ذكر تقرير موقع دنيا الوطن في غزة في 24 تشرين الثاني / نوفمبر إن الـ 26 مندوب أردني الذين كانوا سيشاركون في المؤتمر السابع لحركة فتح المقرر افتتاحه في 29 تشرين الثاني / نوفمبر لن يحضروا المؤتمر "لأسباب تقنية ولوجستية وأمنية،" ما أخذ البعض على حين غرة. وقد جاء في التقرير الحصري أن قيادة فتح أعادت تخصيص هذه المقاعد فمنحتها لمندوبين سوريين ولبنانيين.
صحة هذا التقرير أكدها للمونيتور نجيب القدومي الذي كان سيرأس الوفد الأردني الفلسطيني إلى المؤتمر فقال: "كان ذلك طلبا من الحكومة الأردنية، وقد وافقت القيادة الفلسطينية عليه". وأشار القدومي إلى أهمية الأردن الاستراتيجية، قائلا: "إن الحكومة الأردنية من أشد المؤيدين لفلسطين خاصة في موقفها إزاء حماية الأماكن المقدسة في القدس."
أما عمر كلاب، وهو ناشط سياسي فلسطيني أردني من قطاع غزة، فقال للمونيتور إن القرار يأتي في أعقاب التوترات المتصاعدة بين رام الله وعمان. "لقد شهدت السنوات الماضية فتورا في العلاقات وذلك لمجموعة متنوعة من الأسباب... ومن بعض المشاكل التي تسببت بهذا التوتر الجدل حول التصويت لسمو الأمير علي بن الحسين من الأردن لرئاسة الاتحاد الدولي لكرة القدم، حيث ادعى الأردن إن رئيس اتحاد كرة القدم الفلسطيني لم يصوت للأمير علي. أضف إلى ذلك الخلاف حول تركيب كاميرات في المسجد الأقصى".
وقال كلاب إن الرفض الفلسطيني لدفعة اللجنة الرباعية العربية الأخيرة (الأردن، والإمارات العربية المتحدة ومصر والمملكة العربية السعودية) كانت الضربة القاضية في العلاقات بين البلدين، مضيفا: "ولم يستطع المندوبون الفلسطينيون الإجابة بالإيجاب عندما سئلوا ما إذا كان بإمكانهم ضمان أن تكون نتائج مؤتمر فتح على هوى اللجنة الرباعية".
وأفادت عدة وسائل إعلام عربية إن اللجنة الرباعية العربية تمارس الضغوطات على حركة فتح لقبول عودة زعيم حركة فتح المفصول محمد دحلان. وأشار القدومي إلى أنه قُدمت لدحلان وأنصاره فرصة عكس الإقالة لكنه فشل في تقديم طلب رسمي بذلك، مضيفاً: "أربعة من أنصاره استأنفوا القرار وهم يحضرون المؤتمر الآن، إلا أن دحلان لم يتقدم باستئناف رسمي".
في النقاش الداخلي بين الأردن والفلسطينيين، تم عرض مسألة الولاء المقسوم. وفقا لهاني المصري، وهو استراتيجي فلسطيني رائد مستقل، تم ذكر قضية الجنسية في المناقشة بهدف إقناع المندوبين بضرورة البقاء بعيدا عن المؤتمر المعقود في رام الله". وقد تم إعلام المندوبين إنهم في خطر فقدان جنسيتهم في الأردن إذا ما قرروا حضور المؤتمر،" بحسب ما قال المصري في مقال نشر في 22 تشرين الثاني / نوفمبر في صحيفة السفير اللبنانية.
وذكرت صحيفة راي اليوم الإلكترونية ومقرها لندن إنه تتم دراسة جنسية 22 مسؤول فلسطيني أردني كبير الآن. وقد تم إرفاق سجلات قادة فلسطينيين بارزين مثل محمود عباس وعزام الأحمد وأبو علاء قريع بحرفين بالعربية يشيران إلى أنه قد يتم سحب الجنسية منهم وهما: ت.ح. أي "تحت السحب"، وفقا لما ذكرته الصحيفة في 11 تشرين الثاني / نوفمبر. وبعد ثلاثة أيام، شكك عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أحمد في صحة التقرير وصرح لموقع Arabi21.com الذي يتخذ من المملكة المتحدة مقرا له إنه لم يتم إعلام الفلسطينيين الأردنيين عن أي تغيير في وضعهم.
وبما أن الأردن رفض السماح لحماس بالعمل من الأردن وقام بترحيل قادة حماس في عام 2008، يعتقد كلاب أن الأردن لن يسمح لفتح بالعمل في الأردن، خصوصا إذا كانوا يرفضون نصيحة الأردن واللجنة الرباعية العربية.
أما عباس زكي، وهو قائد بارز في حركة فتح والمسؤول عن العلاقات العربية العربية، فنفى بشدة أي توترات مع الأردن وقال للمونيتور عبر الهاتف مساء بدء مؤتمر فتح إن العلاقات مع الاردن "عظيمة".
من جهته، بدا ماجد فرج، رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية وأحد المقربين من عباس، وكأنه يلمح الى بعض الضغوطات التي تواجهها حركة فتح. ففي 27 تشرين الثاني / نوفمبر، قال في كلمة مرتجلة في فندق جراند بارك في رام الله، حيث كان يقيم مندوبون من غزة ومن الخارج إن "فتح ليست للبيع أو التقسيم، ويجب أن تتم حمايتها بواسطة الدم. إنها ثقة الشهداء والأسرى. وعلينا حماية التاريخ وبناء المستقبل".
ورفض مسؤولون أردنيون التعليق مباشرة على المؤتمر القادم وأشار المتحدث باسم الحكومة محمد المومني للمونيتور إن المؤتمر شأن فلسطيني ولم يكن للأردن أي علاقة به.
الأردن، الذي يأوي أكثر من مليوني أردني من أصول فلسطينية، هو جار فلسطين وشريكها الاستراتيجي. ودائما ما يعتبر مسؤولون فلسطينيون أن الأردن رئتي فلسطين، كونه مصدر الهواء والحرية للشعب المحتل. أضف أن السفر من وإلى المناطق الفلسطينية يقتصر على معبر نهر الأردن على جسر الملك حسين وكان الأردن من أبرز المدافعين عن حقوق الشعب الفلسطيني في العالم والمدافع الرئيس عن المسجد الأقصى المبارك وغيره من الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة في القدس.
فيما يسعى قادة فتح إلى الحفاظ على استقلالهم في خلال انعقاد مؤتمرهم السابع، يحرصون أشد الحرص على عدم السماح لأي شيء بالتأثير سلبا على العلاقات الاستراتيجية مع الأردن المجاور، ويعتقد الجانبان أن هذه العلاقات قادرة على تخطي العاصفة الحالية. ومن المحتمل جدا أن تزول بعض التوترات الحالية في حال نجاح المؤتمر ليقف الأردن وغيره من البلدان وراء القيادة الجديدة التي ستنبثق من رام الله إذا ما كانت تتمتع بدعم قوي من الفلسطينيين.