فيما اعتبره مراقبون عدواناً غاشماً على السلطة القضائيّة لإحكام السيطرة الكاملة عليها، وجعل القضاة جزءاً من السلطة التنفيذيّة يدافعون عن سياسات النّظام يروّجون له ويحكمون بأوامره، أصدر المجلس الأعلى لتأديب القضاة في 28 آذار/مارس الماضي، حكماً نهائيّاً بتأييد عزل 32 قاضياً، وإحالتهم على التقاعد، على خلفيّة اتّهامهم بالعمل السياسيّ ومناصرة فصيل سياسيّ معيّن – جماعة الإخوان- من خلال توقيعهم على بيان يؤيّد الجماعة، اُذيع في مقرّ اعتصام مؤيّدي الرئيس المعزول محمّد مرسي في ميدان رابعة العدويّة، ممّا يعدّ مخالفة واضحة لقانون السلطة القضائيّة. ورغم أنّ المادّة 73 من قانون السلطة القضائيّة تحظّر على القضاة الاشتغال بالعمل السياسيّ والترشّح فى إنتخابات مجلس الشعب أو الهيئات الإقليميّة أو التّنظيمات السياسيّة قبل تقديم استقالاتهم، إلاّ أنّ القضاة المعزولين اعتبروا أنّ ما فعلوه لا يخالف القانون في شيء، لأنّه مجرّد إبداء للرأي، وليس اشتغالاً بالسياسة، فهم لا ينتمون إلى أيّ حزب أو تيّار سياسيّ .
ونصّ بيان القضاة الصادر في 24 تمّوز/يوليو من عام 2013 - المتسبّب في عزلهم- على عدم انحيازهم لأيّ تيّار سياسيّ، وأنّهم لا يعملون في السياسة ولا يشتغلون بها، وإنّ انحيازهم الوحيد والمشروع هو للشرعيّة الدستوريّة والحقّ والعدل، وهو عماد سلطانهم وعلّة وجودهم، إذ بغير هذا الانحياز تنتفي علّة وجود القضاء من الأساس. وأكّدوا في بيانهم رفضهم التام الإعتداء على الشرعيّة الدستوريّة وإقصاء الرئيس الشرعيّ المنتخب تحت إشراف قضائيّ كامل الدكتور محمّد مرسي وإلغاء الدستور الّذي استفى عليه الشعب في حريّة ونزاهة تامّتين.