طهران، إيران - في 10 أيلول / سبتمبر، أطلقت إيران وروسيا مشروعا لإضافة مفاعلين جديدين بقدرة 1000 ميغاوات إلى مفاعل 1000 ميغاواط الموجود في محطة بوشهر النووية في جنوب غرب البلاد والتي تم وصلها بشبكة إيران الوطنية في أيلول / سبتمبر 2011 بعد سلسلة طويلة من التأخير والمشاكل التقنية وسط خلاف بين طهران والغرب بشأن البرنامج النووي الإيراني.
لدى إيران، التي يبلغ عدد سكانها أكثر من 80 مليون نسمة، رابع أكبر احتياطيات من النفط وثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم. ولكن على الرغم من مواردها الهيدروكربونية الغنية، تسعى البلاد إلى تحقيق مشاريع لبناء المزيد من المفاعلات النووية، وذلك في إطار جهود رامية إلى زيادة اعتمادها على مصادر الطاقة المتجددة نظرا لاحتوائها على تضاريس ملائمة لهذا النوع من الطاقة.
في ظل هذه السياسة، اتخذت إيران في السنوات الماضية تدابير لزيادة قدرة الطاقة عبر مصادر مثل الرياح والطاقة الشمسية والطاقة الحرارية الأرضية. فتضمنت هذه التدابير مشاريع لإنتاج 600 ميغاواط من الكهرباء من خلال الرياح والكتلة الحيوية وبناء محطة للطاقة الحرارية الأرضية بقدرة 50 ميغاوات في شمال غرب البلاد.
ووفقا للأرقام الرسمية، تبلغ قدرة إيران الموجودة على توليد الطاقة 74،000 ميغاواط، منها ما يقارب 200 ميغاواط يتم انتاجه حاليا عن طريق مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في الدرجة الأولى. لكن من المتوقع أن تصل قدرة إنتاج الطاقة المتجددة إلى 5000 ميغاوات في خلال السنوات الخمس المقبلة، وذلك في إطار سادس خطة تنمية خمسية إيرانية تنص على بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء بقدرة إجمالية تبلغ 26،000 ميغاوات.
وتتطلب خطة التنمية السادسة من الحكومة التركيز على الطاقة النظيفة لحماية البيئة. في هذا السياق، قال للمونيتور ريك توين، مدير مشروع بعثة تجارة الطاقة المتجددة في إيران من شركة سولاربلازا، إن الطاقة المتجددة بمثابة أداة رئيسة لإيران، التي هي من بين حوالى 200 دولة ملتزمة باتفاق باريس حول المناخ 2015 الذي يدعو لخفض الانبعاثات، وذلك للتخفيف عن البيئة لأنها تقلل من استخدام الوقود الأحفوري ويوفر الماء.
وأضاف مدير الشركة التي تعمل من هولندا: «إذا كان من المعقول الحصول على طاقة الرياح والطاقة الشمسية بسعر أرخص من الطرق القديمة فيمكن عندئذ توفير المال وبيع الوقود الذي يتم توفيره إلى بلدان أخرى بأسعار أعلى من أسعارها.»
ويعتقد توين أيضا إن الطاقة المتجددة تساعد إيران على جذب رؤوس الأموال الأجنبية، ما يعود بالفائدة على صناعتها المحلية وفرص العمل فيها. ونظرا إلى أن إيران تجذب أصلا الاستثمارات الأجنبية في مجال الطاقة المتجددة، قال توين إنه يعتقد إن البلاد «تسير على قدم وساق» لتصبح مركزا كهربائيا إقليميا يصدر الكهرباء بشكل ملحوظ في السنوات القادمة.
تجدر الإشارة إلى أنه بهدف المساعدة على تسريع إنتاج الطاقة المتجددة وتحقيق الأهداف المحددة، سهلت الحكومة الإيرانية قواعد الاستثمار وقدمت الحوافز لتشجيع المستثمرين المحليين والأجانب على التعاون في قطاع الطاقة المتجددة. وقال وزير الطاقة حميد تشيت تشيان في تموز / يوليو إنه سيتم زيادة فترة ضمان الشراء من خمس سنوات إلى 20 سنة بهدف تقديم دعم أكبر للإنتاج المحلي، في حين سيتم رفع سعر الشراء المضمون بنسبة 30٪ للشركات التي تستخدم التكنولوجيا والمعدات المحلية. وقد ذكر جعفر محمد نجاد سيغارودي، وهو مسؤول بارز في منظمة الطاقة المتجددة في إيران (سونا)، وهي المؤسسة المركزية المسؤولة عن الطاقة المتجددة، عدة حوافز أخرى في هذا الإطار.
في تصريح لطهران تايمز في نيسان / أبريل، قال نائب رئيس التخطيط والتنمية في (سونا): «لقد قمنا بتسهيل عملية إصدار التصاريح التي على المستثمرين خوضها، بما في ذلك التصاريح التي تطلبها وزارة البيئة. وانطلاقا من المحادثات التي جرت بين وزارتي الطاقة والاقتصاد، سيتم ضمان الاستثمار الأجنبي في القطاع. وهذه خطوة هامة لأنها تقلق نسبة كبيرة من المستثمرين الأجانب.»
ويبدو أن التدابير التي اتخذتها الحكومة كانت ناجحة بما يكفي لجذب المستثمرين الأجانب الذين زاد عددهم، وفقا لمسؤولين إيرانيين، بعد الاتفاق النووي. وقد وقعت شركات أوروبية من ألمانيا وإيطاليا والدنمارك وشركات من النرويج والصين وكوريا الجنوبية عدة اتفاقات في هذا الإطار أو عبرت عن استعدادها للتعاون مع ايران لزيادة الانتاج من الطاقة المتجددة.
من جهته، أعلن جايلز ديكسون، المدير التنفيذي لرابطة طاقة الرياح الأوروبية والذي زار إيران في تموز / يوليو، عن استعداد منظمته تشجيع المستثمرين الأوروبيين على الاضطلاع بدور أكبر في مشاريع الطاقة المتجددة في إيران، وخاصة طاقة الرياح، بما أن إيران تتمتع بإمكانات عالية في طاقة الرياح - حتى أكثر من أوروبا.
لمعرفة المزيد حول سبب تركيز إيران على الطاقة المتجددة في السنوات الأخيرة، تحدث المونيتور مع محمد رضا باباي، خبير الاستراتيجيات الاقتصادية في طهران، الذي يعتقد أن أهمية التنمية المستدامة وضرورة توفير احتياجات الطاقة للأجيال القادمة تجعل استخدام الطاقة المتجددة أكثر من معقول.
وقال باباي: «هناك حاجة استراتيجية للنفط والمشتقات المكررة في المستقبل. في نفس الوقت، سيتم استهلاك الوقود الاحفوري لتحل الطاقة المتجددة محلها تدريجيا لتلبية الاحتياجات الإيرانية المنزلية والصناعية المتنامية للطاقة.»
ولفت إلى أن الطاقة المتجددة يمكن أن تساعد البلاد في الحصول على مزيد من السيطرة على تقلبات الأسعار الممكنة في الوقود الأحفوري، مضيفا: فضلا عن كونها مصدرا لتحسين أمن الطاقة، توفر الطاقة المتجددة لإيران فرص تصدير أيضا.»
فبالإضافة إلى موقع إيران السياسي، حولت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والطاقة الحرارية الأرضية البلاد إلى واحدة من أفضل المناطق للاستثمار في الطاقة المتجددة، ويعتقد خبراء مثل باباي وتوين إنه بإمكان إيران أن تصبح مركزا كهربائيا في المنطقة لتصدير الكهرباء المنتجة، إذ قد يتجاوز إنتاجها الطلب المحلي في السنوات المقبلة.
حتى العام الماضي، أي قبل رفع العقوبات النووية عن البلاد، كانت خطة الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة في إيران بعيدة عن الواقع وصعبة التحقيق. ولكن مع إزالة القيود الرئيسة على الاستثمار الأجنبي في إيران، يرى العديد من الخبراء أن الأهداف الاستثمارية التي تضعها البلاد والتي تقضي بتحقيق 10 مليار دولار بحلول عام 2018 و60 مليار دولار بحلول عام 2025 هي أهداف ممكنة جدا.
ويقول خبراء إن تنمية الصناعة تشمل تحديات مختلفة، بما في ذلك البنية التحتية البالية أو المتخلفة أو عدم وجود خبرة في بعض تكنولوجيات الطاقة المتجددة المتخصصة. ولكن كثيرين هم الذين يعتقدون أن التزام الحكومة القوي بتنويع مزيج الطاقة وتحديث البنية التحتية في ظل اهتمام المستثمرين المحليين والأجانب بالاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة لا يدع مجالا للشك بأن إيران تسير في الاتجاه الصحيح.