تجاوز إلى المحتوى الرئيسي

مصر تعود إلى لبنان: حماية الاعتدال السنّي

اقرأ في 

يوم العاشر من شهر آب/أغسطس الجاريّ، اكتملت مبادرة سفارة مصر في لبنان بنجاح جهود بذلتها لأسابيع عدّة أدّت إلى إعادة توحيد دار الفتوى وانتخاب مفتٍ جديد (المرجعيّة الدينيّة الأعلى للمسلمين السنّة في لبنان). ويساهم هذا النجاح في إبراز مؤشّرات هامّة عدّة، أبرزها عودة مصر إلى دورها الإقليميّ الخارجيّ بعد انقطاع استمرّ منذ العام ٢٠١١. إضافة إلى كون مصر بإنجازها هذا، تساعد في إعادة ترتيب البيت السنّي اللبنانيّ على أساس تحصين اعتداله الإسلاميّ في مواجهة مؤشّرات تنذر بوصول المدّ الإسلاميّ المتطرّف إليه. وتاريخيّاً، اعتادت دار الفتوى اللبنانيّة التي تعتنق أفكار "الأشعريّة " (مدرسة إسلاميّة معتدلة) المعتمدة في الأزهر، تقديم الغطاء الدينيّ للقيادة السياسيّة السنّية الرسميّة في لبنان. وحافظ الشيخ محمّد رشيد قبّاني على هذا التقليد طوال الجزء الأكبر من ولايته كمفتٍ، التي تنتهي في أيلول/سبتمبر المقبل. ولكن في السنوات الأخيرة، تعارضت مصالحه الخاصّة مع طرح قيادة السنّة السياسيّة المتمثّلة في تيّار المستقبل (الأوسع تمثيلاً للسنّة اللبنانيّين)، تعديل مادّة في نظام دار الفتوى الداخليّ تنصّ على بقاء المفتي في منصبه طيلة حياته. وبالتزامن، نشب خلاف في الظلّ بين الطرفين حول قضايا عقاريّة وماليّة تخصّ دار الفتوى. ثمّ تفاعل خلافهما هذا ليصبح خلافاً سياسيّاً، وذلك بعد لجوء المفتي إلى خصوم تيّار المستقبل السياسيّين، كحزب الله ودمشق، لمساعدته في منع إقصائه من منصبه. وقاد هذا التطوّر عمليّاً إلى شلّ دار الفتوى بعد انقسام هيئتها الشرعيّة إلى هيئتين، الأولى يرأسها المفتي وتضمّ إليه شخصيّات على صلة سياسيّة بحزب الله وسوريا، والثانية تضمّ شخصيّات متحالفة مع تيّار المستقبل المقرّب من السعوديّة.

والسؤال الذي أصبح الآن الحدث بعد نجاح المبادرة المصريّة لانتخاب مفتٍ جديد وتوحيد دار الفتوى، هو: لماذا اختارت القاهرة هذا الملفّ تحديداً لتتوسّط في شأنه؟ وهل تعتبر مبادرتها بداية مرحلة عودة مصر إلى دورها الإقليميّ بعد طول انقطاع؟!

Access the Middle East news and analysis you can trust

Join our community of Middle East readers to experience all of Al-Monitor, including 24/7 news, analyses, memos, reports and newsletters.

Subscribe

Only $100 per year.