بدأ السيستاني بتوجيه الشارع العراقي من قبل أشهر حيث تصدر منه او مکتبه بيانات بشكل منتظم تركز كلها على ضرورة اصلاح الوضع. وتتطور إرشادات السيستاني كل ما تقترب الإنتخابات حيث يقدم تفاصيل ورؤى موسّعة للمجتمع العراقي تهيئه للخوض في الإنتخابات بمعرفة وقدرة تمييزية أكبر.
وتتميز ارشادات السيستاني بأنها تبتعد تماماً عن التدخل المباشر في قرارات الشارع العراقي او رفض رؤية محددة عليه؛ بل تساعده على حسن الإختيار. فكان قد أصدر مؤخراً بياناً يدعو من خلاله الناخبين أن يحسنوا الاختيار كي لا يندموا لاحقاً، ويطالبهم بأن يميّزوا ما بين الصالح والطالح.
وفي آخر تلك المواقف دعا الممثل الرسمي للسيستاني، الشيخ عبدالمهدي الكربلائي في خطبته في الرابع من نيسان هذا العام الى التغيير الشامل والذي لن يحصل الا بالقرار الصحيح من قبل الناخب في الإنتخابات القادمة. وقد نشرت خطبة الكربلائي في الموقع الرسمي للسيستاني ما يثبت صحة كل التفاصيل المذكورة فيه من قبل السيستاني نفسه. وقد إنتقد الكربلائي طريقة إدارة البلد على كل الأصعدة، حيث يسود العنف المجتمع العراقي وينخر الفساد جسد الحكومة العراقية ويفتقد المواطن العراقي الكثير من أولويات الحياة الكريمة.
وأكد الكربلائي على أن المرجعية ليس من شأنها أن تعرّف او تدعم مرشحين بالتحديد، بل القرار هو للناخب العراقي الذي يقرر مصير بلده عبر إداءه الإنتخابي. وفي نفس الوقت تدعو المرجعية الناخب العراقي أن يدرس سوابق وكفاءات المرشحين ومن خلال ذلك يمتنع عن اعطاء صوته لكل من فشل في عمله او تورط في ملفات فساد؛ وأن على الناخب العراقي أن يبتعد عن التصويت على أساس الإنتماءات الطائفية او القبلية والعشائرية.
وقد قام المالكي لزيارة الى مدينة النجف في العاشر من أبريل لإطلاق حملته الإنتخابية من المدينة ذات القداسة لدى الشيعة. وقد استخدم المالكي خطاباً طائفياً موجه للشيعة ليثيرهم ليعطوا أصواتهم له في الإنتخابات القادمة. وصرّح بأنه يريد تشكيل حكومة أغلبية دون المشاركة مع الجهات السياسية الأخرى في البلد. وقد طلب اللقاء مع السيستاني، ولكن قوبل طلبه بالرفض حيث أبلغ مكتب السيستاني المسؤولين عن ملف زيارة المالكي بعدم وجود فرصة للقائه وأنه يعتذر عن ذلك.
وقد سبق وان ادعى المالكي بأنه مقبول ومؤيد من قبل السيستاني وأن المرجعية تعتبره رجل دولة ناجح. ولكن صدر رداً من قبل مكتب السيستاني يفند ما ادعاه المالكي بالعبارات الصريحة التالية: "إن هذا المقطع مع قطع النظر عن محتواه غير الدقيق، يتعلق بما قبل أربعة أعوام ومنذ سنوات إمتنع سماحة السيد عن إستقبال أي من المسؤولين لأنه غير راض عن أداءهم، وقد أكد مرارا على أنه لا يدعم أيا من المرشحين للإنتخابات القادمة، فلا ينبغي لأحد أن يوهم المواطنين بأن بعض المرشحين أقرب من بعض الى المرجعية الدينية العليا".
وقد نشرت بعض وسائل الإعلام لعراقية بأن المالكي قد تسلم رسالة من قبل مكتب السيستاني عبر وسائط بينهما تحذره من التصدي لولاية ثالثة. وقد صدرت تصريحات من قبل الشيخ بشير النجفي أحد المراجع الأربعة ذات التنسيق مع السيستاني ضد الولاية الثالثة للمالكي، حيث اعتبر فيها سوف لن تقوم قائمة للعراق اذا بقى المالكي بالحكومة، ودعا الناخب العراقي بإزاحته عن السلطة عبر صناديق الاقتراع. وقد تأكد المونيتور من صحة إنتساب هذا الكلام للشيخ بشير من أحد المقربين لمكتبه.
وأخيرا ما يفمهمه الشارع العراقي بكل وضوح أن السيستاني مستاء جداً من أداء حكومة المالكي طوال سنوات حكمه وأنه يطلب بشكل صريح الى التغيير الشامل للطاقم السياسي للبلد عبر الانتخابات. وما يقوم به السيستاني في الآونة الحاضرة يعتبر موقفاً صعباً جداً يتسم بحكمة عالية، حيث يرسم الخطوط المستقبلية للنظام السياسي العراقي دون التدخل المباشر وعبر مجرد توجيه الشارع العراقي لأخذ القرار الصحيح في الإنتخابات القادمة وتطوير أداءه السياسي العام. وهذا ما يميزه عن اسلوب عمل نظام ولاية الفقيه، ويجعل مشروعه مشروعاً ديمقراطياً مدنياً بالكامل.