تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الترميم يحوّل مقام الخضر من محراب إلى مكتبة أطفال

يقع مقام الخضر في وسط مدينة دير البلح في قطاع غزّة، وتؤكّد الدراسات الأثريّة أنّه في أسفل هذا المقام يوجد دير القديس هيلاريوس الذي يعود إلى القرن الثالث ميلاديّ، ويعتبر من أقدم الأديرة التي لا تزال قائمة في فلسطين، ويجرى الآن ترميمه من قبل مركز عمارة التراث-إيوان في الجامعة الإسلاميّة ومركز رواق للترميم، ليكون مكتبة لأطفال الحيّ".
107783241.jpg

دير البلح، قطاع غزة - على بعد 200 متر جنوب مركز مدينة دير البلح، يقع مقام الخضر أو دير الخضر. وتؤكّد الدراسات الأثريّة، وفق ما قال جمال ابو ريدة للمونيتور، أنّه في أسفل هذا المقام، يوجد دير القديس هيلاريوس الذي يعود إلى القرن الثالث ميلاديّ، ويعتبر من أقدم الأديرة التي لا تزال قائمة في فلسطين، ويجري الآن ترميمه من قبل مركز عمارة التراث-إيوان في الجامعة الإسلاميّة ومركز رواق للترميم، ليكون مكتبة لأطفال الحيّ.

هو دير الخضر وفق ما يطلق عليه المسلمون ، ودير هيلاريون وفق ما يطلق عليه المسيحون. بعد الفتح الاسلامي، وهجران المسحيين للدير، أصبح فقط يستخدم مسجد للمسلمين.

ويقول يوسف اسماعيل (61 عاماً) الذي يطلّ بيته على مقام الخضر مباشرة: "الناس كانوا يأتون إلى المقام من كلّ مناطق فلسطين، ويذبحون الذبائح والقربان على أبوابه، طلباً للرزق أو للشفاء، على اعتبار أنّه مكان مقدّس ومبارك، إذ أنّ اسم "الخضر" مرتبط بأذهان المسلمين بالوليّ الصالح الذي رافق النبيّ موسى في رحلته كما جاء في القرآن".

ويؤكّد اسماعيل وجود إمرأة تدعى أمّ طلعت كانت تقيم في الدير وتحرسه في فترة السبعينات وانتهت قبل البدء بالترميم بأربع سنواتويعرفها شخصياً، وتعتبر نفسها وصيّة عليه، تزعم أنّها وسيط بين الناس والخضر، إذ كانت تطلب من الناس أن يذبحوا الخراف لكي تستشفع لهم عنده، إلى جانب إجبارهم على دفع مبلغ ماليّ تدّعي أنّه من أجل "خدّامي المقام" الذين تراهم وحدها، مبيّناً أنّ هذه الأعمال أشبه ما تكون سحراً ودجلاً.

ويتابع: "إهمال الوزارة والبلديات، هو العامل الرئيسيّ في انتشار مثل هذه المعتقدات بين الناس".

وترجّح الرواية التاريخيّة، ووفقاً لما قالت وزارة السياحة والآثار للمونيتور، أنّ سبب التسمية يعود إلى أنّ اسم المقام منسوب إلى القديس جاورجيوس وتعني هذا الكلمة الخضر باللغة العربيّة، وليس للوليّ الصالح الخضر المذكور في القرآن، كما شاع بين السكّان.

ويبدي اسماعيل سعادته بترميم المقام وتحويله إلى مكتبة للأطفال، مؤكّداً أنّ ذلك لا ينقص من مكانته التاريخيّة والأثريّة الدينيّة.

ويوضح مدير عام الآثار والتراث الثقافيّ في وزارة السياحة والآثار جمال أبو ريدة، أنّ المقام يقع في مركز مدينة دير البلح، ويتكوّن من طابقين، ويمثّل حالة فريدة في ربط التراث المسيحيّ بالتراث الإسلاميّ بمكان واحد، إذ أنّ القبو وهو الطابق الأرضيّ يعود إلى فترة الحكم البيزنطيّ لفلسطين (395-636 م)، أمّا الطابق الأوّل فهو مصلّى للمسلمين ويعود بناؤه إلى بدايات الفتح الإسلاميّ لفلسطين ( 638-1918 قبل الميلاد).

 

ويفسّر أبو ريدة وجود المصلّى الإسلاميّ فوق المحراب المسيحيّ بانحسار عدد المسحيّين في المدينة، وهجرانهم المحراب.

وعن ترميم المقام، يشير أبو ريدة إلى أنّ الإعلان عن بدء الترميم كان في منتصف آذار/مارس الماضي بتمويل قدره 60 ألف دولار مقدّم من اليونسكو، وبإشراف من مركز رواق للترميم في رام الله ومركز عمارة التراث-إيوان في غزّة، وبالتعاون مع جمعيّة نوى التي ستعمل على تشغيله كمكتبة للأطفال، إذ وقّعت الأخيرة عقد استئجار المقام من الوزارة لمدّة خمس سنوات، مضيفاً أنّ مدّة مشروع الترميم هي ثلاثة أشهر. بدأ بعد الإعلان ولكنه توقف بعد عدة أيام لمدة شهر بسبب عدم توفر مواد البناء اللازمة.

وبيّن أبو ريدة أنّ موافقة الوزارة على تحويل الدير إلى مكتبة للأطفال، جاء لتغيير ثقافة الناس حول المكان، إذ كانوا يعتقدون بأنّه مقام ينفع ويضرّ، إلى جانب أنّ المكتبة ستكون أكثر نفعاً للمجتمع.

ولفت أبو ريدة إلى أنّ الوزارة تحاول التشبيك مع المؤسّسات المعنيّة للحصول على الدعم الماديّ اللازم، مستدركاً أنّ الوزارة لا تملك الإمكانات الماديّة واللوجستيّة، وليست لها موازنة خاصّة لمشاريع الترميم، مشيراً إلى أنّ الوزارة تشترط على المؤسّسة المحافظة على معالم المكان في شكل كامل قبل توقيع عقد الاستئجار.

ويوضح أبو ريدة هنا أنّ "موادّ الترميم باهظة الثمن، إذ لا يتمّ استخدام موادّ البناء العاديّة، بل هي موادّ طبيعيّة، كالصلصال والحجر الطبيعي، خاصّة تلائم الحقبة الزمانيّة للمكان، إلى جانب ندرتها وعدم توافرها لعدم سماح الاحتلال الإسرائيليّ بإدخالها".

وتوضح منسّقة المشاريع في مركز عمارة التراث-إيوان نشوى الرملاوي أنّ اختيار المقام للترميم تمثّل في معيارين، وهما ندرة الأماكن الأثريّة في مدينة دير البلح، إلى جانب القيمة التاريخيّة والدينيّة للمقام.

وتقول الرملاوي: "الهدف الأساسيّ من الترميم هو الحفاظ على التراث المعماريّ الموجود في القطاع، ونشر الوعي بأهميّة القيمة التاريخيّة والثقافيّة والحضاريّة والجماليّة لتلك الأماكن الأثريّة، وتمرين خبراء متخصّصين في أعمال الترميم من خلال التطبيق العمليّ في المشاريع."

وتؤكّد أنّ المعايير المستخدمة في الترميم هي المعايير المتعارف عليها دوليّاً، مبيّنة أنّ المقام يتميّز معماريّاً بالأقواس البارزة، والقباب، والعقود المتقاطعة، والتيجان الكورنثيّة، والأعمدة الرخاميّة.

وعلى الرغم من أنّ المقام مبنيّ من الموادّ الطبيعيّة كالحجارة الرمليّة والفخاريّة والجيريّة، إلّا أنّ أسلوب بناء الطابق السفليّ يختلف تماماً عن أسلوب بناء الطابق العلويّ، وهذا يعود إلى اختلاف الحقبة الزمنيّة للطابقين.

وعن الموادّ المستخدمة في عمليّة الترميم، تبيّن الرملاوي أنّها من الموادّ الطبيعيّة مثل "الفخّار والإسمنت الأبيض والفحم والرمل والحجر الطبيعيّ والمياه المقطّرة"، مبيّنة أنّ عمل المشروع توقّف الشهر الماضي بسبب المعوقات التي يضعها الاحتلال الإسرائيليّ على إدخال مواد البناء.

وتتابع: "نواجه صعوبات عدّة بسبب نقص الكفاءات المتخصّصة بأعمال الترميم، إلى جانب نقص المشاريع التي تعنى بالأماكن الأثريّة، إذ أنّ معظم المشاريع في القطاع هي مشاريع إغاثيّة وتنمويّة".

وتشرح الرملاوي لـ"المونيتور" عن المشاكل العمرانيّة التي تعاني منها الأماكن الأثريّة في القطاع والمتمثّلة في الرطوبة الكبيرة والأملاح والشروخ والتسريب، ممّا يؤدّي إلى تصدّع أجزاء منها وانهيارها.

ووفق وزارة السياحة، فإنّ قطاع غزّة يحتوي على ديرين هما دير الخضر في دير البلح، ودير القديس هيلاريون في مخيّم النصيرات، إضافة إلى كنيستين وهما كنيسـة القديس بـرفـيريـوس في حي الزيتون والكنيسة البيزنطية في جباليا .

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise AI-driven

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

All premium Industry Newsletters - Monitor the Middle East's most important industries. Prioritize your target industries for weekly review:

  • Capital Markets & Private Equity
  • Venture Capital & Startups
  • Green Energy
  • Supply Chain
  • Sustainable Development
  • Leading Edge Technology
  • Oil & Gas
  • Real Estate & Construction
  • Banking

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in

Palestine Briefing Palestine Briefing

Palestine Briefing

Top Palestine stories in your inbox each week

Trend Reports

Saudi Crown Prince Mohammed bin Salman (4th R) attends a meeting with Chinese President Xi Jinping (3rd L) at the Great Hall of the People in Beijing on February 22, 2019. (Photo by HOW HWEE YOUNG / POOL / AFP) (Photo credit should read HOW HWEE YOUNG/AFP via Getty Images)
Premium

From roads to routers: The future of China-Middle East connectivity

A general view shows the solar plant in Uyayna, north of Riyadh, on March 29, 2018. - On March 27, Saudi announced a deal with Japan's SoftBank to build the world's biggest solar plant. (Photo by FAYEZ NURELDINE / AFP) (Photo credit should read FAYEZ NURELDINE/AFP via Getty Images)
Premium

Regulations on Middle East renewable energy industry starting to take shape

Start your PRO membership today.

Join the Middle East's top business and policy professionals to access exclusive PRO insights today.

Join Al-Monitor PRO Start with 1-week free trial