أعاد الموقع الإلكتروني الخاص بالمرشد الأعلى آية الله علي خامنئي نشر مقال ردّت فيه صحيفة "كايهان" على التقارير التي تحدّثت عن توجيه الرئيس الأميركي باراك أوباما رسالة إلى خامنئي يعرض فيها على إيران التعاون ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" في حال التوصل إلى اتفاق نووي بحلول 24 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. على الرغم من أن الصحيفة لا تعكس دائماً آراء آية الله خامنئي، إلا أن إعادة نشر المقال عبر موقعه الإلكتروني هو خطوة نادرة تعبيراً عن الموافقة على بعض الآراء الواردة في المقال.
في البداية، اكتفت وكالات الأنباء الإيرانية بنقل رسالة أوباما التي نشرتها أولاً صحيفة "وول ستريت جورنال"، أما التلفزيون الإيراني فقد أتى على ذكرها بصورة مقتضبة. في الأيام الأخيرة، توسّعت التغطية، لا سيما في ما يختص بتعليق وسائل الإعلام الغربية على الرسالة.
لا يؤكّد المقال الذي يحمل توقيع سعدالله زارعي في صحيفة "كايهان" التي يشار إليها أحياناً، في توصيف مغلوط، بأنها "الناطقة باسم" آية الله خامنئي، وجود الرسالة. كما أنه لا يتطرق مطلقاً إلى موقف إيران في المباحثات النووية أو يأتي على ذكر المحادثات الجارية بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره الأميركي جون كيري في عُمان.
إلا أنه يجب التوقّف عند نقطتَين أساسيتين في المقال. النقطة الأولى هي أن الكاتب يعتقد أن رسائل أوباما السابقة أعقبتها أعمال عدائية من جانب الولايات المتحدة ضد إيران. والنقطة الثانية هي تسليط المقال الضوء على نظرة الفصيل المحافظ في إيران إلى التطوّرات الأخيرة في العراق، والتي لا يتشاركها المسؤولون في إدارة حسن روحاني الذين يدعون إلى تعاون إيراني-أميركي ضد تنظيم "داعش".
في ما يتعلق بالرسائل السابقة، كتب زارعي أن أوباما وجّه رسالته الأولى قبيل الانتخابات الرئاسية في العام 2009. وقد عبّرت الرسالة، بحسب صحيفة "كايهان"، عن الأمل بتحسين العلاقات بين البلدَين. لكن "بعد حملة التحريض في العام 2009، أدارت أميركا مرة أخرى ظهرها لموقفها المزعوم وسعت إلى إطاحة الجمهورية الإسلامية". يُذكَر في هذا الإطار أن صحيفة "كايهان" هي من أبرز المروّجين في أوساط الإعلام المتشدّد لفكرة أن "الحركة الخضراء" التي ظهرت في العام 2009 والاحتجاجات التي أعقبت انتخابات 2009 كانت مؤامرة أميركية وإسرائيلية. كتب زارعي أيضاً أنه بعد الرسالة التي وجّهها أوباما في مطلع العام 2013، فُرِضَت عقوبات على إيران.
في ما يختص بالتعاون مع الولايات المتحدة ضد تنظيم "داعش"، أثار زارعي شكوكاً حول الدوافع الأميركية في العراق، وشرح أن الجيش العراقي يبذل - بمساعدة إيران - جهوداً ناجحة في محاربة "داعش" في الأشهر الأخيرة، مضيفاً أن الولايات المتحدة لا تُظهر فعالية في القتال ضد "داعش" في العراق.
واعتبر زارعي أن الولايات المتحدة رأت في البداية في صعود "داعش" في العراق ذريعةً لتأدية دور كبير من جديد وإحداث خلل في التوازن السابق. لكنه لفت إلى أن الزيارة التي قام بها كيري إلى العراق في أيلول/سبتمبر الماضي كشفت للإدارة الأميركية أن الوضع في عدد من المناطق في العراق ليس حسّاساً بقدر ما تتحدّث عنه وسائل الإعلام.
فقد أشار إلى أنه بدعمٍ من القادة الدينيين في النجف وبتوجيه إيراني، تمكّنت قوات الدفاع العراقية من تحرير عدد من المدن العراقية، منها جرف الصخر وبيجي وآمرلي. ونسب زارعي هذه الانتصارات إلى القوات العراقية المعروفة باسم "مراتب"، مضيفاً أن هذه المجموعات تعلم جيداً أنها إذا عملت بإمرة قادة أميركيين، سوف تنسب وسائل الإعلام الأميركية كل هذه الانتصارات للولايات المتحدة. كما نقل زارعي عن هذه القوات اعتقادها بأنه في حال تدخّلت الولايات المتحدة في عملياتها، سوق تتسبّب بعرقلة أنشطتها.
لم يتكهّن زارعي حول رد المرشد الأعلى على الرسالة، لكنه ختم المقال بالاستشهاد بكلام سابق لخامنئي قال فيه: "إيران لا تثق بأميركا. فخلف قفازاتهم المخملية يخفون أيادي من حديد".
يشار إلى أن آية الله خامنئي هو من عيّن رئيس تحرير صحيفة "كايهان"، حسين شريعتمداري، في منصبه. و"كايهان" ليست الصحيفة الإيرانية الوحيدة الخاضعة لإشراف مكتب المرشد الأعلى. لكنها تحصل على قدر كبير من الاهتمام، وغالباً ما يُعاد نشر افتتاحياتها عبر مواقع إلكترونية إيرانية. فإلى جانب الموقع الإلكتروني للمرشد الأعلى، أعيد نشر مقال زارعي عبر مواقع إلكترونية محافظة واسعة الانتشار مثل "فارس نيوز" و"تابناك" و"خراسان"، فضلاً عن العديد من المواقع الأخرى.