تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

هل تصلح الجهود العربيّة ما أفسدته قطيعة عبّاس- دحلان؟

شهدت الآونة الأخيرة بذل مصر وعدد من الدول العربيّة الجهود لتحقيق مصالحة فتحاويّة بين الرئيس محمود عبّاس ومحمّد دحلان، بعد سنوات من القطيعة بينهما، بالتزامن مع الاستعدادات الفلسطينيّة لإجراء الإنتخابات المحليّة بعد أسابيع، وهو ما يدفع إلى مناقشة جديّة التحرّكات المصريّة، وهل تختلف عن سابقاتها؟ وماذا سيقدّم محمود عبّاس ودحلان من تنازلات لتحقيق المصالحة؟ وأين "حماس" من هذه المصالحة المرتقبة؟
Palestinian senior Fatah official Mohammed Dahlan gestures near a portrait of later Palestinian leader Yasser Arafat during an interview at his office in Abu Dhabi on September 16, 2015. AFP PHOTO / STR / AFP / STR        (Photo credit should read STR/AFP/Getty Images)

تواترت الأنباء في الأيام الأخيرة من آب/أغسطس الماضي مع صدور تسريبات صحفية نقلتها صحيفة الجريدة الكويتيّة في 26 آب/ أغسطس عن مصدر مصريّ مطّلع، لم تذكر اسمه، عن وجود مساع مصريّة حثيثة بدعم عربيّ لتحقيق مصالحة بين عبّاس ودحلان، وصولاً إلى تحقيق الوحدة داخل "فتح".

مع العلم أن "فتح" تعيش صراعاً داخليّاً منذ أن قرّرت لجنتها المركزيّة، الجهة القياديّة الأعلى فيها، برئاسة الرئيس الفلسطينيّ محمود عبّاس، فصل القياديّ الفتحاويّ ومستشار الأمن القوميّ للسلطة الفلسطينيّة محمّد دحلان في أيّار/مايو من عام 2011، وتحويله إلى النائب العام الفلسطينيّ بتهمة الفساد الماليّ وقضايا قتل، منها المشاركة في اغتيال صلاح شحادة القائد العسكري في حماس الذي اغتالته إسرائيل في غزة عام 2002، واغتيال عدد من قيادات فتح عام 1993 في غزة، وهم: محمد أبو شعبان وأسعد الصفطاوي.

ورغم مرور ما يزيد عن خمسة أعوام على قطيعة الرجلين، عباس ودحلان، ووجود مساع فلسطينيّة وعربيّة لإصلاحهما، لكنّها محاولات باءت بالفشل، لعدم قدرتها على التأثير عليهما.

وكشف عضو المجلس الثوريّ لـ"فتح" وأحد كوادر دحلان في غزّة عبد الحميد المصريّ لـ"المونيتور" عن "جهود تقودها مصر والأردن والسعوديّة والإمارات ترى أنّ المصلحة الفلسطينيّة تتطلّب المصالحة الفتحاويّة الداخليّة، من دون وجود تنازلات من دحلان يقدّمها إلى عبّاس، لكنّنا كفتحاويّين مستعدّون لتقديم كلّ ما هو مطلوب لبقاء فتح موحّدة من الناحية التنظيميّة، مع أنّه لم تحصل حتّى اللحظة إجراءات على الأرض من قبل قيادة فتح في رام الله تجاه كوادر دحلان في غزّة، مثل إعادة المفصولين لصفوف الحركة، وإعادة رواتب من تم قطعها عنهم بسبب انحيازهم لدحلان، رغم تلقّينا وعوداً من أطراف، لم يسمها، عن اقتراب مثل هذه الإجراءات الإيجابية الخاصة بعودة المفصولين واستلام رواتبه".

لعلّ ما أعطى هذه الجهود المصريّة والعربيّة زخماً حقيقيّاً، ما أعلنته الحكومة الفلسطينيّة في 30 آب/أغسطس عن تثمينها الجهود المصريّة والعربيّة للمّ الشمل الداخليّ في "فتح" وتوحيدها.

كما دعا بيان للّجنة المركزيّة لـ"فتح" في 22 آب/أغسطس، كوادر الحركة إلى تعزيز وحدتها والتّأكيد أنّ مؤسّساتها مفتوحة للتّعامل مع مشاكلها، بما يشمل أصحاب التظّلمات الّذين اتّخذت في حقّهم إجراءات عقابيّة.

ويبدو أنّ هذه الفقرة من البيان تخصّ دحلان وأتباعه المفصولين من "فتح"، ومنهم سفيان أبو زايدة، وناصر جمعة، وماجد أبو شمالة، ورشيد أبو شباك، وقد يكون الإقرار الأول من قبل قيادة فتح لتصفية الخلافات معه، عقب القرارات والعقوبات الّتي أصدرها عبّاس ضدّ أنصار دحلان منذ عام 2011، وشملت وقف رواتبهم وفصلهم من الحركة وإزاحتهم من مواقعهم القياديّة، .

ولذلك، دعا سمير المشهراوي، وهو الذراع اليمنى لدحلان، في 24 آب/أغسطس، عبر صفحته على الفيسبوك الفتحاويّين الّذين طالتهم قرارات الفصل، إلى اتّخاذ الإجراءات الّتي تكفل عودة حقوقهم الماليّة والتنظيميّة كأعضاء وقيادات أصيلين في "فتح"، ولكن أكّد رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينيّة رفيق النّتشة في 29 آب/أغسطس عدم إسقاط أيّ قضيّة فساد ماليّ ضدّ دحلان حتّى لو تمّت مصالحته مع عبّاس.

يبدو صعباً الحديث عن جهود المصالحة الفتحاويّة الداخليّة بمعزل عن تحضيرات الساحة الفلسطينيّة لإجراء الانتخابات المحليّة في 8 تشرين الأوّل/أكتوبر المقبل، في ظلّ منافسة شديدة من قبل "حماس" ووجود تخوفات من "فتح" وإسرائيل من فوز متوقّع لـ"حماس"، في ظل انقسامات فتح، وعدم وحدتها الداخلية، مما يدفع فتح لإنجاز مصالحة عباس ودحلان لترتيب صفوفها، للفوز في الانتخابات المحلية القادمة.

وقال وزير فلسطينيّ، رفض كشف هويّته، لـ"المونيتور": "إنّ الإجتماع الأخير للّجنة المركزيّة لفتح في 30 آب/أغسطس ناقش الجهود المصريّة والعربيّة لمصالحة عبّاس ودحلان، وهناك أفكار تداولتها اللّجنة بينها اعتذار دحلان لعبّاس عن اتّهاماته له بالفساد الماليّ في مناسبات عدّة، ويفترض أن يصل القاهرة بعد أيّام قد لا تتجاوز الأسبوع الأول من أيلول/سبتمبر بعض قادة فتح للبحث في تفاصيل المصالحة. كما وافقت قيادة فتح مبدئيّاً على عودة بعض كوادرها المفصولين بسبب انحيازهم لدحلان في السنوات الماضية، وإن نجحت جهود المصالحة فسوف تتكلّل بوصول دحلان إلى رام الله بعد أسابيع، لكن ليس مؤكداً أن يصلها قبل موعد الانتخابات المحلية يوم 8 أكتوبر".

وكان لافتاً صمت "حماس" عن هذه الجهود العربيّة والمصريّة لتحقيق المصالحة الفتحاويّة، فلم تصدر بياناً رسميّاً، ربّما لأنّها تقدّر أنّ أيّ مصالحة فتحاويّة داخليّة قد تقوّي شوكة "فتح" أمامها من جهة، وتمنح" فتح" طوق النجاة للفوز في الإنتخابات المحليّة المقبلة من جهة أخرى.

ومن جهته، قال أحمد يوسف، وهو وكيل وزارة الخارجيّة الفلسطينيّة السابق والمستشار السياسيّ السابق لنائب رئيس المكتب السياسيّ لـ"حماس" إسماعيل هنيّة، لـ"المونيتور": "حماس ترى في أيّ مصالحة فلسطينيّة داخليّة هدفاً وطنيّاً يجب أن تشجّعه وتدعمه، فبقاء الساحة الفلسطينيّة في حال تشظ وانقسام لا يخدم إلاّ إسرائيل، وأيّ حراك عربيّ يهدف إلى تحقيق مصالحة فتحاويّة، أمر يفرحنا، مع أملنا بأن تكون المصالحة الفتحاويّة الداخليّة خطوة تعقبها خطوات على طريق تعزيز مشروعنا وأهدافنا الوطنيّة".

جرت العادة أن تقود مصر أيّ حراك سياسيّ داخل فلسطين، سواء أكان للمصالحة الفتحاويّة أم مصالحة "فتح" و"حماس" أم وقف إطلاق النار بين "حماس" وإسرائيل، لكنّ هذه المرّة انضمّت إليها دول عربيّة وازنة كالأردن والإمارات والسعوديّة، ممّا يثير تساؤلات حول أهداف هذه الدول من جهودها المشتركة لترتيب البيت الفتحاويّ.

وفي هذا الإطار، قال الأكاديميّ الفلسطينيّ ورئيس تحرير مجلّة "كنعان" الإلكترونيّة عادل سمارة لـ"المونيتور": "إنّ الدور العربيّ الرسميّ تخريبيّ في مسيرة القضيّة الفلسطينيّة، والأطراف الساعية إلى تحقيق المصالحة الفتحاويّة، وهي السعوديّة ومصر والأردن والإمارات، تقود محوراً معادياً لدولة قطر والإخوان المسلمين وحماس، وهي ترتبط جميعا بعلاقات وثيقة، وتشكل فيما بينها محورا يحظى بدعم تركيا، لاسيما بعد الإطاحة بالرئيس المصري السابق محمد مرسي في تموز/يوليو 2013، من قبل الجيش المصري، وقد تنجح الجهود العربية هذه المرّة في مصالحة فتح الداخلية، وتؤدّي إلى أن يرشّح دحلان نفسه للإنتخابات الرئاسيّة ما بعد عبّاس. ولو نظرت حماس إلى المصالحة الفتحاويّة بالمفهوم الوطنيّ، المتعلق بتوحيد الصف الفلسطيني لمواجهة إسرائيل، فسوف تستفيد منها. أمّا إن انطلقت حماس من دوافع حزبيّة مرتبطة بالتنافس مع فتح في الانتخابات القادمة، فسوف تخرج متضرّرة منها".

وأخيراً، قد تتزامن الجهود المصريّة والعربيّة لتحقيق المصالحة الفتحاويّة مع "رحلة البحث عن الخروج الآمن للرئيس عبّاس من مقر الرئاسة الفلسطينية في رام الله، عبر تواصله مع دول إقليميّة، تضمن خروجه من المشهد السياسيّ من دون ملاحقته وأبنائه في قضايا تخصّ ثراءهم على حساب المال العام، وهو ما نتج منها مساع عربيّة لإعادة ترميم البيت الفتحاويّ الداخليّ. ورغم ثقل هذه الجهود، لكنّ لا أحد منها يمتلك بوليصة تأمين لنجاحها.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Palestine Briefing Palestine Briefing

Palestine Briefing

Top Palestine stories in your inbox each week

Trend Reports

Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman (4th R) attends a meeting with Chinese President Xi Jinping (3rd L) at the Great Hall of the People in Beijing on February 22, 2019. (Photo by HOW HWEE YOUNG / POOL / AFP) (Photo credit should read HOW HWEE YOUNG/AFP via Getty Images)
Premium

From roads to routers: The future of China-Middle East connectivity

A general view shows the solar plant in Uyayna, north of Riyadh, on March 29, 2018. - On March 27, Saudi announced a deal with Japan's SoftBank to build the world's biggest solar plant. (Photo by FAYEZ NURELDINE / AFP) (Photo credit should read FAYEZ NURELDINE/AFP via Getty Images)
Premium

Regulations on Middle East renewable energy industry starting to take shape

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial