مدينة غزّة، قطاع غزّة - أطلق "الإئتلاف من أجل النزاهة والمساءلة- أمان" في الأوّل من اَب/أغسطس من عام 2016 وكعادته في كل عام مسابقة للنزاهة والشفافيّة بفئاتها الثلاث، الّتي تشمل كلاًّ من القطاع العام والهيئات المحليّة وحقل الإعلام وأفضل بحث متخصّص في مواضيع مكافحة الفساد. وتمنح الجائزة في حفل ختامي يقيمه الائتلاف نهاية كل عام في الضفة الغربية وغزة للعاملين الّذين قدّموا معلومات ساعدت المسؤولين في المؤسّسات الّتي يعملون فيها أو الجهات المختصّة كهيئة مكافحة الفساد وديوان الرقابة الماليّة والإداريّة أو إئتلاف "أمان" في الكشف عن ممارسات فساد أو منعها، إضافة إلى من رفضوا الانخراط في ممارسات فساد كرفض استلام رشوة وغيرها.
يذكر أن الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (امان) تأسس عام 2000 بمبادرة عدد من مؤسسات المجتمع المدني العاملة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان والحكم الصالح، كحركة مجتمع مدني تسعى لمكافحة الفساد وتعزيز منظومة النزاهة والشفافية والمساءلة في المجتمع الفلسطيني ويعمل في الضفة الغربية وقطاع غزة وحاز في العام 2006 على العضوية الكاملة لمنظمة الشفافية الدولية.
وأوضح رئيس مجلس إدارة الإئتلاف عبد القادر الحسيني لـ"المونيتور" أنّ "الهدف الرئيسيّ من وراء هذه الجائزة هو تحفيز مختلف الفئات للعمل ضدّ الفساد والفاسدين ومنعهم من الإفلات من العقاب، وتشجيعها على تحمّل مسؤوليّاتها من خلال الإبلاغ عن أعمال الفساد الّتي تشهدها أو تقع ضحيّتها على اعتبار أنّ الإبلاغ عن الفساد هو عمل وطنيّ بطوليّ، وليس وشاية"، وقال: "إنّ المواطن الفلسطينيّ، وبغضّ النّظر عن مكان تواجده أو طبيعة عمله، يبقى هو الأهمّ في عمليّة مكافحة الفساد سواء أكان موظّفاً في القطاع العام أيّ الحكومة أم عاملاً في القطاع الخاص أو أحد موظّفي مؤسّسات المجتمع المدنيّ".
لقد اعتاد إئتلاف "أمان" منذ تاسيسه على منح هذه الجائزة السنويّة الماليّة التقديريّة لمن أسهموا في الكشف عن شبهات فساد أو ساهموا في حماية المال العام سواء أكان ذلك في القطاع العام أم الهيئات المحليّة أم الإعلام.
واعتبر الصحافيّ في صحيفة "فلسطين" محمّد أبو شحمة، الّذي حصل على المركز الأوّل لجائزة الإئتلاف لعام 2015 في حقل الإعلام عن تقريره الاستقصائيّ "استخدام مخابز قطاع غزّة لمياه تحتوي على نسب عالية من النترات المسبّبة لمرض السرطان" خلال حديثه لـ"المونيتور" "أنّ ما قام به ترجمة فعليّة للإرادة السياسيّة، الّتي استطاع من خلالها أن يحدث تغييراً إيجابيّاً نحو ظاهرة سلبيّة وخطيرة كان يمارسها بعض المخابز في قطاع غزّة بحقّ المواطنين من دون حسيب أو رقيب"، وقال: أنا سعيد جدا لأنّ تقريري استطاع أن يحرّك أهل الاختصاص وأصحاب المسؤوليّة واتّخاذ الإجراءات القانونيّة بحقّ المفسدين".
ومن جهته، أشار محمّد أبو بكر، الّذي فاز بالمركز الأوّل لجائزة الإئتلاف لعام 2015 في حقل القطاع العام في حديثه لـ"المونيتور" قائلاً "أنّا في غاية السعادة كوني استطعت الكشف عن ظاهرة سلبيّة من مظاهر الفساد داخل القطاع العام من خلال الكشف عن عمليّة تهريب عبر المعابر لسولار مخلوط وذي جودة متدنيّة على أنّه زيوت معدنيّة، الأمر الّذي يحرم خزينة السلطة من العائدات المالية ويدمّر مركبات المواطنين الّذين تمّ غشّهم ببيعهم هذه المحروقات الرديئة".
وكان الإئتلاف قد أصدر سابقاً في 17 اًيّار/مايو من عام 2016 دليل الترشّح للجائزة، التي تم الحديث عنها سابقا لهذا العام والّذي يوضح الغاية منها في تشجيع العاملين في القطاع العام والهيئات المحليّة على حماية المال العام وتعزيز قيم النزاهة لدى العاملين في القطاع العام وتكريم العاملين الّذين عملوا على حماية المال العام وحماية المبلغين عن الفساد، ومعايير منحها والمتمثّلة في حجم القضيّة المبلّغ عنها أو الّتي تمّ الكشف عنها وأهميّتها النسبيّة والمستوى الإداريّ الّذي تمّ التبليغ عنه وقوّة أدلّة الإثبات حول الشخص المعني ونتائج عمليّة التّبليغ من حيث معالجة القضيّة أو عدم معالجتها وآليّات الكشف أو التّبليغ من حيث سلامة الإجراءات الّتي اتّبعها الموظّف للإبلاغ عن الفساد وانسجامها مع الأنظمة والإجراءات المعتمدة والقانونيّة وتقيّده بالتسلسل الإداريّ أي قيام الشخص بتبليغ مديره ويقوم المدير بتبليغ رئيس المؤسسة ويقوم رئيس المؤسسة بدوره برفع القضية للجهات المختصة والفترة الزمنيّة ما بين اكتشاف حدوث سلوك الفساد والتّبليغ عنه من قبل المرشّح.
وبدورها، أشارت أمينة سرّ الإئتلاف نجوى رشيد لـ"المونيتور" إلى "أنّ موضوع جائزة أفضل بحث في المجالات الثلاثة: القطاع العام والهيئات المحليّة وقطاع الإعلام، المتعلّق بمكافحة الفساد والحكم الرشيد يرتكز على إشراك فئة الباحثين الشباب وتحفيزها - بمن فيها طلاّب الجامعات الفلسطينيّة - على إعداد أبحاث تتعلّق بمكافحة الفساد ودمج الشباب في منظومة النزاهة وثقافتها في المجتمع الفلسطينيّ، إضافة إلى الإنخراط في الجهود المبذولة لمكافحة ظاهرة الفساد في المجتمع الفلسطينيّ من خلال رفع وعيهم على مخاطر هذه الظاهرة ونتائجها وأسبابها، كلّ ذلك بهدف خلق ثقافة مجتمعيّة مضادّة رافضة لممارسات الفساد"، وقالت: "إنّ دور هذه الجائزة إيجاد الأشخاص الّذين يتمتّعون بالنزاهة والشفافيّة ويؤمنون بأنّ مكافحة الفساد جهد وطنيّ يقع على عاتق كلّ مواطن ويمتلكون الجرأة لكشف الحقائق ويدركون أنّهم شركاء في المال العام ويساهمون في حمايته".
ويضمن القانون اتاحة الفرصة للموظفين للتبليغ عن المخالفات وضمان عدم تعرضهم لالنتقام أو اإليذاء نتيجة لذلك وعدم تعرض الموظف لخطر فقدان وظيفته أو لأي شكل من أشكال العقاب نتيجة قيامه بالتبليغ عن أية مخالفة. شريطة أن يتم التبليغ عن المخالفة بحسن نية وأن تتوفر لدى الموظف معطيات اشتباه صادقة ومعقولة.
وكان المركز الفلسطينيّ للبحوث السياسيّة والمسحيّة أجرى في الأوّل من حزيران/يونيو من عام 2016 استطلاعاً للرأي العام الفلسطينيّ في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة يغطي القضايا الفلسطينيّة الداخليّة مثل الإنتخابات والمصالحة وأداء الحكومة والبطالة والفقر والفساد، ومن أهمّ النتائج الّتي خرج بها الاستطلاع أنّ نسبة الاعتقاد بوجود فساد في مؤسّسات السلطة الفلسطينيّة تبلغ 80 في المئة، وأنّ 38 في المئة يرون أنّ المشكلة الأساسيّة الّتي تواجه المجتمع الفلسطينيّ اليوم هي تفشّي البطالة والفقر، بينما يرى 10 في المئة أنّ المشكلة الأساسيّة هي تفشّي الفساد في المؤسّسات العامّة.
من جهته، أكّد رئيس هيئة مكافحة الفساد الفلسطينيّة رفيق النتشة لـ"المونيتور" أنّ "أشكال الفساد تنوّعت وتعدّدت بين شغل الوظائف العليا بناء على العلاقات الشخصيّة، مروراً بجرائم فساد الأغذية وعدم فعاليّة العقوبات وازدياد الواسطة والمحسوبيّة والمحاباة والرشوة، وانتهاء بإساءة الإئتمان واستثمار الوظيفة العامّة والاختلاس".
ومن جهته، رأى أستاذ الإقتصاد في جامعة "النّجاح" الوطنيّة محمّد أبو الربّ خلال تصريحه لـ"اـلمونيتور" أنّ "الإصلاح الإداريّ داخل المنظومة الحكوميّة ومؤسّسات المجتمع المدنيّ وكشف الفساد هما ضرورة يجب تعزيزهما بالإرادة الجماهيريّة وبالعودة إلى آليّات إصلاح حقيقيّة بهدف التغلّب على التحدّيات والمشكلات".
ويبقى التبليغ عن قضايا الفساد الاداري والمالي والقانوني من الاهمية بمكان اذا توفرت الارادة الحقيقية لذلك من قبل جميع الاطراف وكانت هناك اليات جدية لمكافحة الفساد منها تعزيز وتحفيز الذين يقومون بالتبليغ عن قضايا الفساد وكشفها من خلال مبدا الثواب وتقديم الجوائز لهم وترقيتهم والاهم من ذلك حمايتهم.