تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

هل انّ إيران مستعدة حقاً للاستثمار الأجنبي؟

صحيح أن الرئيس حسن روحاني روّج للاستثمار الأجنبي باعتباره المنقذ للاقتصاد الإيراني في ظلّ انخفاض أسعار النفط، الاّ أنّ ايران غير قادرة على التعامل مع التدفق اللآزم لرؤوس الأموال.
RTR2GZX3.jpg

طهران، إيران — اتّهم الخبير الاقتصادي المقيم في طهران داود سوري في مقال نُشر مؤخراً في المجلّة الاقتصادية "تجارت فردا" الحكومات الإيرانية المتعاقبة بانفاق مليارات الدولارات على السلع الاستهلاكية والتستّر على المشاكل الهيكلية في الاقتصاد منذ الطفرة النفطية في السبعينيات. يبدو أن الانخفاض الأخير في أسعار النفط إلى أدنى المستويات منذ عشرة أعوام، قد دفع بالسلطات الإيرانية إلى الابتعاد عن السياسات الاقتصادية السابقة. والواقع أن الجمهورية الإسلامية تسعى الآن الى التحوّل من اقتصاد يعتمد على النفط الى اقتصاد يعتمد على الضرائب والزراعة والصناعة والسياحة، اضافة الى مصادر أخرى للدخل. وبهدف تجهيز البنية التحتية اللازمة لذلك، تعتمد الحكومة على الاستثمار المحلي والأجنبي.

قبل أن يتم الاعلان عن الأمر التنفيذي لرفع العقوبات بموجب خطة العمل الشاملة المشتركة في 16 كانون الثاني - يناير، منع الحظر المستثمرين الدوليين المحتملين من اجراء أنشطة تجارية مع إيران. والآن، وبعد رفع العقوبات، تأمل الحكومة الإيرانية أن تنجح مقاربتها الجديدة باتجاه التمويل الأجنبي في معالجة النقص في رأس المال وفي المساعدة على تعزيز النمو الاقتصادي.

قال أبو الفضل خاوری نجاد، المدير السابق لمكتب الحسابات الاقتصادية في البنك المركزي، انّه "لم يعد النفط قادراً على تحقيق النمو." في حديث مع "تجارت فردا" هذا الشهر، حذر الخبير الاقتصادي من أنه سيكون من الصعب على الحكومة استبدال الايرادات النفطيّة بتدفّق رأس المال المرجح من الخارج في مرحلة ما بعد العقوبات. وقال إنه لم يكن يُنظر أبداً الى الاستثمار الأجنبي المباشر،الذي روّج له الرئيس روحاني باعتباره الحل الرئيسي لمشكلة النقص في رأس المال، على انّه المنقذ للاقتصاد الإيراني في العقود الأربعة الماضية. ولذلك كانت الخطوات الهادفة لجذبه قليلة.

كما يرى خبراء اقتصاديين بارزين أن الاقتصاد الإيراني لا يزال غير جاهز لاستقبال المستثمرين الأجانب على نطاق واسع، على الرغم من رفع العقوبات. قال مسعود نيلي، كبير المستشارين الاقتصاديين للرئيس، ان العقوبات كانت احدى العقبات الأربع الرئيسية في وجه النمو الاقتصادي. في 25 كانون الثاني- يناير، نقلت " دنیای اقتصاد"عن نيلي حديثه عن التحديات الثلاثة الأخرى التي تواجه صانعي السياسات الاقتصادية. وتتمثّل بعدم فعالية سياسات طويلة الأجل وعدم وجود الكيانات التي يمكن أن تضمن استدامة نمو الناتج المحلي الإجمالي فضلاً عن السياسات الخاطئة التي تمّ اعتمادها عند ارتفاع أسعار النفط الى 140$ للبرميل الواحد والتراجع التاريخي في أسعار النفط. يُلقى الآن اللوم على الحكومة بسبب السياسات غيرالحكيمة والتأخّر في إجراء الإصلاحات الاقتصادية. في الواقع، يقول الخبراء ان ايران قد تحتاج إلى سنوات وليس الى أشهر لمعالجة المشاكل الهيكلية لاقتصادها. وبحسب خاوری نجاد، من شأن هذه الإصلاحات أن تستغرق وقتاً طويلاً، وربما حتى نهاية خطة التنمية الاقتصادية في آذار- مارس 2021.

يرى بعض المحللين أن من شأن تدخل الدولة الكبير في الشؤون الاقتصادية، من بين عوامل أخرى، أن يخيف المستثمرين الأجانب المحتملين، اذ سيعتبرون المنافسة خطراً. تحدّث علي ابرهيم نجاد، وهو استاذ باحث في العلوم المالية في جامعة بوسطن، الى "تجارت فردا" في هذا الشهر، قائلاً انّ المستثمرين الأجانب لا يحبّذون مواجهة مخاطر غير تلك المتعلقة بصناعتهم. قال "في حال قرر الأجانب الولوج الى السوق الإيرانية، سيكون عليهم التعامل مع المخاطر السياسية والعملات ومعدّلات الفائدة، وهو أمر غير مقبول بالنسبة للمستثمرين الدوليين."

وقد تحدّث خاوری نجاد عن القلق نفسه. اذ قال انه لم تكن الظروف مساعدة أبداً للاستثمار الأجنبي في إيران، أكان قبل العقوبات أو عندما كانت مفروضة. قال، "لم تكن العقوبات العقبة الوحيدة أمام جذب الاستثمار الأجنبي المباشر. يريد المستثمرون أن يعرفوا مدى الاحتكار أو المنافسة في السوق الإيرانية. يريدون الاطلاع على النظام الضريبي وقوانين العمل والعلاقة بين المؤسسات. كل هذه العوامل لها تأثير على أعمالهم، لذلك يفكّرون بهذه المسائل."

احتلّت إيران المرتبة 74 من بين 144 دولة في أحدث تصنيف لمؤشر التنافسية العالمية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي. وجاء معدّل القدرة التنافسية ​​72.67 ما بين 2011 و 2016، ليصل إلى أعلى مستوياته أي 83 في عام 2015. أما أدنى المستويات القياسية أي 62 فقد تسجّلت عام 2012. وفي الوقت نفسه، تشير بيانات البنك الدولي إلى أن الاستثمار الأجنبي المباشر مثّل 0.5٪ من اجمالي الناتج المحلي والذي بلغ 425$ مليار عام 2014. وشكلت حصة هذا الاستثمار في الأعوام 2011 و2012 و2013 نسبة 0.7٪ و0.8٪ و0.6٪ على التوالي. وفي عام 2003، في ظل غياب أي عقوبات مفروضة على ايران بسبب برنامجها النووي، سجّل الاستثمار الأجنبي المباشر الحصة الأعلى من اجمالي الناتج المحلي وذلك بنسبة 1.9٪، وهي النسبة الأعلى منذ العام 1981. وفي حال أرادت ايران جذب 50$ مليار من الاستثمار الأجنبي المباشر سنوياً في السنوات الخمس المقبلة - كما أعلنت وتوقّعت ادارة روحاني – وجُب أن ترتفع نسبة الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 11.7٪ من اجمالي الناتج المحلي. ويبدو هذا الهدف بعيد المنال على المدى القصير بسبب المخاطر غير التجارية وهيمنة الدولة على الأسواق المالية وأسواق البضائع الحاضرة. وبالتالي، ينبغي أن تعمل الحكومة على كبح جماح تدخّلها في الشؤون التجارية واعتبار ذلك أولويّة مطلقة وعاجلة.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in