تعكف الحكومة ومحافظة القاهرة على تطوير محيط وسط البلد في محافظة القاهرة سوى مثلّث ماسبيرو أو المباني الموجودة في محيط وسط البلد، وشمل مشروع تطوير وسط البلد تطوير كورنيش النيل في التّحرير. ورغم ترحيب الكثير من سكّان القاهرة بهذا المشروع بسبب شكاوى المواطنين من تجاوزات عاملين في المراكب النيليّة وتحرّشهم بالفتيات، إضافة إلى تهالك كثير من المراكب النيليّة وتعرّضها إلى الغرق، لكنّ مشروع التطوير أطاح بمئات من أصحاب المراكب النيليّة والعاملين فيها، إذ قامت محافظة القاهرة، بالتّعاون مع شرطة المسطّحات المائيّة، بإزالة المراسي والمراكب النيليّة من كورنيش النيل، رغم تواجدها في ذلك المكان منذ سنوات عدّة.
وأعلن محافظ القاهرة نقل المراكب النيليّة المرخّصة إلى كورنيش الساحل واستحالة عودة أصحاب المراكب مرّة أخرى إلى كورنيش التحرير، وسط اعتراضات وغضب المتضرّرين من هذا القرار، ممّا دفعهم إلى تنظيم وقفات احتجاجيّة أمام كورنيش النيل، وقرّر أصحاب المراكب النيليّة الاعتصام لأيّام عدّة فرفعوا لافتات أعلنت أنّ قرار المحافظة أضرّ بـ200 أسرة، إذ سيتمّ نقلهم إلى كورنيش الساحل، وهذا لا يناسب عملهم بسبب انتشار القمامة والإهمال والبلطجة والسرقة. ورغم اعتصام أصحاب المراكب، استمرّت المحافظة في أعمال تطوير الكورنيش، الّذي رصدت له 8 مليون جنيه من دون اهتمام باعتصام المتضرّرين.
ونقل عشرات من أصحاب المراكب النيليّة اعتصامهم من كورنيش النيل إلى مبنى مجلس الوزراء، لكنّهم أعلنوا فضّ اعتصامهم، بعد اعتداء قوّات الأمن المركزيّ على المتظاهرين من حملة الماجيستر، والّذين أعلنوا اعتصامهم في توقيت اعتصام أصحاب المراكب النيليّة نفسه من دون وضع حلول لمشاكلهم ليستمرّ التطوير من دون مراعاة مطالبهم وضررهم في مصدر رزقهم.
وفي هذا الإطار، قال محمود حسن، وهو صاحب أحد أصحاب المراكب النيليّة المتضرّرة من قرار محافظة القاهرة لـ"المونتيور": "إنّ المحافظة حتّى الآن لم تف بوعودها لنا، ولم تنقلنا، كما صرّح محافظ القاهرة إلى كورنيش الساحل، رغم أنّه مكان غير مجهّز للعمل تماماً، وبلا كهرباء وتنتشر فيه القمامة. ولم تعوّضنا المحافظة ماديّاً، رغم أنّنا نملك أوراق ملكيّة لمراسي الكورنيش وتراخيص للمراكب النيليّة، لكنّ المحافظة بالتّعاون مع شرطة المسطّحات المائيّة، قامت بإزالة المراسي، وأجبرتنا على نقل مراكبنا من أمام كورنيش النيل، ومن كان يعترض يقبض عليه ويتمّ حجز مركبه".
واتّهم محمود حسن محافظة القاهرة بأنّها انحازت إلى أصحاب الفنادق أمام النيل ومالكي المراكب السياحيّة، ونفّذت رغباتهم في نقل المراكب النيليّة، الّتي كانت ملجأ للبسطاء كوسيلة لنزهة نيليّة رخيصة الثمن، وقال: "إنّ أصحاب المراكب قاموا بوقفة أمام مجلس الوزراء مع أسرهم وأطفالهم، لكن فوجئنا بأنّ الأمن المركزيّ اعتدى على الشباب الحاصل على شهادات الماجستير، فشعرنا بالقلق، وانسحبنا من أمام المجلس".
ومن جهته، قال محمود أبو اليسر، وهو أحد أصحاب المراكب النيليّة المتضرّرة في حديث لــ"المونتيور": "إنّ المحافظة رغبت في تطوير الكورنيش على حساب الفقراء لإرضاء الأغنياء، وهم أصحاب الفنادق والمراكب السياحيّة، رغم أنّنا نعمل في كورنيش التحرير منذ عشرات السنين".
أضاف: "إنّ المحافظة أصرّت على نقلنا وإزالة المراسي من دون توفير أيّ بديل لنا وتركتنا بلا مصدر رزق، رغم الوعود والتصريحات الصحافيّة بأنّه سيتمّ نقل المراكب إلى منطقة الساحل، لكن حتّى الآن لم تنفّذ أيّ وعد".
وتابع: "إنّ أصحاب المراكب المتضرّرة تقد|موا بشكوى إلى مجلس الوزراء من دون أيّ استجابة، ولم تهتمّ الدولة بأزمتنا رغم تضرّر أكثر من 5 آلاف عامل يعملون في أكثر من 120 مركباً تمّت إزالة مراسيهم ونقلهم بالإجبار بعيداً عن كورنيش التحرير".
ورفض محمود أبو اليسر الإتّهامات الإعلاميّة الموجّهة إلى أصحاب المراكب، بأنّهم السبب في حوادث التحرّش أمام كورنيش التحرير قائلاً: "إن قوّات الشرطة كانت منتشرة حول المراكب لحراسة الفنادق السياحيّة، ولو كان يحدث ذلك فهي إدانة لهم، بالإضافة إلى أنّ ذلك ليس مبرّراً لتشريد أسر العمال الّذين أصبحوا بلا أيّ رزق أو مصدر دخل، ولم تهتمّ المحافظة حتّى بتوفير بديل لهم".
وبدوره، قال خالد مصطفى، وهو المتحدّث الرسميّ باسم محافظة القاهرة في تصريحات خاصّة لـ"المونتيور": "إنّ المحافظة تعكف على الانتهاء من مشروع تطوير وسط القاهرة، ويعتبر كورنيش النيل في التحرير واجهة مشروع القاهرة الخديويّة، والّذي يتضمّن تطوير وسط البلد، والمحافظة تعمل عاكفة على توفير البديل لأصحاب المراكب النيليّة المرخّصة، والّتي تمّ نقلها إلي كورنيش الساحل".
وعن الإتّهامات الموجّهة من قبل أصحاب المراكب المتضرّرة بعدم جهوزيّة المكان البديل للعمل، قال: "إنّ المكان البديل ما زال في مرحلة التجهيز. ولذلك، من الصعب الحكم على صلاحيّته الآن، لكن قريباً سيتمّ نقل تلك المراكب إلى هناك، وستوفّر المحافظة كافّة سبل الراحة لهم، مع العمل على تأمينهم من خلال التنسيق مع قوّات الأمن لحمايتهم أثناء العمل".
أضاف خالد مصطفى: "إنّ مشروع تطوير الكورنيش جاء لخدمة المواطن، وليس الفنادق السياحيّة، كما يدّعي البعض، فالمستفيد الوحيد هو المواطن الّذي يستمتع الآن بالجلوس في كورنيش النيل بعد تجهيزه بشكل أثار إعجاب المواطنين والإعلام".
وتابع: "أدعو أصحاب المراكب النيليّة للانتظار قليلاً، حتّى يتمّ تجهيز المكان البديل لهم، فتطوير القاهرة سيأتي لصالح الجميع، حيث تعود القاهرة، مرّة أخرى، جاذبة للسياحة بكافّة أنواعها".
وشدّد على أنّ المحافظة لن تضرّ أصحاب المراكب المرخّصة نهائيّاً، لكنّ أصحاب المراكب غير المرخّصة هم من يتضرّرون من أعمال التطوير لأنّهم مخالفون للقانون، ويعملون بعيداً عن رقابة الجهات المعنيّة".