تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

لماذا تسعى مصر لرفع حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا؟

هناك اتّهامات بين الحين والآخر لمصر في شأن إمداد ليبيا بمساعدات عسكريّة، رغم الحظر الأمميّ المفروض منذ عام 2011، وهو ما ترفضه مصر وتؤكّد أنّها ملتزمة بما أقرّه مجلس الأمن. وفي هذه الأثناء، تسعى القاهرة لرفع الحظر عن تصدير السلاح إلى ليبيا، معتبرة ذلك يخدم أمنها القوميّ... فهل تنجح مصر؟!
Egypt's Foreign Minister Sameh Shukri speaks during a news conference after meeting with representatives from Libya's neighbour states and United Nations' envoy for Libya, Martin Kobler, in Cairo, Egypt January 21, 2017. REUTERS/Mohamed Abd El Ghany - RTSWOHO

القاهرة - ثمّة اتّهامات وُجهت إلى مصر في شأن انتهاك حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، والتي جاء آخرها ما قاله المبعوث الخاص الأميركيّ إلى ليبيا جوناثان واينر خلال مقابلة مع "بي. بي. سي."، في 10 كانون الثاني/يناير الجاري، حيث أشار إلى أنّ "لجنة خبراء تابعة للأمم المتحدة أعدت تقريرا موثق بالصور يؤكد أن هناك أدلّة على إرسال مصر أسلحة إلى ليبيا"، دون أن يشير إلى نوع هذه الأسلحة. غير أنّ المتحدّث باسم الخارجيّة المصريّة أحمد أبو زيد نفى هذه الاتّهامات، وقال: إنّ مصر ملتزمة بقرار مجلس الأمن رقم 1970 (2011)، وليس هناك أيّ خروق في هذا الشأن.

وتفرض الأمم المتّحدة حظراً على تصدير السلاح إلى ليبيا منذ عام 2011، عندما شنّ الزعيم الليبيّ السابق معمّر القذافي حملة قمع ضدّ المتظاهرين المطالبين بالديموقراطيّة في بلاده، إلاّ أنّ ذلك لم يمنع وصول السلاح منذ ذلك الحين، بطرق غير شرعيّة، متجاوزاً الحظر، ومستغلاًّ الفوضى في البلاد، إلى جماعات إرهابيّة وأخرى متطرّفة.

ومنذ الثالث من تشرين الأول/أكتوبر 2014 أصبحت ليبيا أمام تحدّ أمنيّ غير مسبوق حينما أعلن مسلحون في مدينة درنة عبر شريط تم بثه على الإنترنت عن قيام تنظيم الدولة الإسلاميّة "داعش" بليبيا ضمن ما أسموه "دولة الخلافة". قبل أن يقبل مبايعاتهم زعيم التنظيم أبوبكر البغدادي في تسجيل صوتي منسوب له نُشر على الإنترنت في نوفمبر 2014.

ورغم تصريحات مسؤولين مصريّين تؤكّد وقوف مصر على مسافة واحدة من كلّ الأطراف السياسيّة في ليبيا، إلاّ أنّ القاهرة تدعم علناً المشير خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، حيث استضافته في القاهرة عدة مرات كان أخرها في 19 يناير 2017، على أنّه قائد الجيش الوطنيّ الليبيّ؛ لبحث الأوضاع السياسية والأمنية وسبل دفعهما للأمام.

وقال الرئيس عبد الفتّاح السيسي في نيسان/إبريل من عام 2016: "إنّ مصر تدعم الجيش الوطنيّ الليبيّ ممثّلاً في حفتر لأنّها ترى أنّ هذا هو الطريق الأمثل للتخلّص من الإرهاب ودعم قيام ليبيا من جديد".

وتعتبر القاهرة الداعم الأكبر لرفع حظر التسليح عن الجيش الليبيّ (مصر تدعم رفع الحظر عن تسليح الجيش الليبي بقيادة حفتر فقط وليس كل التنظيمات الأخرى)، حيث طالب عبد الفتّاح السيسي رسمياً في كلمته أمام الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة في أيلول/سبتمبر من عام 2016، برفع الحظر المفروض على ليبيا، معتبراً أنّها تعيش وضعاً دقيقاً وأزمة سياسيّة عميقة.

من جهته، انتقد الباحث السياسيّ في مركز الأهرام المصريّ للدراسات الاستراتيجيّة د. بشير عبد الفتّاح ما وصفه بإصرار المجتمع الدوليّ على فرض حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا، مشيراً لـ"المونيتور" إلى أنّ مصر تحاول تقليل ما اعتبره غلواً من المجتمع الدوليّ، لا سيّما الدول الخمس التي لها حقّ النقض "الفيتو" بمجلس الأمن تجاه ليبيا في هذا الإطار.

وأيّد بشير عبد الفتّاح وجهة النظر المصريّة تجاه ليبيا، وقال: من غير العادل أن تحصل التنظيمات الإرهابيّة والميليشيات المسلّحة على أسلحة بطرق غير شرعيّة، بينما مجلس الأمن يقف حائلاً دون حصول الجيش الليبيّ بقيادة حفتر على أسلحة لمواجهة خطر الإرهاب.

وأصدرت الأمم المتّحدة تقريراً في 20 تمّوز/يوليو من عام 2016، قدّمته إلى مجلس الأمن الدوليّ في شأن التهديد الذي تشكّله ليبيا على دول الجوار. وقالت فيه: إنّ تنظيم داعش يعمل في ليبيا كمركز لتقديم الدعم إلى فروعه في شمال إفريقيا.

واتّفق محمّد الحجازي، وهو الناطق السابق باسم القيادة العامّة للجيش الليبيّ التابعة لحفتر، مع ما جاء في التقرير، وقال: إنّ الأوضاع المتردّية، لا سيّما في المناطق الحدوديّة مع مصر وسيطرة بعض المليشيات المسلّحة عليها، تشكّل خطراَ على القاهرة.

ثلاث أمور تهدد الأمن القومي المصري عبر الحدود الغربية مع ليبيا، أولها الدعم المالي واللوجيستي الذي يقدمه تنظيم داعش لجماعة أنصار بيت المقدس المتشددة في مصر عبر الحدود، إضافة إلى محاولات التسلل والتهريب التي تنشط عبر الحدود من وإلى ليبيا، فضلاً عن تجارة تهريب الأسلحة والهجرة غير الشرعية عبر ليبيا إلى مصر.

وتنسّق مصر عسكرياً مع الجيش الليبي ـ ممثل في حفتر ـ والذي وضح حينما شنت مصر، في فبراير 2015 ضربات جوية على أهداف لتنظيم "داعش" داخل ليبيا، ردا على إعدام التنظيم 21 مصريا في ليبيا. وقال حينها صقر الجروشي قائد القوات الجوية الليبية، إن "هذه الضربات تمت بالتنسيق معنا"؛ ما يعني عدم استبعاد أي تعاون عسكري في هذا الصدد.

وتشهد المنطقة الغربية استنفاراً أمنيا ورفع درجة الاستعداد القصوى لتأمين الحدود مع ليبيا بشكل دائم منذ الضربات الجوية التي نفذتها في فبراير 2015، فيما أجرت القوات المسلحة المصرية أكبر مناورة عسكرية بالذخيرة الحية في نوفمبر 2016، بالمنطقة الغربيه العسكرية على الحدود مع ليبيا.

أضاف حجازي في اتصال هاتفيّ مع "المونيتور" من طبرق: إنّ المجتمع الدوليّ لا يملك نيّة حقيقيّة لرفع الحظر عن التسليح، خصوصاً مع عدم التوافق السياسيّ بين الأفرقاء الليبيّين.

واعتبر الخبير في شؤون الجماعات الإرهابيّة حسن أبو هنيّة أنّ سيطرة تنظيم القاعدة على مدينة درنة التي تقع شمال شرق ليبيا والقريبة من الحدود مع مصر، بعد أن طرد تنظيم داعش منها في يونيو 2015، يشكّل خطراً على الأوضاع الأمنيّة في شمال سيناء، وقال في اتّصال هاتفيّ مع "المونيتور" من الأردن: إنّ هذه الجماعات المسلّحة في درنة تنشط بين الحين والآخر في تهريب الأسلحة إلى مصر عبر الحدود.

ورصدت الأمم المتّحدة في تقريرها أنّ الأموال تُنقل عبر ليبيا إلى تنظيم أنصار بيت المقدس في الجزء الشرقيّ من شبه جزيرة سيناء في مصر. ووفقاً للتقرير، فإنّ إعانات شهريّة كبيرة ودعماً لوجيستيّاً قدّمهما التنظيم في ليبيا إلى أنصار بيت المقدس منذ العام 2015. كما أنّ صفوف تنظيم أنصار بيت المقدس، فرع "داعش" في مصر، والذي أعلن ولاءه لأبو بكر البغدادي قائد التنظيم "الإرهابيّ" في تشرين الثاني/نوفمبر من عام 2014، تعزّزت بمصريّين تدرّبوا في ليبيا.

وأطلق تنظيم أنصار بيت المقدس على نفسه اسم "ولاية سيناء"، وهو يشنّ هجمات على قوّات الأمن في شمال سيناء تسارعت وتيرتها منذ عزل الرئيس الأسبق محمّد مرسي المنتمي إلى الإخوان في 3 يوليو 2013، وكان آخرها هجومين على حاجزي أمن في مدينة العريش بسيناء، والتي أعلن مسؤوليّته عنهما وأوديا بحياة 25 شخصاً.

وعن دور مصر باعتبارها أحد الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن في تحريك هذا الملف، قال عبد الفتّاح: إنّ مصر تخوض طريقاً صعباً؛ لإقناع الدول الأعضاء لتبنّي الرؤية نفسها.

وأشار إلى أنّ القاهرة لم تَسلم دائماً من الانتقاد الدوليّ بسبب موقفها تجاه هذه القضيّة، وقال: "إنّ الموقف المصريّ يتعارض مع الموقف الدوليّ في شأن دعم حفتر. ولذا، أتوقّع استمرار التّصادم، ممّا يُعرقل أيّ جهود لإحتواء الأوضاع في ليبيا".

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

Text Alerts - Be the first to get breaking news, exclusives, and PRO content.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial