نظّمت نيويورك وباريس وميلانو مؤخراً فعاليات كبرى لعرض مجموعات المصممين لموسم الخريف المقبل.
ولأول مرة، نظّمت طهران أيضاً فعالياتها الخاصة.
فخلافاً للنظرة السائدة في الغرب التي تعتبر أن الجمهورية الإسلامية في إيران هي أرض الحجاب والألوان الداكنة الرتيبة، قدّم المصممون الإيرانيون الشباب مجموعة متنوّعة من التصاميم العصرية للرجال والنساء خلال أسبوع الموضة الأول الذي تشهده إيران، وذلك بين السابع والتاسع من شباط/فبراير الماضي في مركز سام شمال طهران.
ستّة من أصل سبعة مصممين شاركوا في أسبوع الموضة هم من النساء - وبينهن ندى صادقي التي قالت لموقع "المونيتور" في مقابلة عبر البريد الإلكتروني إن النساء الإيرانيات يشاركن أكثر فأكثر في صناعة الموضة ليس فقط كمستهلكات إنما أيضاً كمالكات ومستثمرات، "بصفة شريكات ظاهرات للعيان أو صامتات [وكذلك] مديرات وموظفات مبيعات".
وقد روت صادقي التي تصمّم ملابس للرجال أنها بدأت التصميم قبل خمس سنوات، وتعمل في هذا المجال منذ ثلاث سنوات. على الرغم من أن مبيعاتها السنوية ضئيلة بحسب المعايير الغربية - بين 100000 و150000 دولار أميركي - "تنمو الأعمال بإذن الله"، كما تقول، وتتوسّع نحو الدول المجاورة.
وقد علّقت لموقع "المونيتور": "هدفي الأساسي هو أن أعرض تصاميمي على شركات أكبر في الغرب".
المصممات الأخريات اللواتي شاركن في أسبوع الموضة هنّ بونيه أسكاريان، وأوركيد غانجي، ونغمة صادقي، ومنير دعائي، ونسيم أخافان، وأرشيا ديلامي، وجميعهن يصممن ثياباً للنساء.
تقول صادقي: "ثمة جانبان في التصميم والموضة في إيران. الموضة اليومية المسموح بارتدائها شرعاً في الشارع [والتي تستمر النساء في تطويعها وتوسيع حدودها]، والجانب الثاني هو ما يرتدينه في المنزل أو الحفلات الخاصة. لكن يمكن رؤية الكثير من التصاميم والألوان المختلفة في الشارع وجميع المتاجر".
تستطيع كاتبة هذه السطور أن تشهد على التحوّل الدراماتيكي في اللباس الذي ترتديه النساء في العلن في طهران. ففي حين كان ارتداء الألوان الداكنة والعباءات الفضفاضة التي لا شكل لها إلزامياً قبل عشرين عاماً، باتت النساء دون الخمسين من العمر يفضّلن ارتداء سترات وأثواب تتناسب مع شكل الجسم وذات ألوان فاتحة.
عدد كبير من الملابس التي تباع في المتاجر في طهران يمكن أن ترتديها النساء في الغرب من دون السروال أو الجوارب الضيّقة (ليغينغ) وغطاء الرأس التي تفرض التنظيمات الحكومية في إيران على النساء ارتداءها في العلن.
تقول صادقي إنه من الضروري الحصول على إذن من الحكومة لتقديم تصاميم في عروض الموضة: "يجب أن تتقدّم بطلب وتحصل على بعض الملصقات لتوصيف كل واحد من التصاميم. لكن في شكل عام، يمكن بيع أي تصميم أو لون في المتاجر".
في الواقع، يبدو أن المسؤولين الإيرانيين تخلّوا عن محاولة فرض نوع الحجاب أو الغطاء الإسلامي الذي يجب أن ترتديه النساء. فقد باتت أعداد أكبر من النساء الإيرانيات يرتدين الجوارب الضيقة (ليغينغ) بدلاً من السراويل، كما يكتفين بالحد الأدنى من حجاب الرأس إلى درجة أنه يكشف الجزء الأكبر من شعرهن.
وكذلك قطعت ملابس الرجال شوطاً كبيراً، وخير دليل على ذلك تصاميم صادقي الطليعية.
صادقي وسواها من المصممين الإيرانيين مطّلعون جيداً على النزعات الرائجة في الموضة الغربية التي يواكبها الإيرانيون عبر الإنترنت ولدى سفرهم إلى الخارج. غالباً ما تصل أحدث النزعات الأوروبية إلى طهران قبل بلوغها الولايات المتحدة. ففي كانون الثاني/يناير 2005، سافرت كاتبة هذه السطور من باريس - حيث كان اللون الزهري النزعة الطاغية في ذلك الشتاء - إلى إيران لتجد أن جميع النساء المواكبات للموضة يرتدين الملابس والأكسسوارات الزهرية؛ ولم يصبح هذا اللون رائجاً في الولايات المتحدة إلا بعد بضعة أشهر.
تقول صادقي: "أحاول دائماً اتباع الموضة الأوروبية والأميركية. نظراً إلى طبيعة عملي، يجب أن أواكب الموضة، وهذا ما يتوقّعه مني أيضاً عملائي. تصميم الأزياء في إيران - وخلافاً لما يُروَّج له عبر شاشات التلفزة في البلدان الغربية - مواكب جداً للعصر، وفي تطوّر مستمر".
ولدى سؤالها عن المصممين الغربيين المفضّلين بالنسبة إليها، تجيب أنها معجبة بمصمَّمين اثنين: ألكسندر ماكوين الذي توفّي في العام 2010، لكن دار الأزياء التابعة له في لندن لا تزال تصمم ملابس عصرية جداً، ودار بالمين التي توفّي مؤسسها بيار بالمين في العام 1982، لكن شركته في باريس لا تزال ذائعة الصيت في مجال الأزياء الراقية.
وقال شريف رضوي، وهو مصمم أزياء ومدير معهد لتدريب المصممين الشباب، ومن بينهم صادقي، لموقع "المونيتور" إن الموضة باتت تلقى رواجاً متزايداً لدى النساء.
فقد علّق: "النساء في إيران مهتمات فعلاً بالموضة... وهناك عدد كبير من النساء اللواتي يعملن في مجال تصميم الأزياء. هنا في إيران، [بدأت] النساء مؤخراً بارتداء ملابس ملوّنة. تهتم النساء بقَصّة الثياب".
وقد نسب رضوي النمو في هذا القطاع إلى التحرّر الأكبر في اللباس الذي سمحت به إدارة الرئيس حسن روحاني فضلاً عن ظهور جيل جديد من المصممين الشباب المبدعين.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان يعتقد أن النساء الأميركيات قد يشترين ذات يوم ملابس إيرانية إذا توافرت لهن، أجاب رضوي المعجب بتصاميم ديور وروبرتو كفالي وشانيل: "مئة في المئة"، مضيفاً أنه يأمل بأن تتوصّل إيران إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة لأن ذلك قد يفسح في المجال أمام مزيد من التبادل التجاري والتفاعل بين البلدَين، بما في ذلك تبادل "أحدث المعلومات" حول الموضة.