تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

رئيس حزب الوفد المصريّ: للمرّة الأولى تلتزم الدولة حيادها تجاه صندوق الإنتخاب منذ 60 عاماً

RTR3B27P.jpg

حزب الوفد الجديد، هو حزب سياسيّ ليبراليّ ويعدّ أقدم الأحزاب السياسيّة في مصر. تأسّس عام 1918 على يدّ الزعيم المصريّ سعد زغلول، تحت شعار "الوطنيّة المصريّة"، الّذي يسعى إلى الحفاظ على الوحدة الوطنيّة بين مسلمي الدولة ومسيحيّيها. لقد تولّى الدكتور السيّد البدوي رئاسته في أيّار/مايو عام 2010 ليخوض الحزب المنافسة في كلّ الإنتخابات الّتي مرّت على مصر منذ اندلاع ثورة 25 كانون الثاني/يناير، وينجح في الحصول على 45 مقعداً في مجلس النوّاب الحاليّ.

حصل حزب الوفد على 45 مقعداً في الإنتخابات البرلمانيّة، الّتي جرت المرحلة الأولى منها في 17 و18 تشرين الأوّل/أكتوبر الماضي، والثانية في 22 و23 تشرين الثاني/نوفمبر، ليحصل بذلك على المرتبة الثالثة، بعد حزبي المصريّين الأحرار ومستقبل وطن. وتحدّث رئيس الحزب الدكتور السيّد البدوي في حوار خاص لـ"المونيتور" عن الظواهر السلبيّة الّتي شابت العمليّة الإنتخابيّة من شراء المرشّحين أو شراء الأصوات الإنتخابيّة، واصفاً الطريق إلى الصندوق الإنتخابيّ بأنّه غير "نظيف"، في الوقت نفسه الّذي أشاد فيه بموقف الدولة وحيادها بشكل غير مسبوق في الحياة السياسيّة منذ 60 عاماً. كما وصف الأحزاب الّتي حصدت مقاعد برلمانيّة بشرائها نوّاب، بأنّها أحزاب "مرحليّة"، عمرها قصير، لأنّها ليست قائمة على أسس سياسيّة، ولكنّها منسوبة إلى أشخاص. وبمجرّد اختفاء هؤلاء الأشخاص لأيّ سبب من الأسباب ستختفي هذه الأحزاب، على عكس "الوفد"، الّذي يملك ثوابت وطنيّة منذ مائة عام. وانتقد بشدّة ظاهرة تمويل رجال أعمال لأحزاب في عينها، معتبراً أنّ هذه الظواهر السلبيّة لم تكن موجودة من قبل، وهي تمثّل خطورة بالغة على الحياة السياسيّة.

وفي ما يلي نص الحوار:

المونيتور: كيف تقوّم العمليّة الإنتخابيّة في مرحلتيها الأولى والثانية؟

البدوي: تقويم العمليّة الإنتخابيّة يتمّ على محورين: أوّلهما الصندوق، وثانيهما الطريق إلى الصندوق. ففي المحور الأوّل، كانت الدولة طرفاً محايداً في العمليّة الإنتخابيّة، ولم تنحز إلى أيّ فصيل أو تيّار سياسيّ، فقضاة مصر ورجال الشرطة والقوّات المسلّحة أدّوا دوراً كبيراً في حفظ النّظام والأمن. وللمرّة الأولى منذ 60 عاماً يكون الصندوق الإنتخابيّ نظيفاً. أمّا في المحور الثاني، ففي الحقيقة، الطريق إلى الصندوق لم يكن نظيفاً إطلاقاً، إذ شابته مخالفات عدّة، بسبب ممارسات بعض المرشّحين الّذين استخدموا المال السياسيّ وبعض النّاخبين الّذين قبلوا أن تشترى أصواتهم.

المونيتور: ما مدى تأثير ظاهرة استخدام المال السياسيّ على العمليّة الإنتخابيّة، وخصوصاً ظاهرة شراء المرشّحين أو الأصوات الإنتخابيّة؟

البدوي: المال السياسيّ تمّ استخدامه على مرحلتين:

الأولى كانت قبل الترشّح، حيث قامت أحزاب بشراء مرشّحين بمبالغ ضخمة مقابل ترك أحزابهم، وكان على رأس هذه الأحزاب، حزبا المصريّين الأحرار ومستقبل الوطن اللّذان قاما بدفع الأموال من أجل الاستحواذ على مرشّحين سواء أكان من حزب الوفد أم من أحزاب أخرى. ولقد تمّ شراء مرشّحين من حزب الوفد نجح منهم 23 مرشّحاً وأصبحوا نوّاباً ينتمون إلى أحزاب المال السياسيّ. والقول إنّ المرشّح هو الّذي اختار ترك الوفد بلا أيّ إغراء ماليّ، إجابته ما الدافع لأيّ مرشّح وفديّ أن يترك حزباً بحجم حزب الوفد، بتاريخه السياسيّ والوطنيّ والنضاليّ لينضمّ إلى أحزاب أخرى غير معروفة سوى المال اللاّزم للإنفاق على الإنتخابات.

أمّا المرحلة الثانية فهي شراء أصوات النّاخبين. هذه الظاهرة لم تشهدها الحياة النيابيّة منذ عام 1866، فكنّا في السابق نقول إنّ الإخوان يقدّمون رشاوى إنتخابيّة لشراء أصوات النّاخبين، وكانت هذه الرشاوى هي السلع التموينيّة مثل الزيت والسكّر، ولكن هذه المرّة شراء الأصوات أصبح نقداً وبمبالغ كبيرة أمام اللّجان. وللمرّة الأولى، نجد سماسرة إنتخابات يساومون المرشّحين لإحضار النّاخبين بعد تجميع بطاقاتهم وإحضار مجموعات للتّصويت لمن يدفع نقداً.

المونيتور: تحدّثت في تصريحات صحافيّة أنّ هناك أحزاباً وتيّارات تنفق ببذخ فى الإنتخابات ومصادر تمويلها غير معلومة، فمن هي هذه الاحزاب؟

البدوي: في الحقيقة، أصبحت مصادر تمويل هذه الأحزاب واضحة ومعلومة، فحزب المصريّين الأحرار يموّله رجل أعمال، وحزب مستقبل وطن الشبابيّ يموّله عدد من رجال الأعمال، وعلى رأسهم رجل الأعمال أحمد أبو هشميّة، وهذا الكلام جاء على لسان رئيسه محمّد بدران، وهو شاب مجتهد وأحترمه وأتمنّى له ولحزبه النّجاح، ولكن ظاهرة تمويل رجال الأعمال لحزب سياسيّ غريبة وجديدة، وهي تمثل خطورة كبيرة على مصر وعلى الحياة السياسيّة، فانتقلت المنافسة بين الأحزاب من منافسة سياسيّة إلى ماليّة.

المونيتور: هل الحزب راض على النّسبة الّتي حصل عليها فى البرلمان، وهي 45 مقعداً؟

البدوي: مقارنة مع المناخ الّذي شهدته الإنتخابات وحال الاستقطاب وظاهرة شراء المرشّحين واعتماد بعض الأحزاب على شراء أصوات النّاخبين، طبعاً راض، لأنّ الوفد اعتمد على تاريخه الوطنيّ والسياسيّ وبرامجه الإصلاحيّة، وليس على المال السياسيّ. ونوّابنا لم ندعمهم بأيّ مال، وهم يسمّون أنفسهم بـ"نوّاب البسطاء". كما أنّ الـ45 نائباً في البرلمان يمتلكون رؤية وبرنامجاً، ولديهم خبرة طويلة في العمل البرلمانيّ، والعديد من الأحزاب الّتي اعتمدت على المال السياسيّ ليست أحزاباً حقيقيّة، إذ ليس لديها حجم عضويّة أو كوادر أو بنية تنظيميّة أو حتّى تاريخ سياسيّ، فهي أحزاب مرحليّة، تسمّى بأحزاب الدورة الواحدة، لأنّها قائمة على أشخاص، وليس على أفكار وثوابت ومبادئ.

المونيتور: حزب المصريّين الأحرار في برلمان عام 2012 حصل على 13 مقعداً، في حين قفز إلى 65 مقعداً في البرلمان الحاليّ. برأيكم، ما سبب هذا الإرتقاع الضخم في عدد المقاعد؟

البدوي: حصل حزب المصريّين الأحرار في المرحلة الأولى على 43 مقعداً في الصعيد، حيث توجد محافظات تحتوي على كثافة تصويتيّة للمسيحيّين مثل أسيوط وسوهاج والمنيا وبني سويف والأقصر. وبالتّالي مع عزوف النّاخبين عن المشاركة في الإنتخابات، كان لهذا العامل تأثير كبير في نجاح أكبر عدد للمصريّين الأحرار. وفي المرحلة الثانية بمحافظة القاهرة، حصل الوفد على مقعد واحد، بينما حصل حزب المصريّين الأحرار على 9 مقاعد في الدوائر ذات التّواجد الكثيف للمسيحيّين مثل شبرا والساحل وروض الفرج والزاوية والشرابيّة وقصر النيل والحدائق. وأنا لا ألومه على ذلك، فهذه حريّة الاختيار الّتي يكفلها الدستور والقانون، ولكنّي فقط أذكر لك أسباب تفوّق حزب المصريّين الأحرار على الوفد. وفي المناسبة، إنّ معظم مرشّحي المصريّين الأحرار الّذين فازوا في تلك الدوائر، إن لم يكن جميعهم، من المسلمين.

المونيتور: في إنتخابات عام 2012، وصلت نسبة المشاركة إلى 52 في المئة، في حين أنّ نسبة المشاركة في برلمان عام 2015 لم تتجاوز الـ29 في المئة، فكيف تفسّر ذلك؟

البدوي: هذه النّسبة للأسف ضئيلة، وأعتقد أنّ سبب ذلك يعود إلى أنّ المصريّين خرجوا للإدلاء بأصواتهم لأكثر من 6 مرّات، منذ اندلاع ثورة 25 كانون الثاني/يناير، سواء أكان في الإعلان الدستوريّ بـ19 آذار/مارس من عام 2011 أم في إنتخابات مجلس الشعب أو الشورى أم في دستور الإخوان أم في دستور ثورة 30 حزيران/يوينو أم في الإنتخابات الرئاسيّة مرّتين، ولم تتغيّر أحوالهم المعيشيّة نحو الأفضل. وبالتّالي، أعتقد أنّ سبب عزوفهم حال الإحباط العامّة في البلد، نتيجة الظروف الإقتصاديّة الصعبة بعد ثورتين وما تواجهه الدولة من إرهاب دمويّ مخطّط لإفشال الإقتصاد المصريّ وضرب مفاصله، وعلى رأسها السياحة والاستثمار العربيّ والأجنبيّ.

المونيتور: هل ترى أنّ مجلس النوّاب في شكله الحاليّ يعبّر عن شرائح المجتمع كافّة؟

البدوي: رغم الظواهر السلبيّة الّتي تحدّثت عنها، إلاّ أنّني متفائل بالبرلمان، لأنّ هناك نوّاباً أكفّاء. كما أنّ هذا المجلس سيكون مراقباً من الشعب والإعلام، فالنائب لم يعد أسير فكره وضميره فقط كما كان في السابق. وأتمنّى أن يعطي مجلس النوّاب المقبل الأمل إلى المصريّين، وأن ينجح في إخراجهم من حال اليأس.

المونيتور: أعلنت قائمة "في حب مصر" عن تشكيل إئتلاف يسمّى بإئتلاف دعم الدولة، فهل انضمّ الوفد إلى هذا الإئتلاف؟ ولماذا؟

البدوي: وقّعناعلى وثيقة دعم الدولة المصريّة، وما زلنا ملتزمين مبادئها الّتي تشمل احترام الدستور والدعوة إلى بناء دولة مدنيّة ديموقراطيّة حديثة واحترام الحريّات العامّة وإقامة دولة القانون، وهذه المبادئ لا يختلف عليها أحد، ولكن الإئتلاف وفقاً للعرف الدستوريّ ولدستور عام 2014 يجب أن يكون إئتلافاً حزبيّاً أو تقوده أحزاب، فلم نسمع يوماً في برلمانات العالم أن يقود إئتلاف مجموعة من المستقلّين. كما أنّ المادّة الخامسة من الدستور تنصّ على أنّ الحياة السياسيّة في مصر تقوم على أساس تعدّد الأحزاب والتداول السلميّ للسلطة. وبالتّالي، لا بدّ من دعم التعدديّة الحزبيّة في مصر، وليس التعويل عليها.

المونيتور: كيف تفسّر غياب التّمثيل البرلمانيّ للأحزاب اليساريّة في البرلمان؟

البدوي: للأسف الشديد، إنّ الأحزاب اليساريّة لم تطوّر نفسها، ولم تواجه المتغيّرات الّتي حدثت في العالم كلّه، فأنا حزين أنّ حزباً عريقاً مثل حزب التجمّع له تاريخ كبير، لم يحصد سوى مقعد واحد في البرلمان. علينا جميعاً أن ندعم هذه الأحزاب ونقف بجانبها حتّى تؤدّي دورها المطلوب.

المونيتور: كيف ترى انخفاض نسبة تمثيل التيّار الإسلاميّ في المجلس، رغم استحواذه على أكثر من 70 في المئة من مقاعده فى إنتخابات عام 2012؟

البدوي: حزب النّور دفع فاتورة ممارسات الإخوان في الشارع المصريّ واستباحتهم دماء المصريّين، وأنا مع تمثيل حزب النّور في البرلمان وضدّ إقصاء أيّ تيّار سياسيّ، مهما كان انتماؤه الحزبيّ أو السياسيّ أو الفكريّ، طالما لم تتلطّخ يداه بالدماء أو لم يلجأ إلى العنف والقوّة.

المونيتور: كيف تقوّم أداء حكومة المهندس شريف إسماعيل؟

البدوي: للأسف، ما زالت الأيادي المرتعشة تسيطر على الوزراء، فحتّى الآن، الرئيس هو من يقوم باتّخاذ خطوات إصلاحيّة وتدشين المشاريع القوميّة الكبرى، فالحكومة لم تفعل شيئاً وعليها أن تواكب الرئيس وتسرّع من وتيرة عملها، حتّى تحظى بدعم المواطن البسيط. وأحبّ أن أشير إلى أنّ الحكومة الأولى الّتي يعرضها الرئيس على مجلس النوّاب ستوافق عليها الهيئة البرلمانيّة للحزب، لأنّ الرئيس هو المسؤول أمام الشعب، ولا مسؤوليّة من دون سلطة. وبالتّالي، يجب أن يختار الرئيس الحكومة الّتي تستطيع أن تنفّذ أفكاره وبرنامجه حتّى يستطيع الشعب أن يحاسبه.

المونيتور: ما هي مشاريع القوانين الّتي يسعى الحزب إلى إقرارها في البرلمان؟

البدوي: لدينا في حزب الوفد حكومة الظلّ، الّتي صاغت برنامج الحزب الإنتخابيّ، ولديها مشاريع قوانين في المجالات والتخصّصات كافّة، وستتعاون مع الحكومة، ونقدّم إليها كلّ ما لدينا من خبرات ودراسات ومشاريع قوانين.

المونيتور: برأيكم، ما هي أهمّ التّشريعات الّتي نحتاج إلى مراجعتها فى البرلمان المقبل؟

البدوي: أنا  ضدّ مراجعة القوانين الّتي أصدرها الرئيس، فإنّي مع التّصديق عليها، والوفد لن يكون عائقاً في إصدار القوانين المكمّلة للدستور، لأنّ الوقت لا يحتمل، ولا بدّ أن نعبر بسفينة الوطن إلى برّ الأمان.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in