مدينة غزّة، قطاع غزّة - بدأ ضياء خليل، من مدينة غزّة، منذ عامين، بإرسال ابنه الطالب في الصف الثاني إبتدائيّ إلى مدرسة عباد الرحمن الخاصّة في مدينة غزة، إذ يرى أنّ التّعليم الخاص في القطاع هو الأفضل، في ظلّ تكدّس التلاميذ في الفصول المدرسيّة داخل المدارس التابعة للحكومة ووكالة غوث وتشغيل اللاّجئين "الأونروا".
وأشار خليل، الّذي يعمل صحافيّاً في غزة لـ"المونيتور"، إلى أنّه يدفع 1200 دولار كرسوم سنويّة لدراسة ابنه، مبدياً ارتياحه رغم ارتفاع الرسوم مقارنة بمصاريف الدراسة في المدارس الحكوميّة التي يُدفع فيها مبالغ رمزية، وكذلك مدارس الأونروا التي يكون فيها الدراسة مجانا، وقال: "أعتقد أنّ ما أدفعه يذهب إلى مكانه الصحيح، فالأهمّ ممّا أدفعه هو راحة طفلي وحبّه للمدرسة ورغبته بالاستمرار فيها ورفضه الإنتقال إلى مدرسة أخرى. لقد أدخلته إلى مدرسة خاصّة لأنّني أعتقد أنّ التعليم في الأونروا غير مجدٍ في هذا الوقت، خصوصاً مع تكدّس الطلاّب في الفصول، فأردت أن يكون في مدرسة مميّزة وعدد قليل من الطلاّب في الفصل، إذ يصل عددهم الى 14 طالب وطالبة فقط، بينما في المدارس الحكومية والاونروا فيصل إلى خمسين، إضافة إلى وجود اهتمام بالغ من المدرّسين والإدارة به وبمستواه".
ورأى أنّ هناك إقبالاً جيّداً على المدارس الخاصّة في قطاع غزّة، نظراً لجودة التعليم فيها واهتمام إداراتها بكلّ تفاصيل دراسة التلاميذ من حيث الأنشطة اللامنهجية والدروس.
وتعتبر مدرسة "النصر الإسلاميّة النموذجيّة" الخاصّة أولى المدارس الخاصّة، الّتي أنشئت في قطاع غزّة، إذ يعود تاريخ إنشائها إلى عام 1962 تحت الإدارة المصريّة، في ظلّ الحكم المصريّ لقطاع غزّة، والّذي انتهى باحتلال إسرائيل للقطاع في عام 1967.
وفي هذا السياق، قال مدير ورئيس مجلس أمناء المدرسة محمّد العلمي لـ"المونيتور": "أغلقت المدرسة منذ احتلال إسرائيل للقطاع، وأعيد افتتاحها في عام 1976 على يدّ جدّي راغب العلمي، الّذي كان يتولّى إدارة الوقف الإسلاميّ في غزّة، وهو المتبرّع بمشاريع خيريّة عدّة، من بينها هذه المدرسة وأحد المستشفيات. وأشار إلى أنّ المدرسة الّتي تبدأ فيها الدراسة من مرحلة رياض الأطفال حتّى الثانوية العامّة هي خيريّة، وقال: "بمعنى أنّها إذا خسرت، فإنّ مجلس أمنائها يتولّى إدارة شؤونها ويقرّر إما الاستمرار في العمل وإمّا الإغلاق. أمّا الربح فيعود إلى مؤسّسة الوقف الّتي تعمل تحت إطارها المدرسة، والّتي تنمّي مشاريعها وتطوّرها".
وانتسب إلى المدرسة حتّى العام الدراسي الجاري 1480 طالباً، أيّ ازداد العدد عن سابقه نحو ستين طالباً. وفق قول العلمي.
واعتبر محمّد العلمي أنّ التعليم الخاص في قطاع غزّة يمتاز بجودته ونوعيّته مقارنة بالمدارس العامّة، وقال: "يرى بعض الأهالي الّذين يقومون بنقل أبنائهم من مدارس الحكومة ووكالة الأونروا أنّ مستوى أبنائهم التعليميّ سيكون أفضل في المدارس الخاصّة، فمثلاً نحن ندرّس اللّغتين الإنكليزيّة والفرنسيّة، إضافة إلى اللّغة الأمّ العربيّة، ناهيك عن الأنشطة التدريبيّة اللامنهجيّة الميدانيّة".
وأشار إلى أنّ مدرسته المقامة على 18 دونماً تغطّي نفقاتها من خلال ما تجنيه من رسوم خلال العام من الطلاّب، لافتاً إلى أنّ رسوم الدراسة تتراوح بين 330 دولاراً و590 دولاراً سنويّاً، وقال: "لأنّنا مؤسّسة خيريّة نتّبع سياسة عدم زيادة الرسوم، فتكون معقولة ويتحمّلها أيّ مواطن. إنّ العام لدينا ينقسم إلى 3 فصول، وكلّ فصل 3 أشهر، فرسوم الفصل الواحد لمرحلة رياض الأطفال هي 425 شيقلاً (حوالى 110 دولارات) والمرحلة الإبتدائيّة 660 شيقلاً (حوالى 173 دولاراً)، والمرحلة الإعداديّة 700 شيقل (حوالى 180 دولاراً)، والمرحلة الثانويّة 760 شيقلاً (حوالى 197 دولاراً)".
وتحدّث عن إمكانيّة ازدياد المدارس الخاصّة وتطوّرها في قطاع غزّة، إذ أنّه حتّى عام 1976 كانت هناك مدرستان خاصّتان فقط في القطاع، هما مدرسة النصر الإسلامية التي استمرت، والثانية كلية غزة للتعليم الإعدادي والثانوي لكنها أقفلت أبوابها، فيما ارتفعت اليوم الأعداد، وقال: "فالنمو في أعدادها هو سريع ودليل على أنّ المواطنين في غزّة يتّجهون إلى التعليم الخاص".
ومن جهته، أشار مدير دائرة التعليم الخاص في وزارة التربية والتعليم بغزّة حسين العيلة لـ"المونيتور" إلى أنّ عدد المدارس الخاصّة في قطاع غزّة وصل حتّى الآن إلى 53 مدرسة، فيما أنّ مدرسة جديدة سيتمّ افتتاحها خلال العام الدراسي المقبل، وقال: "حصلت الزيادة الهائلة في أعداد المدارس منذ مجيء السلطة الفلسطينيّة إلى قطاع غزّة في عام 1994، ففي منطقة وسط قطاع غزّة توجد 6 مدارس، وفي خانيونس 5 مدارس، وفي شرق خانيونس 4، وفي رفح 3، وفي شرق غزّة 8، وفي شمال غزّة 7. أمّا العدد الأكبر فموجود في منطقة غرب مدينة غزّة، الّتي تعتبر مركز المدينة وتوجد فيها كثافة سكانيّة عالية، حيث يصل عدد المدارس الخاصّة فيها إلى 20 مدرسة".
ولفت إلى أنّ متوسّط الرسوم السنويّة للطلاّب الّذين تصل أعدادهم في المدارس الخاصّة بقطاع غزّة إلى ثمانية عشر ألف ومائتي طالب، يتفاوت بين مدرسة وأخرى، إذ يتراوح بين 2000 شيقل (حوالى 530 دولاراً) و2500 شيقل (حوالى 650 دولاراً)، بينما توجد مدارس ذات نظام دوليّ كالمدرسة الأميركيّة الّتي تتجاوز رسومها الـ2000 دولار في العام الدراسي الواحد، وترى شريحة من سكّان قطاع غزّة أنّها ملائمة لدراسة أبنائها.
ورغم الظروف الإقتصاديّة الصعبة لسكّان قطاع غزّة، إلاّ أنّ ذلك لم يمنع من تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصّة ذات التكاليف المرتفعة مقارنة بمداخيلهم الشهريّة، دلالة على اهتمامهم بجودة التعليم.