إثر سلسلة الاحتجاجات الّتي سادت الشارع العراقيّ المطالبة بتحسين الخدمات والقضاء على الفساد المالي والإداري في مؤسسات الدولة، منذ يوليو/تموز 2015، والى وقت كتابة هذا التقرير، وضغوط المرجعيّة الدينيّة في النّجف، أعلن رئيس الوزراء العراقيّ حيدر العبادي في 20 آب/أغسطس 2015، عن مجموعة من الحزم الإصلاحيّة في الأبعاد الإداريّة والإقتصاديّة والسياسيّة لهيكل الدولة، لكنّ ما ينقص هذه العمليّة بأكملها، غياب الرؤية الشاملة لحلّ مشكلة الدولة العراقيّة، الّتي ما زالت تعاني من آثار النّظام المركزيّ المقفل، فالدولة العراقيّة لا يمكنها أن تنهض من جديد من دون إيجاد أساس لامركزيّ قويم لها. ومن جهة، يعاني العراق من كيان إداريّ عملاق ومشوّه يستمدّ من الدولة المركزيّة بقاءه واستمراره. ومن جهة أخرى، هناك صراع مستمرّ للمركز مع المنطقتين الكرديّة والسنيّة. وعليه، فإنّ إعادة ترتيب توزيع السلطة والصلاحيّات ضمن نظام لامركزيّ غير طائفيّ يعدّ شرطاً أساسيّاً لأيّ مشروع إصلاحيّ يراد منه الإصلاح والنّجاح في الإصلاح.
وفي هذا السّياق، أعلن وزير التّخطيط سلمان الجميلي في كانون الأوّل/ديسمبر من العام الماضي أنّ عدد الموظّفين في القطاع العام المحسوبين على الحكومة المركزيّة قد بلغ أكثر من 3 ملايين شخص. ويعادل هذا ما يقرب إلى 45 في المئة من مجموع القوى العاملة العراقيّة، حسب دراسة قامت بها هيئة النّزاهة في الحكومة العراقيّة. وإضافة إلى التّكلفة الماليّة الهائلة لهذا الحجم الكبير منالموظّفين، تعدّ إدارة هذه المجموعة العملاقة عبئاً كبيراً على عاتق الحكومة المركزيّة.