أمن الانتخابات البرلمانيّة المقرّر إجراؤها في 30 نيسان/أبريل الجاري، هو الهاجس الأكبر الذي يشغل الجميع في العراق. وفي مقابل تأكيدات رسميّة عراقيّة بوضع خطط جديدة لتأمين العمليّة الانتخابيّة، فإن النجاح في تأمين مراكز الاقتراع في المناطق المضطربة أمنياً في الأنبار ومحيط بغداد وديالى، ما زال محاطاً بالشكوك.
وأوضح المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد ووزارة الداخليّة العميد سعد معن لـ"المونيتور" أن "القوات العسكريّة والأمنيّة تسلمت في 24 نيسان/أبريل الجاري مباني المدارس التابعة لوزارة التربية والتي ستكون المراكز الانتخابيّة المعتمدة في خلال عمليّة الاقتراع في 30 نيسان/أبريل الجاري".
أضاف أنه "سيتمّ تخصيص قوّة أمنيّة وعسكريّة لجميع المدارس [حيث مراكز الاقتراع] لضمان حمايتها وحماية الناخبين من أي أعمال إرهابيّة".
وشرح معن أن "الخطة الأمنيّة التي سيتم تنفيذها في الانتخابات تعتمد على ثلاثة أطواق أمنيّة تبدأ من القوات العكسريّة التي تشكّل الطوق الرابع ويتمركز عند مداخل القواطع الانتخابيّة، ومن ثم القوات الأمنيّة التي تشكّل الطوق الثاني وتتمركز في داخل تلك القواطع، وصولاً إلى الطوق الأول والممثل بحمايات المراكز نفسها".
وتابع "تمّت تهيئة الكوادر التي ستضطلع بمهمّة تفتيش الناخبين إلى جانب تزويد المراكز الانتخابيّة بالحماية الأمنيّة الخاصة. مع الإشارة إلى أن طيران الجيش يدخل أيضاً ضمن الخطة الأمنيّة الخاصة بالانتخابات".
وبخصوص مشاركة "البيشمركة" في الخطة، قال معن "ستشارك قوات من البيشمركة في حماية المراكز الانتخابيّة في كل من محافظتَي نينوى (329 مركزاً انتخابياً) وديالى (38 مركزاً) وبالتعاون والتنسيق مع القوات الأمنيّة والعسكريّة التابعة لوزارتي الداخليّة والدفاع".
وأشار إلى أن "القوات المشاركة في الخطة الأمنيّة للانتخابات، لا ينتهي دورها عند انتهاء عمليّة الاقتراع. فهي ستتحمّل أيضاً مسؤولية تأمين الطرقات بين مراكز الاقتراع وبين مكاتب العدّ والفرز التابعة للمفوضيّة العليا المستقلة للانتخابات".
وفي ما يتعلّق بفرض حظر تجوّل قبل موعد الانتخابات، قال "حتى الآن ما من معلومات مؤكدة عن ذلك".
وكانت المفوضيّة المستقلة للانتخابات قد أعلنت عن إعداد خطط خاصة للتصويت في الأنبار، تقضي باستثناء أهالي الأنبار من شرط التصويت وفق البطاقة الإلكترونيّة، وبفتح مراكز تصويت في المناطق التي وصل إليها عشرات الآلاف من نازحي مدينة الفلوجة.
ومع هذا، رأى رئيس البرلمان أسامة النجيفي أن الانتخابات في الأنبار "لن تكون مثاليّة بسبب ما تشهده من عمليات أمنيّة مستمرّة، فضلاً عن تهجير أهالي الأنبار إلى خارج مدنهم".
من المؤكد أن القوى المسلحة الناشطة في العراق والتي يتقدّمها تنظيم الدولة الإسلاميّة في العراق والشام (داعش)، قد أعدّت من جهتها خططها لضرب العمليّة الانتخابيّة. لكنها لن تكون على أي حال خططاً مؤثرة في معظم مناطق العراق، ما عدا الأنبار ومحيط بغداد والموصل التي من المتوقّع أن تشهد تحديات أمنيّة أكبر من سواها في إدارة العمليّة الانتخابيّة.
وعلى الرغم من التطمينات الرسميّة حول مواجهة هذه التحديات، إلا أن اتساع رقعة الاضطرابات الأمنيّة وتداخل الأجندات السياسيّة، قد يكونان مدخلاً يؤدّي إلى إعاقة الناخبين عن الإدلاء بأصواتهم، سواءً عبر التخويف والتهديد أو عبر الاعتداءات المباشرة على مراكز الانتخابات.
إلى ذلك، فإن أمن صناديق الاقتراع ومنع التزوير هما من التحديات الأساسيّة التي لا تقلّ خطورة.
وقد كشف مصدر تقني في مفوضيّة الانتخابات لـ"المونيتور" عن ميزة غير معلنة لأجهزة فحص بطاقات الانتخاب تُعرَف بـ"الانتحار التلقائي". إذ سيتمّ تحديد فترة "حياة" تلك الأجهزة، من خلال توقيتها بشكل يؤدّي إلى تعطيلها نهائياً في ساعة محدّدة من اليوم الانتخابي تعلن مسبقاً.
وهذا الإجراء في حال تطبيقه، لن يسمح بأي تمديد لساعات الاقتراع خصوصاً في حال حدوث حالات طارئة تمنع مركزاً ما عن أداء دوره في مناطق محدّدة.
في العموم، من المتوقّع أن تكون مراكز الانتخاب مكتظة بالناخبين منذ ساعات الصباح الأولى، على عكس الدورات السابقة التي كان الناخب فيها يتأخّر في الاقتراع حتى يتأكّد من فعاليّة الإجراءات الأمنيّة، ويتجنّب التوجّه إلى المراكز المهدّدة بالهجمات. وهذه إشارة إلى توفّر نوع من الاطمئنان العام في معظم المناطق، إلى حسن سير الإجراءات الأمنيّة حول هذه المراكز. لكن الأمر قد يكون معكوساً تماماً في المناطق الساخنة أمنياً والتي من المتوقّع أن تشهد فترات اختبار لكفاءة إجراءات الأمن فيها.