دمشق — "بسكليت عالطريق ولا نطرة بالزحمة" شعار بسيط حمله مسير الدراجات الذي أقامته مبادرة "يلا عالبسكليت" المدنية في دمشق يوم الجمعة 21 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، بمشاركة نحو 900مواطن سوري من مختلف الأعمار والشرائح الاجتماعية، لتعزيز ثقافة ركوب الدراجات الهوائية بين المواطنين كوسيلة نقل رئيسية في دمشق، المدينة التي بات البعض يسميها أخطر مدينة في العالم .
المسير الذي تم بتنسيق من أصحاب المبادرة مع محافظة دمشق وشرطة المرور، اتخذ من حديقة البعث على اوتستراد المزة وسط دمشق منصة للانطلاق، وهو الاوتستراد ذاته الذي شهد في بداية الشهر الجاري انفجاراً نتج عن تفجيرٍ انتحاري بواسطة حزام ناسف في أحد الأنفاق التي يعبر منها المارّة ما أودى بحياة شخصين وثمانية جرحى.
في تمام الساعة العاشرة صباحا انطلق المشاركون باتجاه ساحة الأمويين إلى ساحة المرجة - التي لم تسلم من التفجيرات الانتحارية وقذائف الهاون في وقت سابق- ثم العودة مرة أخرى إلى ساحة الامويين حيث خط النهاية. مهندسون وأطباء وأساتذة جامعيون وأطفال شاركوا في المسير، لترسيخ فكرة أن الدراجة أفضل من السيارة في ظل الاختناق المروري الذي تشهده مدينة دمشق، نتيجة الحواجز العسكرية والامنية المنتشرة بكثافة في شوارعها.
سارة الزين إحدى المسؤولين عن هذه المبادرة قالت في لقاء مع المونتور:" نحن الآن بحاجة أكثر من أي وقت مضى لانتشار ثقافة الدراجات، فالانانية لدى أي شخص في الحصول على وسيلة نقل عامة في ظل ازمة المواصلات والاختناق المروري، تجعل من الدراجة وسيلة مريحة، وأضافت :" نريد ان نكسر التقاليد و’’البريستيج الاجتماعي‘‘ الذي يقول بأن الدراجة هي للفقراء او للرياضيين والذكور فقط ، ولذلك طلبنا من كل مشارك أي يرتدي لباسه الرسمي الذي يرتديه في عمله لكي نحفز بقية الناس على فكرة ركوب الدراجة كوسيلة نقل ليس فيها عيب او انتقاص من قيمتهم".
في منتصف النهار كانت نهاية المسير عند ساحة الأمويين حيث تجمع الراكبون، وأقاموا عدداً من النشاطات الترفيهة، كاختيار أجمل زوجين وأصغر طفل مشارك وأصغر دراجة هوائية، وفي لقاء مع المهندس تمام الدباس وهو احد المشاركين في المسير قال للمونتور:"شاركت في هذا المسير مع ابني وابنتي وارتديت البدلة الرسمية التي أرتديها في عملي لتحفيز باقي زملائي في العمل على قيادة الدراجة كوسيلة نقل" وأضاف:"أقود الدراجة منذ سنة، لم أعد مضطرا للوقوف على الحواجز والتأخر عن عملي، كما أنها مفيدة صحياً فأنا أمارس الرياضة يوميا، وهي أوفر بكثير من السيارة خاصة بعد غلاء اسعار المحروقات بشكل هستيري".
’’يلا عالبسكليت‘‘مبادرة انشئت في ابريل 2014 بجهود 50 متطوعاً. بدأ مؤسس المبادرة معن الهمة وبعض أعضاء المبادرة باستخدام الدراجة الهوائية كوسيلة نقل، ومالبث أن بدأت الفكرة تلقى رواجاً من قبل طلاب الجامعة الذين كانوا الأكثر معاناة في وصولهم لجامعاتهم، ثم انتشرت الفكرة بين مختلف الشرائح العمرية والاجتماعية.
قائد المبادرة معن الهمة قال في لقاء مع المونتور:"أحد أكثر الصعوبات التي واجهت هذه المبادرة هي حملة المصادرات التي تعرض لها كثير من مستخدمي الدراجات في بداية المبادرة، ولذلك طلبنا منهم جميعاً ترخيص دراجاتهم بالتنسيق مع محافظة دمشق ليكونوا قادرين على قيادتها في شوارع المدينة دون أي قلق من أن تصادر"، ويتابع :"افتتحنا مكتبا لتسجيل طلبات الترخيص، ثم أرسلناها إلى مجلس البلدية، وبالفعل تم ترخيص حوالي 1500 دراجة".
وفي تموز 2014 اقترح أصحاب المبادرة إدخال الدراجات إلى حرم جامعة دمشق لتسهيل حركة الطلاب داخل الجامعة، ومن خلال التنسيق مع إدراة الجامعة تم إدخال حوالي 150 دراجة وخصص مكان لها، حيث بدأ الطلاب باستخدامها في تنقلاتهم ، وحول ذلك تقول سارة الزين مجدداً:" بعد فترة قصيرة من إدخال الدراجات إلى الجامعة قامت الإدراة هناك بإخراجها بحجة أنها لا تستطيع تحمل مسؤولية سلامة الطلاب، خاصة بعد سقوط إحدى الفتيات خلال قيادتها الدراجة داخل الجامعة".
ومن النشاطات الأخرى التي قام بها فريق’’يلا عالبسكيت‘‘ مبادرة ’’وين في بسكليتاتي‘‘ في شهر آب/يوليو الماضي، وهي عبارة عن دليل للمحال التي تقوم بصيانة الدراجات الهوائية، وأيضا مبادرة’’يلا بالبسكليت عالشعلان‘‘ في شهر أيلول 2014 وكانت عبارة عن جولة في منطقة الشعلان وسط دمشق شارك فيها حوالي 50 شخصاً لتشجيع الآخرين على ركوب الدراجة، كما قام أصحاب المبادرة بنشر دليل السلامة اثناء قيادة الدراجة الهوائية، وقاموا بمبادرة حملت عنوان"يللا صبايا عالبسكليت" لتقوية مشاركة العنصر النسائي في قيادة الدراجة وكسر حاجز الخجل الذي تفرضه تقاليد المجتمع الشرقية، كما قام الفريق بالتعاون مع محافظة دمشق بوضع مسارات خاصة للدراجات على بعض الشوارع الرئيسية في المدينة ومنها أوتستراد المزة والطريق الواصل بين ساحة الأمويين وساحة المرجة وسط دمشق، ويأملون في المستقبل أن يكون هناك معابر خاصة للدراجات في كل شوارع دمشق والمدن الأخرى.
بعيدا عن ضجيج الحرب وأصوات الصواريخ والقذائف، يجتمع المسؤولون عن مبادرة ’’يلا عالبسكليت‘‘ مرة اسبوعياً بهدف مناقشة اي افكار جديدة لزيادة انتشار ركوب الدراجات بين المواطنين، ويأملون دائما أن تتحقق كل أهدافهم الاستراتيجية بجعل دمشق مدينة نظيفة خضراء من خلال التركيز على أهمية ركوب الدراجة الهوائية كوسيلة نقل أساسية وممتعة، أقل تكلفة، صحية أكثر، بيئية أكثر وآمنة أكثر.