القاهرة – أعلنت وزارة الداخليّة في 19 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، عن مقتل محمد عاشور دشيشة، أحد أخطر عناصر حركة "حسم"، بعد تبادل لإطلاق النار مع قوّات الشرطة ، وذلك داخل إحدى الوحدات السكنية بالحي الرابعة بمدينة 6 أكتوبر.
وقالت الداخلية في بيان رسمي لها، أن دشيشة اتخذ ومعه عدد من عناصر الحركة من الشقة مقراً لعقد اللقاءات التنظيمية وتصنيع العبوات المتفجرة لاستخدامها في تنفيذ سلسلة من العمليات العدائية تجاه رجال الجيش والشرطة والقضاء، وبمجرد الإقتراب من الشقة، بادر بإطلاق النار على القوات، فبادلته القوات إطلاق الرصاص، ما أسفر عن مقتله واستشهاد مجند بعد إصابته بطلق ناري. لتعلن بعدها الحركة عن بداية مرحلة جديدة أسمتها "الجهاد والمقاومة" ضدّ نظام الرئيس السيسي، ممّا يطرح تساؤلات عدّة حول مستقبل تلك الحركة، ومموّليها وداعميها، ومدى تبعيّتها إلى جماعة الإخوان المسلمين.
كانت العملية الأولى التي تقوم بها الحركة، في 16 تمّوز/يوليو الماضي، عندما أعلنت وزارة الداخليّة عن اغتيال رئيس مباحث مركز شرطة طامية في محافظة الفيوم الرائد محمود عبد الحميد، وإصابة اثنين آخرين من رجال الشرطة، بعدما أطلق 3 أشخاص ملثّمون، يستقلّون درّاجة بخاريّة، وابلاً من الأعيرة الناريّة عليهم داخل سيّارة شرطة تابعة إلى المركز، لتكون تلك العمليّة شاهدة على ولادة حركة جديدة تستهدف رجال الشرطة والجيش ورموز الدولة، أطلقت على نفسها اسم "حركة سواعد مصر – حسم".
ففي مساء اليوم ذاته، أصدرت الحركة بياناً رسميّاً تحت عنوان "بيان عسكريّ 1"، قالت فيه: "تعلن حركة حسم تبنّيها تصفية رئيس مباحث طامية الفيوم الرائد محمود عبد الحميد، وإصابة اثنين من مرافقيه، كليهما في حالة حرجة، أحدهما أمين شرطة والآخر مجنّد، وذلك جزاء لما ارتكبوه من جرائم وانتهاكات، وعملهم ضمن هذه المنظومة"، والمقصود منظومة الرئيس عبد الفتّاح السيسي.
وأضاف البيان: "إنّنا نعاهد الله ونعاهد الشعب المصريّ ألّا نلقي السلاح عن كاهلنا، إلّا وقد تحرّر شعبها العظيم من ظلم الآلة العسكريّة، وميليشياتها الغادرة، حتّى آخر فرد من رجال الحركة، وإنّنا لن نغادر أرض المعركة إلّا منتصرين أو شهداء".
بتلك الأفكار، بدأت الحركة عمليّاتها الإرهابيّة، لتعلن بعدها بأسابيع قليلة، وتحديداً في 5 آب/أغسطس الماضي، مسؤوليّتها عن عمليّة جديدة استهدفت فيها مفتي الديار المصريّة السابق الدكتور علي جمعة، أثناء دخوله إلى أحد المساجد، لأداء صلاة الجمعة، في مدينة 6 أكتوبر، ولكنّه نجا منها، وفشلت محاولة الاغتيال.
وقالت الحركة في بيان له: "تمّت عمليّة الاستهداف لمفتي الإعدامات وطاقم حراسته، ممّا أسفر عن إصابة طاقم حراسته، وذلك من خلال كمين تمّ إعداده له ولطاقمه، إلّا أنّ ظهور مدنيّين في المشهد وإسراعه نحو المسجد منعا إتمام الاغتيال، ولكن في المرّة المقبلة، لن يفلت منها أبداً"، في إشارة منها إلى استمرار نهج العنف تجاه الدولة ومؤسّساتها.
وردّاً على تلك المحاولة الفاشلة، أعلنت أجهزة الأمن في 14 آب/أغسطس ذاته، عن تحديد العناصر المتورّطة في عمليّة الاغتيال، والقبض عليهم جميعاً، وقالت إنّهم ينتمون إلى خليّة إرهابيّةمن حركة حسم متورّطة في العديد من الحوادث، وأعدّوا قائمة اغتيالات لعدد من الشخصيّات العامّة والقيادات الأمنيّة خلال الفترة المقبلة، بعد تدريبهم على حمل السلاح في المناطق الصحراويّة بدعم ومساعدة من قيادات جماعة الاخوان.
لم تكن تلك الضربة الأمنيّة الموجعة، رادعة لحركة حسم، حيث ردّت عليها بعدها بأيّام قليلة بعمليّات متتالية عدّة، من بينها استهداف نادي الشرطة في محافظة دمياط، في 4 أيلول/سبتمبر الماضي، ممّا أسفر عن إصابة رئيس إدارة المفرقعات العقيد معتزّ سلامة، وخمسة آخرين، إضافة إلى محاولة اغتيال النائب العام المساعد المستشار زكريا عبد العزيز في منطقة التجمّع الأوّل، عن طريق استهداف موكبه بسيّارة مفخّخة، وذلك في 30 من الشهر ذاته .
وكانت العمليّة الإرهابية الأخيرة التي قامت بها حركة حسم، في 9 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، عن طريق استهداف تمركز أمنيّ في شارع الهرم تابع إلى وزارة الداخليّة، في محافظة الجيزة، باستخدام عبوة ناسفة، ممّا أدّى إلى مقتل 6 من رجال الشرطة وإصابة ثلاثة آخرين.
واستمراراً للمواجهات الأمنيّة بين أجهزة الأمن والحركة، أعلنت وزارة الداخليّة في 19 كانون الأوّل/ديسمبر الجاري، عن مقتل أحد أخطر عناصر الحركة، بعد تبادل لإطلاق النار مع قوّات الشرطة في مدينة أكتوبر، لتعلن بعدها الحركة عن بداية مرحلة جديدة أسمتها "الجهاد والمقاومة" ضدّ نظام الرئيس السيسي، ممّا يطرح تساؤلات عدّة حول مستقبل تلك الحركة، ومموّليها وداعميها، ومدى تبعيّتها إلى جماعة الإخوان المسلمين.
يقول الباحث في شؤون الحركات الإسلاميّة سامح عيد في تصريحات إلى"المونيتور" هو باحث مستقل، ومنشق عن جماعة الاخوان وتركهم:"أوّلاً، حركة حسم هي إحدى حركات وجماعات عدّة تأسّست عقب فضّ اعتصامي رابعة والنهضة، وما أسفر عن ذلك من مقتل أشخاص والقبض على آخرين. وأعضاء هذه الحركات هم في الأغلب من شباب الاعتصام الذين نجحوا في الهروب أثناء الفضّ، أو الذين دخلوا إلى السجون ثمّ خرجوا منها بعد قضاء فترة عقوبتهم، ثمّ تجمّعوا وكوّنوا تلك الحركات ثأراً من النظام الحاليّ".
وبدأت أجهزة الأمن المصريّة في تنفيذ خطّة لفضّ اعتصامي رابعة والنهضة في 13 آب/أغسطس 2013، بعدما احتشد فيهما عدد من مؤيّدي الرئيس الأسبق محمّد مرسي، المطالبين بعودة حكم جماعة الإخوان المسلمين مرّة أخرى، عقب الاحتجاجات الشعبيّة التي خرجت في 30 حزيران/يوينو من العام ذاته، وانتهت بسقوط حكمهم.
وأضاف: "هناك دلالات كثيرة تؤكد أن هذه الحركة ليس لها أي خبرات ولا تنتمي لجماعة الاخوان ونشات بعد فض اعتصام رابعة، منها أوّلاً أنّ أجهزة الأمن عندما أعلنت عن مقتل أحد أخطر كوادر الحركة في 19 كانون الأوّل/ديسمبر الماضي، كان عمره لا يتجاوز الـ25 عاماً، ممّا يشير إلى صغر سنّ قادتها، وهو عكس المتّبع داخل تنظيم الإخوان المسلمين. ثانياً، بداية ظهور الحركة كان في محافظة الفيوم، وهي إحدى المحافظات التي فقدت الكثير من أبنائها خلال فضّ اعتصامي رابعة والنهضة. ثالثاً، العمليّات الإرهابيّة كافّة التي قامت بها الحركة، لم تستخدم فيها الأسلحة الثقيلة، وإنّما اعتمدت على موادّ بدائيّة الصنع، إضافة إلى فشلها في تنفيذ أكثر من عمليّة اغتيال مثل محاولة اغتيال النائب العام المساعد أو مفتي الديار المصريّة السابق، وهو ما يؤكّد ضعف خبرات هذه الحركة. وبالتالي لا توجد صلة بين هذه الحركة وتنظيم الإخوان المسلمين أو أيّ تنظيمات أخرى، وإن كانت جماعة الإخوان المسلمين تبارك تلك الممارسات الإرهابيّة تجاه النظام الحاليّ، وترحّب بها".
واستبعد عيد انتهاء تلك الممارسات العنيفة والمواجهات المسلّحة بين الحركة والأجهزة الأمنيّة في القريب العاجل، حتّى إذا حدثت مصالحة بين الدولة وجماعة الإخوان المسلمين، قائلاً: "هذا الجيل متمرّد ولا يخضع إلى سيطرة التنظيم، ولديه أفكار تكفيريّة ضدّ الدولة، وبالتالي أعتقد أنّ موجة العنف ستستمرّ لسنوات طويلة، إذا لم تغيّر الدولة في استراتيجيّة تعاملها مع تلك الجماعات، واعتمدت على المواجهات الأمنيّة فقط، من دون اتّباع أساليب جديدة لتحصين الشباب من اعتناق ذلك الفكر المتطرّف".
فيما يختلف عنه اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية الأسبق، حيث قال في تصريحات لـ "المونتور"، أن حركة حسم ما هي إلا ذراع لجماعة الإخوان، التي تحاول إحداث حالة من الإضطراب والفوضى في البلاد، خاصة أن هذه الحركة لم نسمع عنها شيئاً خلال فترة حكم الإخوان.
وأضاف المقرحي: "حركة حسم وغيرها من الحركات الإرهابية يتلقون دعماً مادياً من الإخوان، وقطر وتركيا يساهمان بشكل كبير في تمويل الإخوان بهدف نشر الفوضى في المجتمع وإظهار للعالم ضعف النظام الحالي وعدم قدرته على مواجهة الإرهاب، قائلاً: " لن نستسلم للإرهاب وسنقضي عليه مهما طال الوقت ".