تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

"الدعوة السلفيّة تتصدّع بفعل "المرأة

منذ تولّي نادية عبده منصب محافظ البحيرة وحتّى الآن، ما زال الجدل دائراً داخل الدعوة السلفيّة حول مدى توافق تولّي المرأة المناصب القياديّة مع أحكام الشريعة. وينذر ذلك الجدل باحتماليّات تصدّع الدعوة السلفيّة وتفكّكها، بعد أن حاولت قياداتها إمساك العصا من الوسط ومحاولة مهادنة الدولة والمحافظة الجديدة.
C42szZmUcAAeFal.jpg

القاهرة: عرف عن الدعوة السلفيّة تعديل فتاوى سابقة عدّة ومراجعتها، وفقاً لما يستحدث من ظروف سياسيّة. وكما ظلّت الدعوة السلفيّة تحرم ترشّح الأقباط للإنتخابات البرلمانيّة بين عامي 2011 و2014، ثمّ تغيّر موقفها إلى إدراج عدد منهم على قوائمها الإنتخابيّة في عام 2015، وفقاً لقانون الإنتخابات آنذاك، شهد مطلع الشهر الجاري نيسان/إبريل تغيّراً ملحوظاً في الموقف من تولّي المرأة المناصب القياديّة.

وبدا ذلك التغيّر، عندما طرح أحد مستخدمي موقع "أنا سلفي"، التابع للدعوة السلفيّة، سؤالاً في 30 آذار/مارس، جاء فيه: "هل تراجعت الدعوة السلفيّة بالفعل عن رأيها في ولاية المرأة، وبعد ما كان لا يجوز أن تتولّى المرأة هذه المناصب، مثل منصب المحافظ أصبحت الآن لا ترى مانعاً من ذلك؟! وفقاً لفتوى للشيخ ياسر برهامي (نائب رئيس مجلس إدارة الدعوة السلفيّة) جاء فيها أنّ منصب المحافظ يختلف من بلد إلى بلد، ومن زمان إلى زمان حسب القانون والدستور، ثمّ حسب الواقع المطبّق، فالحكم يتوقّف على دراسة كلّ ذلك، وأرى أنّ التسرّع في هذا الحكم من دون الدراسة القانونيّة والواقعيّة والشرعيّة غير مقبول".

أجاب ياسر برهامي عن السؤال في 3 نيسان/إبريل صباحاً قائلاً: "إذا قلنا الأمر يحتاج إلى دراسة، فهل يعدّ هذا تراجعاً؟ ولو كان تراجعاً، فما المانع أن يراجِع الإنسان أمراً يظهر له فيه أنّه يحتاج إلى مزيد من البحث؟ خصوصاً في توصيف الواقع المتغيّر، فالقانون يجعل صلاحيّات للمحافظ قد يكون الواقع مخالفاً لها؛ لوجود مؤثّرات مختلفة فى كلّ زمان وكلّ مكان، وأنا أظنّ أنّ الدراسة الدستوريّة القانونيّة الشرعيّة، ثمّ الواقعيّة، غير موجودة للآن، ونحن نجتهد فى إعدادها - إن شاء الله".

وكانت فتوى برهامي بعدم التسرّع في الحكم بجواز تولّي المرأة المناصب القياديّة كمنصب المحافظ من عدمه قد نشرت على موقعي "صوت السلف" و"أنا سلفي" التابعين للدعوة السلفيّة بـ2 آذار/مارس، تعليقاً على تولّي نادية عبده منصب محافظ البحيرة في 16 شباط/فبراير الماضي وما دار حول تولّيها المنصب من جدل ولغط داخل الدعوة السلفيّة.

لقد بدأ اللغط بتصريحات سامح عبد الحميد، وهو الداعية السلفيّ الاسكندريّ المقرّب من برهامي، أثناء استضافته في برنامج "العاشرة مساء" المذاع على قناة "دريم" في 19 شباط/فبراير، حيث قال: "تعيين المرأة في منصب المحافظ مخالف للشريعة، فالمرأة دورها رعاية زوجها وأبنائها، وهي ليست مكلّفة أن تكون مسؤولة في الدولة حيث إنّ الحكم والولاية فيهما مشاق لا تتحمّله المرأة سواء جسمانيّاً أو نفسيّاً."

أضاف: "إزاي هتقابل الرجال وتختلط بهم وتعرّض نفسها للفتنة؟".

وفجّرت تصريحات سامح عبد الحميد جدلاً بدأ من استوديو برنامج "العاشرة مساء" أثناء مداخلة لرئيسة المجلس القوميّ للمرأة مايا مرسي، حين دانت تصريحاته، قائلة: "المادّة 11 من الدستور تنصّ على أنّ المرأة لها الحقّ في التعيين في الجهات القضائيّة والمؤسّسات الحكوميّة من دون تمييز، وثلث الأسر المصريّة تعيلها امرأة، وهذا يؤكّد أنّها صالحة لتولّي المناصب العامّة".

ورغم أنّ فتاوى برهامي بضرورة دراسة الوضعين القانونيّ والواقعيّ لمسألة تولّي المرأة المناصب القياديّة ساهمت في تهدئة الإدانات الواسعة التي قابلتها الدعوة السلفيّة آنذاك من المجلس القوميّ للمرأة وعدد من الناشطات والمنظّمات الحقوقيّة، إلاّ أنّها فجّرت خلافاً بين أروقة الدعوة نفسها، إذ انتقد القياديّ الشاب في حركة "دافع عن العلماء" المنبثقة عن الدعوة السلفيّة حامد أبو حمزة قبول برهامي بتولي نادية عبده منصب المحافظ قائلا لـ"المونيتور": "إنّ الأمر واضح، ولا يحتاج إلى دراسة من أيّ نوع لأنّه لا يجوز للمرأة تولّي المناصب التنفيذيّة، لأنّنا تعلّمنا على يدّ مشايخنا وعلمائنا أنّ المرأة لا يجوز لها أن تخرج إلى المجالس وتخالط الرجال أو تفاوضهم مفاوضة الند للند، ولن يفلح من تصوّر هذا، وعلينا الالتزام بالضوابط الشرعيّة المعروفة، ولا مهادنة أو مراوغة أو تراجع في ذلك، وأقصى ما يمكننا فعله هو السكوت على ذلك، وليس التأييد".

وتعليقاً على حال التخبّط السلفيّ والخلاف داخل الدعوة السلفيّة بسبب الموقف من تولّي المرأة المناصب القياديّة، قال الكاتب الصحافيّ المتخصّص في شؤون الحركات الإسلاميّة هشام النجّار لـ"المونيتور": "فتاوى أعضاء الدعوة السلفيّة متذبذبة بين المنهج الذي يعتقدون أنّه صحيح ويرفض تولّي المرأة والأقباط المناصب، وبين محاولة مسايرة الأوضاع للحفاظ على وجودهم السياسيّ من خلال حزب النور كالممثل الوحيد للتيّار الإسلاميّ في مصر بعد تفكّك جماعة الإخوان، وهو ما تعبّر عنه فتوى برهامي الداعية إلى دراسة الوضع".

أضاف: "الدعوة السلفيّة وذراعها السياسيّة حزب النور تراهنان على إمساك العصا من الوسط وعلى إطلاق الكلام غير الواضح الذي يؤوّل بأكثر من معنى، وربّما يفلح ذلك في الحفاظ على جزء من قاعدتهما الشعبيّة وأعضاء الدعوة، إلاّ أنّه سيفقدهما العديد من القواعد الشبابيّة المتشدّدة لفتاوى الدعوة في السنوات السابقة لأنّ تلك الفتاوى تمثّل الأساس الذي بنيت عليه أفكار هؤلاء الشباب، والذي أصبح من الصعب تغييرها حتّى بفتاوى جديدة من الدعوة".

من جهته، قال الباحث في شؤون الحركات الإسلاميّة بمركز "وودرو ويلسون" الأميركيّ أحمد عطا لـ"المونيتور": "فتاوى برهامي هي محاولة لتجميل صورة الدعوة السلفيّة والظهور بمظهر التسامح في التعامل مع المرأة، كما حدث قبل ذلك مع الأقباط، لكنّها لن تفيد لأنّها غير مصدّقة بالنّسبة إلى المجتمع المصريّ الذي أدرك أنّ آراء الدعوة السلفيّة لا تعبّر عن حقيقة الإسلام ولا سماحته ولا تعاليمه السامية، ولن تؤدّي محاولات تجميل صورة الدعوة، إلاّ إلى مزيد من الانقسامات في داخلها من دون تحسين صورتها للمجتمع المصريّ".

وفي ظلّ تراجع الدعوة السلفيّة عن مواقفها السابقة، ولو بشيء من المراوغة، ربّما تتصدّع بانشقاقات أو خلافات كالقائمة بسبب الموقف من تولّي المرأة المناصب القياديّة، وقد يتطلّب الأمر إعلاناً صريحاً من الدعوة السلفيّة أنّها أخطأت في فتاوى المرأة السابقة، وأنّها ستعيد النظر بناء على منهج أكثر حداثة يتماشى مع الأوضاع السياسيّة القائمة حتّى وإن سبّب ذلك صداماً مبدئيّاً مع أعضاء الدعوة وأنصارها.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

Text Alerts - Be the first to get breaking news, exclusives, and PRO content.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial