واشنطن – علم المونيتور أنّ كبار المشرّعين يناقشون إمكانيّة خفض القيود الصّارمة المفروضة على المساعدة العسكريّة المقدّمة إلى مصر والتي وضعوها بعد أن أطاح الجيش بالرئيس محمد مرسي المنتخب ديمقراطيًا.
تأتي التّغيّرات المحتملة كجزء من المحادثات المستمرّة المتعلّقة بمشروع قانون الإنفاق "الجامع" الممتدّ على 10 أشهر والذي يأمل رؤساء مجلس النواب ومجلس الشيوخ إقراره بحلول 11 كانون الأوّل/ديسمبر، عند انتهاء مهلة الإجراء المؤقّت الحالي. وعلى ضوء القمع التي مارسه الرئيس عبد الفتاح السيسي على الإسلاميين، بما في ذلك الحملات في شبه جزيرة سيناء وإقفال أنفاق التهريب إلى غزّة، فكّر بعض المشرعين في منح حكومة أوباما مرونة أكبر للحفاظ على المساعدة العسكرية السنوية بقيمة 1.3 مليار دولار على الرغم من المخاوف المتعلّقة بحقوق الإنسان.
وقالت للمونيتور النائبة الجمهورية عن ولاية تكساس كاي غرانغر التي ترأس لجنة العمليّات الخارجيّة في مجلس النّواب "تشكّل مصر إحدى أكثر [علاقات المساعدات] المنطوية على مشاكل لأنّ الأمور تغيّرت كثيرًا ولمرّات عدّة في فترة زمنية قصيرة، ولذلك علينا أن نعمل مع مصر وفق وضعها الحالي. لطالما قلت إنّنا بحاجة إلى اتّخاذ القرار بشأن التّمويل بالنظر إلى ما يقدّمونه لمساعدة أمننا القومي. وأنا أعتقد أنّ [العمليّات في سيناء وعمليّات الأنفاق] تصبّ في مصلحة أمننا؛ فأنا إذًا أنظر بإيجابيّة إلى مصر".
قالت غرانغر إنّ فريق عملها لم ينته من وضع اقتراحه للمساعدة الخارجية، وإنّ "أمورًا كثيرة لا تزال معلّقة"، لكن يكمن أحد الخيارات في إعطاء وزارة الخارجية سلطة الإعفاء التي تفتقر إليها حاليًا.
قد تلقى مثل هذه الخطوة ترحيبًا حارًا في صفوف بعض أعضاء مجلس النواب القلقين بشأن العلاقة المتقطّعة بين الولايات المتّحدة ومصر منذ احتجاجات العام 2011 التي أدّت إلى الإطاحة بحسني مبارك.
وقال النائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا ماريو دياز-بالارت، وهو عضو في لجنة غرانغر للمساعدات الخارجية "أعتقد أنّ علينا البحث عن طرق لمساعدة تلك الحكومة على تحقيق النّجاح. نحن قلقون بشأن عدم الوضوح من جهة الحكومة". وهو سيدعم "أيّ خطوة يمكننا القيام بها للحرص على أن تكون مصر قادرة على الاعتماد على علاقة قوية مع الولايات المتّحدة".
ويدور النقاش حول قانون الإنفاق لشهر كانون الثاني/يناير 2014 الذي يربط صرف المساعدة العسكرية والاقتصاديّة بشهادة وزير الخارجية جون كيري بأنّ مصر "تتّخذ خطوات لدعم الانتقال الدّيمقراطي" و"تتّخذ خطوات نحو الحكم الديمقراطي". للقانون بعض الاستثناءات في إطار مكافحة الإرهاب وأمن الحدود، والاستمرار بالعقود والخدمات الحالية والمعدّات التي لا تتطلّب توصيلها إلى مصر؛ وقد أعطى الكونغرس بالفعل حوالي 572 مليون دولار، لكن لا يمكن صرف المبلغ الباقي من دون هذه الشّهادة.
في شهر حزيران/يونيو، صوّتت لجنة غرانغر، وبعدها لجنة المخصّصات الكاملة، بالموافقة على التّشريع الذي يكرّر إلى حدّ كبير مشروع قانون كانون الثاني/يناير. لكن تبيّن أنّ مجلس الشيوخ أكثر انتقادًا لسجلّ حقوق الإنسان في مصر في عهد السيسي، ما تسبّب بمواجهة مع مجلس النواب فيما يحاول المجلسان دمج مشروعي القوانين الخاصّين بهما كجزء من المشروع الجامع.
إنّ السيناتور الديمقراطي عن ولاية فيرمونت باتريك ليهي الذي يرأس لجنة العمليات الخارجية في مجلس الشيوخ هو أحد أبرز المؤيّدين للتّشريع الذي ينصّ على تقييد التّمويل، ولا يبدو أنّه سيغيّر موقفه. مرّرت لجنته في شهر حزيران/يونيو تشريعًا لاقتطاع 300 مليون دولار من المساعدة العسكرية وفرض قيود أكثر صرامة، بما في ذلك شرط بأن تحرّر مصر "جميع الأشخاص المحتجزين لممارستهم حقّهم بحرية التعبير، والتنظيم، والتجمّع السلمي"، بحسب ما أفاد به تحليل معمّق صدر مؤخّرًا عن المجلس الأطلسي حول القانون الحالي.
يُعتقَدُ أنّ بعض المسؤولين يؤيّدون المضيّ قدمًا بالشّهادة على الرغم من القمع المستمرّ الذي تمارسه مصر على المعارضين. لكنّ القيام بذلك قد يؤدّي إلى ردّ فعل عنيف تجاه الكونغرس حيث المشرّعون غاضبون بالفعل من قرار وزارة الخارجية العام الماضي بعدم تصنيف الإطاحة بمرسي كانقلاب.
ويُقال إنّ آخرين في الحكومة يؤيّدون التّشريع الجديد الذي سيعطيهم سلطة الإعفاء للاستمرار بصرف المساعدات لأسباب الأمن القومي. ومثل هذه الأحكام الخاصّة بالإعفاء هي ركن أساسي لمشاريع قوانين المساعدة الخارجية لكنّها لم تدخل في قانون كانون الثاني/يناير 2014 أو في مشاريع القوانين التي أعفت لجنتي المخصّصات في مجلسي النّواب والشّيوخ في شهر حزيران/يونيو.
وما يزيد الأمر تعقيدًا هو تردّد بعض الجمهوريين في تمرير مشروع قانون جامعٍ للإنفاق سيفسح المجال أمام التّغيرات في المساعدة الأجنبية وغيرها من السّياسات؛ فبدلاً من ذلك، هم يفضّلون تمرير قرار للاستمرار بالإجراء المؤقّت حتّى أوائل العام المقبل حين سيسيطر الجمهوريّون على مجلس الشيوخ وسيكون بإمكانهم إعادة تشكيل المساعدة الخارجية وغيرها من السّياسات وفق ما يرونه مناسبًا.