تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

الأموال المصريّة المهرّبة إلى الخارج في خطر

القاهرة تواجه صعوبات بالغة في استرداد الأموال التي هربها الرئيس المخلوع مبارك وأعوانه بسبب عدم صدور أحكام قضائية مصريه نهائية ضد مبارك ورموز حكمها وعدم توافر التعاون الدولي الكافي لاسترداد تلك الأموال.
Egypt's ousted President Hosni Mubarak sits next to his sons Gamal (L) and Alaa (R) inside a dock at the police academy on the outskirts of Cairo May 21, 2014. An Egyptian court on Wednesday sentenced Hosni Mubarak to three years in prison on charges of stealing public funds. His sons were sentenced to four years in jail on the same charges. REUTERS/Stringer (EGYPT - Tags: POLITICS CIVIL UNREST CRIME LAW) - RTR3Q5QZ

القاهرة - في شهر تمّوز/يوليو 2012، قام المدّعي العامّ السويسريّ مايكل لوبر بتجميد 700 مليون فرنك سويسريّ، أي ما يقارب الـ761 مليون دولار أميركيّ، في البنوك السويسريّة، وهي أموال باسم الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه علاء وجمال و31 شخصاً من أعوانه، منهم رئيس الوزراء السابق أحمد نظيف ووزير الداخليّة السابق حبيب العادلي، بناء على مستندات من الحكومة المصريّة بعد ثورة 25 يناير، تفيد بأنّ هذه الأموال هرّبت بطريقة غير مشروعة.

استلمت وزارة العدل المصريّة في 17 حزيران/يونيو الجاري خطاباً رسميّاً من مكتب المدّعي العامّ السويسريّ يفيد أنّه تمّ وقف التحقيقات الخاصّة باتّهام مبارك ونظامه بالانضمام إلى منظّمة إجراميّة ودعمها بسبب حصول مبارك وأعوانه علي أحكام بالبراءة من جانب القضاء المصري. وأضاف أنّ الدعوى الجنائيّة الخاصّة بغسيل الأموال والمتّهم فيها مبارك و31 من رجاله ما زالت جارية ضدّهم جميعاً، مؤكّداً أنّ الأرصدة ستظلّ مجمّدة.

وعقب إصدار مكتب المدّعي العامّ السويسريّ هذا القرار، أصدر الرئيس عبد الفتّاح السيسي في 25 حزيران/يونيو الحالي، قانوناً جديداً برقم 28 لسنة 2015، بإنشاء اللجنة القوميّة لاسترداد الأموال والأصول والموجودات في الخارج وتنظيمها.

ويكون تشكيل هذه اللجنة المعنيّة باسترداد الأموال المصريّة في الخارج برئاسة النائب العامّ، على أن يكون رئيس جهاز الكسب غير المشروع نائباً لرئيس اللجنة، مع عضويّة ممثّلين عن أجهزة سياديّة منها المخابرات والإنتربول ومباحث الأموال العامّة والرقابة الإداريّة.

وتمنح هذه اللجنة وحدها دون غيرها اختصاص تلقّي طلبات الصلح المقدّمة من المتّهمين المدرجين على قوائم التجميد في الخارج، أو وكلائهم في أيّ مرحلة من مراحل الدعوى الجنائيّة، ويترتّب على قبول طلب التصالح انقضاء الدعوى الجنائيّة أو وقف تنفيذ العقوبات المحكوم بها.

الجدير بالذكر أنّ هناك 7 لجان رسميّة وشعبيّة تمّ إنشاؤها للغرض ذاته منذ ثورة 25 يناير وحتّى الآن، من دون تحقيق الهدف المنشود، وهو استرداد الأموال المهرّبة في الخارج، وقد أنفقت تلك اللجان مبلغ 500 مليون جنيه مصريّ، أي ما يقارب 65 مليون دولار أميركيّ على بدلات السفر والإقامة لأعضائها، إضافة إلى التعاقد مع مكاتب محاماة دوليّة لاسترداد تلك الأموال.

وقال وزير العدل السابق بين عامي 2012 و2013 المستشار أحمد مكّي لـ"المونيتور " إنّ الموقف المصريّ في استرداد تلك الأموال ضعيف، نظراً إلى عدم صدور أحكام قضائيّة مصريّة نهائيّة ضدّ مبارك وأعوانه، حيث يمكن بعد الاطّلاع على حيثيّات تلك الأحكام من الأنظمة القضائيّة للدول التي قامت بتجميد تلك الأموال مثل سويسرا، أن تصدر الدوائر القضائيّة هناك أحكام بردّ تلك الأموال المهرّبة إلى الجانب المصريّ.

وأشار مكّي إلى أنّ الدول التي توجد لديها تلك الأموال تستفيد حكوماتها من تجميدها لأنّها لا تقوم بدفع فوائد عليها للمودعين. فكلّما طالت فترة التجميد، زادت أرباح تلك الدول، لذا لا توجد نيّة صادقة لردّ تلك الأموال.

وأضاف: "عندما كنت وزيراً للعدل، ناقشت مع وزير الخارجيّة الأميركيّ جون كيري استرداد الأموال المهرّبة في أميركا، وكان ذلك في آذار/مارس 2013. وقمت بالتواصل مع السفيرة الأميركيّة في القاهرة آن باترسون والتي صدمتني شخصيّاً عندما قالت إنّ المعلومات المتوافرة لديها عن أموال مبارك في أميركا تقدّر بـ3 مليون دولار فقط. وطالبت باترسون الجانب المصريّ بتحديد قيمة الأموال والبنوك التي توجد فيها وإثبات أنّها أموال غير شرعيّة على الرغم من أنّ الولايات المتّحدة لديها أنظمة دقيقة لمراقبة الأموال وتتبّعها. وطلبت منها أن تقوم الولايات المتّحدة بدورها في محاربة الفساد في دول العالم النامي، وأن تردّ هذه الأموال إذا كانت جادّة في تلك الحرب على الفساد من دون انتظار الأحكام القضائيّة المصريّة".

وأكّد مساعد وزير العدل ورئيس جهاز الكسب غير المشروع بين عامي 2012 و2013 المستشار يحيى جلال لـ"المونيتور" أنّ النيابة العامّة المصريّة أصدرت في أيّار/مايو 2015 مذكّرة توضيحيّة في شأن العقبات التي أفرزها الواقع العمليّ في ملفّ استرداد الأموال المهرّبة إلى الخارج، منها عقبات التعاون على المستوى الدوليّ والتي تجلّت في قيام بعض الدول بتعليق التعاون القضائيّ مع مصر، ووقف تنفيذ طلبات الإنابة القضائيّة الدوليّة المرسلة من مصر، بادّعاء أنّ الجهاز القضائيّ المصري يفتقد إلى الاستقلال والاستقرار. وأضاف جلال: "على سبيل المثال، أدّى حكم المحكمة العليا في سويسرا في كانون الأوّل/ديسمبر2012 بإيقاف تنفيذ طلبات الإنابة القضائيّة المرسلة من مصر، إضافة إلى اختلاف النظم القانونيّة بين مصر وتلك الدول، والتغيّرات السياسيّة المتلاحقة في فترة وجيزة إلى تشكيك بعض الدول في عدم وجود إرادة سياسيّة مصريّة حقيقيّة لاسترداد تلك الأموال.

وأشار جلال إلى أنّه على المستوى الوطنيّ، كان هناك تخبّط بين أجهزة الدولة أدّى إلى بطء الإجراءات المتعلّقة باسترداد الأموال، كأن ترسل جهّات وأجهزة وطنيّة متعدّدة طلبات الإنابة القضائيّة الدوليّة نفسها إلى نيابة الدولة المتداولة أمامها في الوقت نفسه.

وقال أستاذ القانون الدوليّ ورئيس جامعة بني سويف السابق الدكتور أحمد رفعت لـ"المونيتور" إنّه "شديد التفاؤل باللجنة الجديدة التي قام بتشكيلها الرئيس عبد الفتّاح السيسي، حيث أنّ هذه اللجنة تسمح للمرّة الأولى بالتصالح مع المتّهمين في قضايا استيلاء على المال العامّ عن طريق ردّهم الأموال المنهوبة مقابل إسقاط التهم عنهم، والقانون المصريّ يسمح بالتصالح في قضايا عدّة منها قضايا العملة والضرائب والجمارك كما أنّ الشريعة الإسلاميّة تسمح بالتصالح في قضايا القتل عن طريق دفع الدية، ووضع إمكان للتصالح سوف يوفّر الوقت والأموال الطائلة التي تدفع لمكاتب المحاماة الدوليّة وبدلات السفر لأعضاء تلك اللجان.

وأشار رفعت إلى أنّ هناك صعوبة كبيرة في استرداد تلك الأموال المصريّة بالطرق القانونيّة التقليديّة، حيث أنّ اقتصاد بعض الدول مثل سويسرا، يعتمد على البنوك وما فيها من أموال، فإذا قامت تلك الدول بردّ تلك الأموال فإنّ ثقة المودعين سوف تهتزّ بتلك البنوك التي تعتمد على التحويلات الخارجيّة، ممّا يؤدّي إلى إحجام المودعين عن الإيداع في تلك البنوك، وبالتالي إلى انهيار النظام المصرفيّ في تلك الدول.

وأكّد المتحدّث باسم الخارجيّة المصريّة السفير بدر عبد العاطي لـ"المونيتور" أنّ دور الخارجيّة يتمثّل في توصيل طلبات الإنابة القضائيّة الدوليّة إلى الدول التي لديها الأموال المراد استردادها، وما عدا ذلك هو موضوع قضائيّ بحت منوط بالمؤسّسات القضائيّة والأجهزة الرقابيّة.

Join hundreds of Middle East professionals with Al-Monitor PRO.

Business and policy professionals use PRO to monitor the regional economy and improve their reports, memos and presentations. Try it for free and cancel anytime.

Already a Member? Sign in

Free

The Middle East's Best Newsletters

Join over 50,000 readers who access our journalists dedicated newsletters, covering the top political, security, business and tech issues across the region each week.
Delivered straight to your inbox.

Free

What's included:
Our Expertise

Free newsletters available:

  • The Takeaway & Week in Review
  • Middle East Minute (AM)
  • Daily Briefing (PM)
  • Business & Tech Briefing
  • Security Briefing
  • Gulf Briefing
  • Israel Briefing
  • Palestine Briefing
  • Turkey Briefing
  • Iraq Briefing
Expert

Premium Membership

Join the Middle East's most notable experts for premium memos, trend reports, live video Q&A, and intimate in-person events, each detailing exclusive insights on business and geopolitical trends shaping the region.

$25.00 / month
billed annually

Become Member Start with 1-week free trial
What's included:
Our Expertise

Memos - premium analytical writing: actionable insights on markets and geopolitics.

Live Video Q&A - Hear from our top journalists and regional experts.

Special Events - Intimate in-person events with business & political VIPs.

Trend Reports - Deep dive analysis on market updates.

We also offer team plans. Please send an email to pro.support@al-monitor.com and we'll onboard your team.

Already a Member? Sign in