رام الله، الضفّة الغربيّة – أعلن منسّق أعمال الحكومة الإسرائيليّة في الضفّة الغربيّة يؤاف مردخاي في 26 أيّار/مايو أنّ الجيش الإسرائيليّ قرّر تنفيذ سلسلة مهام وصفها بـ"التسهيلات" على الحواجز العسكريّة في الضفّة الغربيّة والقدس.
وقال مردخاي عبر صفحته الرسميّة "المنسّق" على موقع التواصل الاجتماعيّ "فيسبوك" باللغة العربيّة إنّه "تقرّر تجديد واقع الحواجز في الضفّة الغربيّة وتحسينها، وفق خطّة من شأنها زيادة نسبة العمّال الفلسطينيّين المارّين إلى أماكن عملهم في إسرائيل، وتحسين شروط الانتظار، واعتماد تكنولوجيا متطوّرة على الحواجز كافّة".
واوضح مردخاي في رسم انفوغراف نشره مع الاعلان ان هذه الخطة سيترتب عليها "زيادة كميّة البضائع العابرة عبر الحواجز الإسرائيليّة إلى 30%، وتقليص ساعات الانتظار على الحواجز بنسبة 30 إلى 50% ، بميزانيّة تقدّر بـ300 مليون شيقل (78 مليون دولار)".
وعلى الرغم من الإعلان الإسرائيليّ، إلّا أنّ وزارة الشؤون المدنيّة الفلسطينيّة، التي تقوم عادة بالتنسيق المدنيّ مع الجانب الإسرائيليّ نفت وصول أيّ معلومات إليها حول تلك التسهيلات، إذ قال مدير دائرة العلاقات العامّة والإعلام في الوزارة عماد قراقرة لـ"المونيتور"، إنّه "لا علم لدى الوزارة بما تمّ الإعلان عنه من تسهيلات ولم يصل إلينا أيّ منها"، مضيفاً: "لا توجد أيّ تسهيلات على الأرض حتّى اللحظة".
ويقيم جيش الاحتلال عشرات الحواجز في الضفّة الغربيّة منذ احتلالها عام 1967، لكنها تعززت مع اندلاع انتفاضة الاقصى في 28 ايلول/ سبتمر 2000، وبين الخطّ الأخضر والضفّة الغربيّة. وحسب ما وثّقه مركز المعلومات الإسرائيليّ لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلّة "بتسيلم" في أيّار/مايو 2015، فإنّ عدد الحواجز الثابتة المقامة في الضفّة الغربيّة وصل إلى 96 حاجزاً عسكريّاً، من بينها 57 حاجزاً داخليّاً في عمق الضفّة الغربيّة، و39 حاجزاً تعتبر نقاط فحص أخيرة قبل الدخول إلى إسرائيل.
وكان منسّق الأمم المتّحدة للشؤون الإنسانيّة والأنشطة التنمويّة في الأرض الفلسطينيّة المحتلّة روبيرت بايبر دعا إسرائيل في 1 نيسان/أبريل إلى احترام حريّة حركة الفلسطينيّين وتنقّلهم، معتبراً أنّ القيود التي تفرضها إسرائيل على حريّة التنقّل في الأرض الفلسطينيّة المحتلّة تؤثّر على كلّ أوجه الحياة اليوميّة، وتستمرّ في فصل الفلسطينيّين وتجزئة الأرض الفلسطينيّة، وهي تتنوّع بين ما هو ماديّ كجدار الفصل العنصريّ، والحواجز، ومتاريس الطرق، وبيروقراطيّ كالتصاريح، وإغلاق المناطق بحجج مختلفة، حسب ما قاله بابير.
ويعتمد الجيش الإسرائيليّ على إقامة حواجز متنقّلة، إذ قال مكتب الأمم المتّحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة "أوتشا" في احدث دراسة له اصدرها في كانون ثاني/يناير 2016 ان هناك زيادة 20% في عدد الحواجز العسكرية وإغلاق الطرق ووضع السواتر الترابية، إضافة إلى 452 عقبة كانت موجودة من قبل.
وحول أسباب هذه التسهيلات، قال الخبير في الشأن الإسرائيليّ ومدير وحدة المشهد الإسرائيليّ في مركز "مدار" أنطوان شلحت لـ"المونيتور"، إنّ هذه التهسيلات مرتبطة بتراجع الهبّة الشعبيّة التي تعيشها الأراضي الفلسطينيّة منذ 1 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، وهي تنسجم مع موقف الجيش الإسرائيليّ الرافض لفرض عقوبات جماعيّة على الفلسطينيّين، ومعالجة العمليّات في شكل فرديّ، واستبعاد العقوبات الجماعيّة، خشية أن تؤدّي إلى توسّع الهبّة إلى انتفاضة.
وأضاف شلحت: "إسرائيل تعتمد على سياسة العصا والجزرة في المناطق المحتلّة، فهي بموازاة استخدام العصا ضدّ الفلسطينيّين كقتل الشبّان الذين نفّذوا عمليّات طعن أو دهس، فإنّها تستخدم الجزرة أيضاً في محاولة لاحتواء الهبّة من خلال الإعلان عن تقديم تسهيلات".
وهدّدت إسرائيل على لسان وزير المواصلات يسرائيل كاتس في 4 تشرين الأوّل/أكتوبر بوقف تصاريح 100 ألف عامل فلسطينيّ وطردهم من أماكن عملهم في إسرائيل، ومنع الفلسطينيّين من السفر على الطرق ذاتها التي يستخدمها اليهود في الضفّة الغربيّة، ونصب الحواجز.
وأوضح شلحت: "ان اسرائيل بحاجة الى العمال الفلسطينيين، خاصة ان هناك انواعا من الاعمال كالبناء لا يعمل فيها سوى الفلسطيني ويجيدها، ويرفض الاسرائيليين العمل بها كما لا تتقنها العمالة الاجنبية، لذلك فهذه مسألة اقتصادية قبل ان تكون سياسية، وهو ما ولد مخاوف لدى اصحاب شركات المقاولات من شلل قطاع البناء والانشاء اذا ما حرم العمال الفلسطينيين من التصاريح، التي تخدم القطاع الاقتصادي الاسرائيلئي".
وبينما تصف إسرائيل الخطوات المعلنة بالتسهيلات والتي شملت اعلان وزير الجيش الجديد افيغدور ليبرمان في 23 ايار/ مايو الماضي بتقديم سلسلة تسهيلات للفلسطينيين عشية شهر رمضان ، والمصادقة على توصية رئيس اركان الجيش الاسرائيلي غادي ايزنكوت بتقديم تسهيلات زيارة للفلسطينيين الى القدس واراضي 48 فإنّ الفلسطينيّين يعتبرونها تجسيداً للاحتلال، إذ قال الناطق الرسميّ باسم حركة فتح أسامة القواسمي لـ"المونيتور": "التسهيلات الإسرائيليّة الحقيقيّة بالنسبة إلينا، هي اعتراف حكومة بنيامين نتنياهو بالحقوق الفلسطينيّة، وإزالة آخر جنديّ ومعسكر ومستوطنة في الضفّة الغربيّة".
وأضاف القواسمي: "لو اعتقدت إسرائيل أنّها بتقديم بعض التسهيلات الاقتصاديّة، وتوسيع الحواجز تغطّي على جرائمها، فهي مخطئة. نحن نبحث عن حريّة واستقلال، وليس عن تحسين أوضاع هنا أو هناك، هدفها تجميل صورة الاحتلال".
وأوضح القواسمي: "نحن لا تستقيم معنا سياسة العصا والجزرة. إذا كانت إسرائيل تريد إعطاءنا جزرة فيجب أن تكون بالاعتراف الكامل بالحقوق الفلسطينيّة على أساس الشرعيّة الدوليّة والقانون الدوليّ، بإقامة دولة على حدود الـ1967".
وأكّد القواسمة أنّ هدف إسرائيل من الإعلان عن تسهيلات غير موجودة على الأرض، هو بعث رسالة إلى المجتمع الدوليّ بأنّ لديها نوايا جديّة وحقيقيّة، وحسن نوايا تجاه الفلسطينيّين، في تناقض لما تقوم به على الأرض من استيطان ومصادرة أراضٍ، واعتقالات واقتحامات.
من جانبه قال الكاتب والمحلّل السياسيّ أحمد رفيق عوض لـ"المونيتور"، إنّ إعلان إسرائيل عن تسهيلات في الضفة الغربية، هو رسالة إلى المجتمع الدوليّ، لكي تظهر انها تساعد الفلسطينيين اقتصاديا، وتسمح لهم بالتنقل بحرية، وجاءت (التسهيلات) في ظل حراك سياسي تقوده فرنسا لترويج مبادرتها السياسية، وكذلك بعض الدول العربية التي عادت للحديث عن مبادرة السلام العربية وامكانية اقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية واسرائيل، في حال التوصل الى اتفاق سياسي.
وأضاف عوض أنّ "التسهيلات الإسرائيليّة هي إحدى أدوات الاحتلال، الذي يقوم بتعقيد الظروف والحياة أمام الفلسطينيّين، وبعد ذلك يقوم بتخفيف تلك الأوضاع قليلاً".