناك قرار قضائيّ واضح ومحدّد للمنع".
وشدّد بكر التركماني على أنّ الهيئة موقفها واضح من المنع من السفر، فحريّة التنقّل والسفر حقّ كفلته القوانين المحليّة والدوليّة، والأمر يمسّ بالحقوق الأساسيّة، وقال: "إنّ القانون الأساسيّ الفلسطينيّ نصّ بشكل واضح على حقّ حريّة الحركة والتنقّل للفلسطينيّين، وهذا الحقّ لا يجب تقييده، إلاّ بوجود قرار قضائيّ، وليس بقرار سياسيّ أو إداريّ".
ويبدو أنّ إجراءات عبّاس، التي اتّخذها أخيراً بحقّ قطاع غزّة كوقف ملفّ التحويلات الطبيّة لمواطني القطاع، لعبت دوراً مهمّاً في توتير الأجواء أكثر بين حركة "حماس" والتيّار الموالي له في "فتح"، ليدوس كلّ منهما في النهاية على القانون بقدميه وفق ما هو متاح في يديه من أوراق ضغط.