لم تكن أزمة النازحين السوريّين في لبنان في حاجة إلى كارثة غرق البعض منهم على عبّارة تركيّة قبل أيّام، لتعود إلى واجهة القضايا الضاغطة على البلاد، غير أنّ وفاة عدد من المواطنين اللبنانيّين مع هؤلاء، فيما هم يحاولون الهجرة بشكل غير شرعيّ من تركيا صوب أوروبا، أعاد التذكير بالمأزق الكبير الّذي يعيشه لبنان في مواجهة قضيّة النازحين، فهي صارت مصدر مأساة للسوريّين، كما للبنانيّين أنفسهم، وباتت أولويّة إنسانيّة ملحّة، لكنّها باقية من دون حلول ولا معالجات جديّة.
إنّ عودة تلك القضيّة إلى صدارة الأخبار بدأت في 14 تشرين الأوّل/أكتوبر الجاري، يوم ذاع في بيروت خبر مفاده أنّ عائلة لبنانيّة مؤلّفة من 12 شخصاً، غرقت على عبّارة كانت تحاول تهريب مهاجرين غير شرعيّين من تركيا إلى اليونان، وأنّ تسعة منهم على ما يبدو لقوا حتفهم. مأساة أعادت فتح كلّ قضيّة النزوح إلى لبنان بشقّيها السوريّ واللبنانيّ، فالعائلة المنكوبة لبنانيّة، لكنّها كانت تسكن في قرية صغيرة اسمها قرقران متاخمة للحدود السوريّة، عند الزاوية الشماليّة الشرقيّة من لبنان، قرية تعرّضت للتّهجير منذ نحو ثلاثة أعوام، بفعل الحرب السوريّة وتداخل الجغرافيا ووجود الإرهابيّين وانعدام الاستقرار وسبل العيش، فنزح أفراد العائلة إلى ضاحية بيروت الجنوبيّة، في شكل متزامن مع موجات النزوح السوريّ إلى لبنان، ومن العاصمة اللبنانيّة سافروا إلى اسطنبول، ومنها إلى أزمير، ومن هناك إلى قعر البحر.