بعد نحو ثلاث سنوات أمضيتها في أوروبا، قرّرت التوجّه في زيارة إلى وطني الأم. قضيت ستة أسابيع متنقّلاً بين العاصمة الليبية طرابلس، وبلدة بني وليد، مسقط رأسي. وقد شعرت وكأنني أزور بلداً أجنبياً، فعلى الرغم من أنني أمضيت حياتي في السفر والتنقّل من بلد إلى آخر، بدا وطني الأم وكأنه مكان غريب بالنسبة إلي.
أوّل ما لفت انتباهي حجم اليأس والخيبة لدى الليبيين بعد ثلاث سنوات من إطاحة نظام معمر القذافي على أيدي الثوار المدعومين من حلف شمال الأطلسي (الناتو) في ما يُسمّى خطأً بـ"الثورة" في حين أن التسمية الصحيحة هي الحرب الأهلية، بحسب التوصيف الذي أعطاه زميلي السابق على مقاعد الدراسة للأحداث في العام 2011. عندما انتهت الحرب، كان الليبيون مفعمين بالآمال والتفاؤل. أما اليوم فهم يائسون ومتشائمون أكثر من أي وقت مضى.