مدينة غزّة، قطاع غزّة – "كفر اللوز"، "الفدائي 2"، "بس يا زلمة"، و"وطن على وتر" أربعة أعمال دراميّة فلسطينيّة في الضفة الغربية وقطاع غزة تجد رواجاً كبيراً في شهر رمضان الجاري بين المشاهدين الفلسطينيّين، وتنوّعت بين الدراما الساخرة والإجتماعيّة والتراجيديّة، والظروف والإمكانات الصعبة الّتي تمّت صناعة تلك الأعمال فيها.
وشكّلت تلك الأعمال رافداً جديداً للدراما الفلسطينيّة، الّتي تنافس أكثر من 80 عملاً دراميّاً عربيّاً خلال شهر رمضان الجاري. ورغم بساطة إنتاج الأعمال الفلسطينيّة، إلاّ أنّ متابعتها كبيرة، وهذا ما أظهرته أعداد مشاهدات تلك الأعمال عبر الإنترنت والتي وصل بعضها قرابة الـ 200 ألف مشاهد خلال أيام فقط، وشراء فضائيّات عربيّة ثلاثة من تلك الأعمال.
واعتبر هشام عدنان، وهو أحد أبطال المسلسل الكوميديّ الساخر "بس يا زلمة" الّذي يعرض على قناة "رؤيا" الأردنيّة التي اشترت المسلسل لهذا الموسم، أنّ الهدف من المسلسل هو مناقشة قضايا ومشاكل إجتماعية بقالب كوميديّ ساخر، ومن دون تقديم حلّ لتلك المشاكل، لمساعدة المجتمع في التخلّص من الظواهر السلبيّة، وقال لـ"المونيتور": إنّ النجاحات الكبيرة الّتي حقّقها المسلسل خلال المواسم الثلاثة الماضية وأظهرتها أعداد مشاهداته عبر الإنترنت، دفعتنا إلى مواصلة العمل لموسم آخر، حيث يتكوّن فريق العمل من 5 أشخاص فقط (بطلان ومخرج ومصور وممنتج)حيث انتج أول موسم عام 2013.
وبيّن أنّ التحدّي الأكبر أمام عملهم وأعمال دراميّة فلسطينيّة أخرى يتمثّل في ضعف الإمكانات وغياب التمويل والدعم الماديّ، فيضطرّون (الممثلون والمخرج) إلى تمويله من أموالهم الخاصّة، على أمل أن يتمّ ترويج تلك الأعمال وبيعها خلال شهر رمضان.
ويغلب على مسلسل "بس يا زلمة" طابع البساطة واللّغة العاميّة، وهو ما أدّى إلى نجاحه، ناهيك عن قصر الحلقة الواحدة، إذ تتراوح بين 10-13 دقيقة فقط.
وتتوافق مسلسلات "كفر اللوز" الّذي يبث عبر تلفزيون فلسطين و"وطن على وتر" الّذي يعرض في أحد فنادق العاصمة الأردنيّة – عمّان يومياً وطوال شهر رمضان لتحقيق عائدي مادي بعد عدم شرائه من قبل فضائيات فلسطينية لطبيعة أسلوبه الساخر والحاد في انتقاد المسئولين في المجتمع، مع مسلسل "بس يا زلمة" في طبيعة القالب الساخر والكوميديّ في الأعمال، فيما يغلب الطابع التراجيديّ على مسلسل "الفدائي 2" الّذي يبثّ على قناة الأقصى الفضائيّة التابعة لحركة "حماس".
وفي ذات السياق، قال مخرج مسلسل "الفدائي 2" محمّد خليفة لـ"المونيتور": "تتمحور فكرة المسلسل حول معاناة الأسرى والأسيرات في السجون الإسرائيليّة ومعاناة الفلسطينيّين من جرّاء إعتداءات المستوطنين في الضفّة والحروب الإسرائيليّة على غزّة".
كما تحدّث عن النجاح الّذي حقّقه الجزء الأوّل من المسلسل، والّذي عرض في شهر رمضان الماضي.
وأشار محمّد خليفة إلى أنّهم (القائمون على العمل) أردوا من خلال العمل تقديم شيء مختلف عن الدراما العربيّة، الّتي كانت في بعض السنوات تتناول البيئة الفلسطينيّة، وفق وجهة نظر الجهات القائمة على تلك الأعمال (السورية أو المصرية) وليس وفق وجهة نظر الفلسطينيين. وأضاف "الهدف من المسلسل أيضاَ ترسيخ مفهوم المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي والّتي يكفلها القانون الدوليّ لنا كشعب فلسطينيّ محتلّ من خلال أحداث ذلك المسلسل".
ورفض الحديث عن تكاليف إنتاج ذلك العمل، الّذي شارك فيه قرابة الـ300 شخص، ووصل عدد حلقاته إلى 30 حلقة، اذ أن ذلك أمر خاص.
ومن جهته، رأى بطل مسلسل "الفدائي 2" وليد أبو جياب في حديث مع "المونيتور" أنّ تغليب الجانب الإجتماعيّ والعاطفيّ والوطنيّ على العمل ساهم بشكل كبير في إخراجه بشكل شيّق وممتع، رغم تمحور فكرة المسلسل حول معاناة الفلسطينيّ سواء أكان في السجون الإسرائيليّة أم بسبب اعتداءات المستوطنين والجيش الإسرائيليّ.
وأبدى وليد أبو جياب رضاه عن المسلسل، رغم بساطة الإمكانات الّتي أنتجت به، مشيراً إلى أنّهم رغم ذلك استطاعوا الوصول إلى جمهور فلسطينيّ وعربيّ واسع لمتابعة ذلك العمل.
وبدوره، اعتبر المخرج الفلسطينيّ والناقد الفنيّ حازم أبو حميد في حديث مع "المونيتور"، أنّ الدراما الفلسطينيّة تحاول أن تضع اسماً لها على الخارطة الدراميّة العربيّة، فهي ما زالت في بداياتها رغم محاولات تطوير مستوى القصّة والصورة والإنتاج.
ورأى أنّ المشاهد الفلسطينيّ مخيّر في مشاهدة تلك الأعمال، في ظلّ وجود عشرات الأعمال الدراميّة العربيّة، والّتي يستهوي بعضها المشاهد الفلسطينيّ أكثر من الأعمال الدراميّة الفلسطينيّة، مشيراً إلى أنّ الدراما الفلسطينيّة تحتاج إلى مزيد من الأعمال الدرامية لتصل إلى درجة الرضى المطلوبة عند المشاهد.
ولفت إلى أنّ التحدّي الّذي يقف أمام الدراما الفلسطينيّة يتمثّل في تطوّر القصّة والسيناريو والكفاءات الّتي تعمل أكثر من الإمكانات والمعدّات، مضيفاً: "فالكثير من العاملين في تلك المهنة (التمثيل) يذهبون إليها كمصدر رزق لهم، وليس هواية في ظلّ انتشار الفقر والبطالة، وهو ما انعكس على جودة العمل المنتج، هذا إضافة إلى المبالغ الزهيدة الّتي يتقاضاها العاملون في تلك الأعمال، حيث يتقاضى الكومبارس أجراً على يوم عمل كامل قرابة الـ10 دولارات فقط".
ورغم النجاحات المتعددة التي حققتها بعض تلك الأعمال، تبقى الدراما الفلسطينية بحاجة إلى المزيد من التطور في جوانب عديدة منها كتابة السيناريو وأداء الممثلين الذين يقومون بتلك الأدوار من واقع الخبرة القليلة التي اكتسبوها خلال السنوات الماضية وليس بطريقة علمية، حيث تفتقد الأراضي الفلسطينية لمعاهد تدرس المسرح والتمثيل.