تصعيد مرجّح للانفصاليّة الكرديّة
كتب قادري كورسل أنّ حملة التّطهير التي تقودها الحكومة التّركيّة منذ محاولة الانقلاب على الرّئيس رجب طيب أردوغان في 15 تموز/يوليو تجاوزت المؤيّدين المزعومين لفتح الله كولن وأصبحت تشمل التابعين المزعومين لحزب العمال الكردستاني والمتعاطفين معه.
استبدلت وزارة الدّاخليّة هذا الشّهر 24 رئيس بلديّة لتأييدهم حزب العمال الكردستاني الذي صنّفته تركيا تنظيمًا إرهابيًا، فضلاً عن فرع الحزب، اتّحاد مجتمعات كردستان. وقد أصبح بالفعل نصف الذين عُزِلوا من مناصبهم في السّجن بانتظار المحاكمة. ويوضح كورسل أنّ رؤساء البلديّات "فازوا في انتخابات آذار/مارس 2014 المحليّة على لائحة حزب السّلام والدّيمقراطيّة، الذي أصبح سريعًا حزب المناطق الدّيمقراطيّة. وفي العام عينه، اتّحدت الحركة الكرديّة ضمن فريق مع بعض عناصر اليسار التّركي وأنشأت حزب الشّعوب الدّيمقراطي الذي طمح إلى الانتشار على نطاق البلد. وفي حين ركّز حزب المناطق الدّيمقراطيّة على الإدارات المحليّة، فاز حزب الشّعوب الدّيمقراطي بالتّمثيل البرلماني في دورتي الانتخابات العامة العام الماضي ليصبحوا صوت الأكراد في السّياسات الوطنيّة".
بعد ذلك، علّقت وزارة التّعليم عمل 11,825 معلّمًا بسبب دعمهم حزب العمال الكردستاني من خلال "تعطيل حظر التّجوّل" والمشاركة في تظاهرات "عرقلت الحقّ في التّعليم"، بحسب ما كتبه كورسل.
عندما سئل رئيس الوزراء بن علي يلدريم عن المسألة الكرديّة في وقت سابق هذا الشّهر، أشار إلى أنّه لم يجر التّخطيط لأيّ تسوية. وقال، "لن يكون هناك أيّ اتّفاق على تسوية".
ويختتم كورسل بقوله، "مع غياب أيّ 'اتّفاق على تسوية' في المخطّطات، ومع استعمال صلاحيّات قانون الطّوارئ لإزالة حزب كردي قانوني من الإدارات المحليّة والأساتذة من المدارس، ليس من الصّعب توقّع التّداعيات في جنوب شرق البلاد. في القاعدة الشّعبيّة الكرديّة المسيّسة إلى حدّ كبير، من المرجّح أن تزعزع تجاوزات الحكومة الثّقة في العمليّات الدّيمقراطيّة وتؤجّج النّزوع إلى العنف. فوجهة النّظر بأنّه يجري استبعاد الأكراد من القطاع العام فقط لأنّهم أكراد قد تنتشر على نطاق واسع، لترسّخ بذلك شعورًا بعدم المساواة قد يكون من الصّعب إصلاحه. وفي النّهاية، يجب أن نتوقّع أن تعزّز تدابير الحكومة المشدّدة التيار الانفصالي الكردي الذي يدعم العنف والإرهاب".
الجيش التّركي قد يحتاج إلى سنتين ليتعافى من عمليّة التّطهير
يقدّم متين تورجان التّحليل الأكثر تفصيلاً حتّى اليوم لأثر عمليّات التّطهير على القوات المسلّحة التّركيّة. وتجدر الإشارة إلى أنّ عددًا كبيرًا من الذين جرى تسريحهم أو توقيفهم كانوا عمداء، ولواءات وطيّارين في سلاح الجوّ.
وكتب تورجان، "مع أنّه يبدو أنّ القوّات المسلّحة التّركيّة تتعامل جيّدًا مع الآثار المترتّبة على تسريح أعضائها، لا أحد يمكنه أن ينفي أنّ وحدات القوّات الخاصّة، وفرق الدّفاع والهجوم تحت الماء وفرق البحث والإنقاذ في القوّات الجويّة التركيّة ستحتاج إلى عام على الأقلّ – وإلى عامين في حالة القوّات الجويّة التركيّة – لتعيد عديد أفرادها إلى مستويات ما قبل 15 تموز/يوليو".
ويختتم تورجان بقوله، "باختصار، إنّ تخفيض عديد طيّاري القتال الجوي والمروحيّات وأعضاء القوّات الخاصّة أثّر سلبًا على قدرة القوّات المسلّحة التّركيّة القتاليّة، لكن يسري شعور العام بأنّ الاندفاع الكبير الذي يتمتّع به ما تبقّى من الأفراد قادر أن يعوّض عن تراجع الأعداد. لحسن الحظّ أنّ الجيش الثاني، الذي يقاتل حزب العمال الكردستاني، ويحافظ على أمن الحدود مع سوريا ويشارك في عمليّة درع الفرات، كان القيادة الأقلّ تضرّرًا. مع ذلك، ستحتاج القوّات المسلّحة التّركيّة في نهاية المطاف إلى عامين على الأقلّ للتّعافي من الخسائر التي سبّبتها محاولة الانقلاب وعمليّات التّطهير التي تلتها".
40,000 تركي في "المنطقة الرّماديّة" الخاصّة بحملة القمع
يفيد محمد جتينغولك بأنّه جرى صرف 51,000 موظّف في القطاع العام من الخدمة العامة التركيّة بسبب صلات مزعومة بما تدعوه الحكومة التّركيّة حركة فتح الله كولن الإرهابيّة.
وكتب جتينغولك "نُشرَت أسماء الأشخاص الذين جرى صرفهم في الجريدة الرّسميّة، لفضحهم أمام الجميع والقضاء على فرصهم بإيجاد عمل في القطاع الخاصّ. أمّا الذين طلبوا أن يتقاعدوا فرُفِضت طلباتهم".
ينتشر في المجتمع التّركي شعور بالخوف والقلق، إذ إنّ عمليّات التّطهير تؤثّر على جميع مناحي الحياة. ويفيد جتينغولك بأنّ "مطاردة أنصار حركة فتح الله كولن في القطاع العام متواصلة أيضًا". وبحسب صحيفة صباح اليوميّة، جرى وضع 40,000 شخص آخرين في خانة "رماديّة" وهم في خطر التّعرّض للطّرد إذا "ثبتت بوضوح" صلاتهم المشتبه بها بالمجموعة.
ويضيف سوكرو كوجكشاهين أنّ "جنون عمليّة التّطهير وحدّتها أثارا على ما يبدو استياء مطلقها، أردوغان نفسه، الذي تذمّر الأسبوع الماضي من أنّه يجري استهداف أشخاص "لا علاقة لهم بالمسألة". ثمّ توجّه إلى الحكّام قائلاً، "لا أريدكم أن تتنافسوا مع بعضكم حول من يصرف عددًا أكبر من موظّفي القطاع العام. أريدكم أن تكونوا عادلين".
قمع تركي "لا يطاق"
يفيد جنكيز جندار أنّ اعتقال الرّوائي البارز والصّحفي المستقلّ أحمد ألتان وأخيه محمد ألتان، وهو أكاديمي وكاتب عمود شهير، "أثار ردّ فعل عنيفًا في كافة أنحاء العالم، ووقّع مئات المثقّفين الدّوليّين على رسالة احتجاج ضدّ الحكومة التّركيّة. وفي وقت كتابة هذه السّطور، كان قد بلغ عدد المشاهير من المثقّفين الدّوليّين 217، ويستمرّ العدد بالارتفاع".
ومن بين الاتّهامات الموجّهة للأخوين، "مشاركتهما في مؤامرة انقلاب عبر بثّ رسائل 'لا شعوريًا' أو 'من دون وعي' في برنامج حواري تلفزيوني في اليوم الذي سبق محاولة الانقلاب".
ويختتم جندار بقوله إنّ "الأمر يصبح لا يطاق أكثر فأكثر. وإنّ ردّة الفعل المتنامية من جانب المثقّفين الدّوليّين تعطي بصيص أمل لا فقط لحريّة أحمد ألتان ومحمد ألتان – اللذين يقضيان إجازة طويلة في سجن اسطنبول – بل أيضًا لمفكّرين وصحفيّين آخرين مسجونين ولتركيا نفسها".
تفيد بينار تريمبلاي عن كيفيّة تحوّل أجيال الألفيّة التّركيّة إلى مجلّات مطبوعة بديلة خفيفة الظّلّ تقدّم راحة من القمع الوحشي للإعلام المستقلّ.
كتبت تريمبلاي، "تلاقي هذه المجلّات شعبيّة لأنّها تقول للنّاس إنّه بإمكانها أن تجعلهم يبتسمون مجدّدًا، حتّى لو لبعض الوقت. فهي تهزأ باللّغة الاستبداديّة بألغاز ذكيّة. والأهمّ أنّها تحافظ على نبض الشّباب في تركيا. ولأنّهم يعتبرونها خفيفة ومضحكة، هي نجحت حتّى الآن في الإفلات من غضب الرّقابة الحكوميّة، لكن تمامًا كأغاني الأطفال التي بقيت لقرون، تسلّلت بعض شعارات هذه المجلّات، وصورها وقصائدها إلى عقول الأجيال الشّابة في تركيا وهواتفها المحمولة. لا يمكننا أن نقيس بالتّحديد مدى قوة تأثيرها السّياسي في المستقبل، لكن من المرّجح أن تصمد أكثر من النّخبة الحاكمة الحاليّة".