تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

منطقة آمنة في شمال سوريا: تركيا تطالب والولايات المتّحدة تعترض

تسعى تركيا وجهّات سياسيّة وعسكريّة سوريّة إلى إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا، لتوفير ملاذات آمنة للاّجئين. بيد أنّ الولايات المتّحدة الأميركيّة عارضت المقترح التركيّ، حيث يصفه سوريّون بـ"الاحتلال".
RTS9YW2.jpg

غازي عنتاب، تركيا - كشفت صحيفة "يني شفق" التركيّة في تقرير نشر في 26 نيسان/أبريل الماضي، أنّ الجيش التركيّ يحشد قوّاته البريّة لتنفيذ عمليّة عسكريّة واسعة في شمال سوريا، والتوغّل بعمق 18 كيلومتراً وعرض 8 كيلومترات، بغرض تنظيف المنطقة من عناصر تنظيم الدولة الإسلاميّة على الجانب السوريّ للحدود.

وبحسب ما نشرته الصحيفة، فإنّ الجيش التركيّ أرسل إلى الحدود التركيّة-السوريّة نحو نصف قوّاته البريّة تقودها فرقة من قوّات النخبة، لإنشاء منطقة آمنة على طول الشريط الحدوديّ بطول 110 كيلومترات وعمق 45 كيلومتراً. وتهدف هذه الخطوة الى توفير بديل يسمح من عبور اللاّجئين السوريّين من تركيا والعودة الى بلادهم، بعدما تجاوز عددهم فيها أكثر من 2.7 ملايين لاجئ.

في سياق متّصل، قال رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية أنس العبدة في 12 من الشهر الجاري، "بتصريح صحفي" إنّ تركيا يحقّ لها إقامة "منطقة آمنة في سوريا لتأمين عودة السوريّين الى بلادهم وحماية حدودها، وذلك بحسب الاتّفاقيات الموقّعة بين البلدين".

وقال العبدة في تصريحه الصحافيّ إنّ "بروتوكول أضنة -المبرم بين تركيا وسوريا في عام 1998- يهيّئ الأرضيّة اللازمة لأنقرة، لإقامة منطقة آمنة في سوريا"، وأضاف: "في حال تحقّق ذلك، تكون أنقرة قد أمّنت حدودها، وعندئذ، يمكن للسوريّين أن يعودوا إلى بلادهم بأمان".

والمنطقة الآمنة المشار إليها حسب الخطة التركيّة والمنشورة في صحيفة يني شفقت التركية، تقع بين بلدتي جرابلس وأعزاز المحاذية للحدود التركيّة. وتخضع الأولى إلى سيطرة تنظيم الدولة الإسلاميّة، بينما تسيطر على الثانية حركة أحرار الشام بالتحالف مع فصائل محلّية من الجيش السوريّ الحرّ.

ولدى حديثه مع موقع "المونيتور"، كشف قائد فرقة السلطان مراد التابعة إلى الجيش السوريّ الحرّ فهيم أبو عيسى، عن وجود اتّصالات مع الجانب التركيّ وتنسيق معه، استعداداً لإنشاء المنطقة الآمنة، وقال: "المنطقة ستخضع إلى سيطرة الجيش السوريّ الحرّ، والطرح التركيّ يحظى بدعم من التحالف الدوليّ".

وتعتبر فرقة السلطان مراد جزءاً من غرفة عمليّات حوار كلس، تساندها المدفعيّة التركيّة في قصف مواقع تنظيم الدولة الإسلاميّة، في شمال سوريا وتتلقّى دعماً جويّاً من التحالف الدوليّ المناهض للتنظيم الإسلاميّ المتشدّد.

ولم يفصح أبو عيسى عن مضمون تفاصيل الخطّة التركيّة، لكنّه قال: "معاركنا مستمرّة ضدّ التنظيم إلى أن يتحرّر كامل الريف الشماليّ والشرقيّ لمدينة حلب، بعدها ستعلن المنطقة الآمنة وسيتمّ توفير ملاذات آمنة للّاجئين".

إلّا إنّ الرئيس الأميركيّ باراك أوباما رفض فكرة إنشاء منطقة آمنة في سوريا، وقال في تصريحات صحافيّة في مدينة هنوفر الألمانيّة في 24 نيسان/أبريل الماضي إنّ "مشكلة المنطقة العازلة لا تكمن في أنّني لا أريد إقامتها، إنّما في كيفيّة ضمان الأمن فيها من دون مشاركة عسكريّة واسعة". وأضاف إنّ "المسألة العمليّة هي من الذي سيقوم بمهمّة مراقبة هذه المناطق، وأين يمكن إيجاد قوّات بريّة كفيلة بذلك، وهو للأسف أمر من الصعب جدّاً تحقيقه على الصعيد العمليّ".

لكن هناك من يرى أنّ التحرّك التركيّ هدفه "احتلال جزء من سوريا، ويشكّل انتهاكاً صارخاً للسيادة الوطنيّة ولا يحترم قرارات الشرعيّة الدوليّة ذات الصلة"، والكلام لعضو الهيئة التنفيذيّة لحركة المجتمع الديمقراطيّ آلدار خليل، وأضاف مستغرباً: "هدف تركيا ليس حماية اللاجئين، بل إنّ سلطة العدالة والتنمية تستخدمهم كورقة للابتزاز".

ولدى لقائه مع موقع "المونيتور"، لفت خليل إلى أنّ المنطقة الآمنة "متحقّقة عمليّاً وفعليّاً في منطقة روج آفا-شمال سوريا وقد تحوّلت مناطقنا إلى ملاذ آمن فعليّ للّاجئين".

وأعلن أكراد سوريا النظام الفدراليّ في 17 آذار/مارس الماضي من العام الجاري، ضمن المناطق التي تقع تحت سيطرتهم في شمال شرق البلاد وهي: الجزيرة وكوباني وعفرين وتلّ أبيض. وذكر خليل أنّه "يوجد عشرات الآلاف من النازحين والمهجّرين السوريّين في مناطقنا، فبعدما رفضت حكومة رجب طيّب أردوغان استقبال نازحي ريف حلب الشماليّ أخيراً، قامت قوّاتنا بتأمين كلّ الإمكانات وإيصالهم في شكل آمن إلى مدينة عفرين"، مضيفاً أنّ "الآلاف من العراقيّين ومن ضمنهم أهل الموصل الذين فرّوا من قبضة تنظيم "داعش" موجودون في روج آفا"، والأخيرة هي التسمية الكرديّة لغرب كردستان.

ولم يخفِ خليل عزم قوّات سوريا الديمقراطيّة على انتزاع المناطق الفاصلة بين الأقاليم الكرديّة (عفرين وكوباني) في شمال سوريا من قبضة تنظيم الدولة الإسلاميّة، وعبّر بالقول إنّ "تحرير المناطق التي تفصل بين كوباني وعفرين سيساهم في إيجاد تسوية للأزمة المتفاقمة في البلاد من تجفيف نهائيّ لمصادر دعم "داعش" والنصرة وغيرها من الكتائب والمجموعات المرتبطة بالتنظيمين المتشدّدين".

في حين يرى آخرون، أنّ الحديث عن منطقة آمنة في شمال سوريا ليس جديداً. وقال عضو المكتب التنفيذيّ لتيّار الوعد السوريّ منذر سلال لدى لقائه مع "موقع المونيتور" ان: "الموضوع أثير كثيراً منذ حوالي سنة وعقدنا في شأنه العديد من الاجتماعات مع الجانب التركي والائتلاف المعارض وحكومته المؤقتة، وقمنا بتجهيز الكوادر الإداريّة والمشاريع وحتّى التحضيرات العسكريّة"، وأضاف "لكنّ أغلب الوعود لم تكن صادقة أو لم تكتمل بشأن المنطقة الامنة".

ومنذر سلال من مواليد بلدة أعزاز، يعزو العجز في تحقيق المنطقة الآمنة إلى أنّه "غياب الإرادة الدوليّة في تحقيق ذلك"، نافياً ان "يكون العائق في وجه فرض المنطقة الآمنة في شمال سوريا، المعارك العسكريّة على الأرض".

وشدّد سلال على أنّ موقف تيّار الوعد السوريّ من المنطقة الآمنة "يتطلّع إلى ضروّرة انشاء هذه المنطقة الآمنة، لأنّ الحاجة باتت ملحّة جدّاً لفرضها كي تصبح أعزاز وريفها منطقة آمنة بالفعل، وملاذاً لكلّ النازحين والناجين الذين يفرون من الحرب"، في إشارة الى الحرب المستعرة في سوريا منذ خمس سنوات ونيّف.

أمّا مدير المركز الكرديّ للدراسات نوّاف خليل فقلّل من أهميّة المقترح التركيّ، وفي حديثه إلى موقع "المونيتور"، قال: "أستبعد قيام الجيش التركيّ بخطوات منفردة لأنّها جزء من حلف الناتو والتحالف الدوليّ"، وختم كلامه بالقول: "تركيا تبحث عن ذرائع لاحتلال أراضٍ سوريّة بدعوى إقامة منطقة آمنة. ولكن أيّ خطوة غير متوقّعة ربّما تورّطها أكثر في مجابهة مع الأكراد من جهّة، وبقية القوى الدوليّة من جهّة ثانية".

ويرجّح خبراء ومحلّلون في الشأن السوريّ، أنّ جهود تركيا لفرض منطقة آمنة على حدودها الجنوبيّة، تعثّرت أمام رفض الولايات المتّحدة الأميركيّة بسبب تقديمها الدعم الجويّ والعسكريّ إلى قوّات سوريا الديمقراطيّة، وتشكّل وحدات حماية الشعب الكرديّة نواتها العسكريّة، وأثبتت أنّها القوّة الأكثر فاعلية في القتال ضد تنظيم الدولة الإسلاميّة في سوريا.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in