لن يكون أياد علاوي الزعيم الليبرالي الشيعي الفائز في انتخابات العام 2010 قادراً على تكرار ذلك الإنجاز الذي تمكن من خلاله من كسب 91 مقعداً برلمانياً، لكنه لن يكون غائباً عن انتخابات 2014 المقرّر إجراؤها في 30 نيسان/أبريل الجاري. فهو ما زال السياسي العراقي الوحيد القادر على التنقّل بين الطوائف من دون حواجز، فيخسر هنا ويربح هناك.
وكانت طبيعة الكتلة التي قادها علاوي [رئيس الحكومة السابق] في العام 2010 قد أثارت أسئلة عديدة. فهو الشيعي الوحيد الذي تمكّن من حصد الأصوات السنيّة لصالحه، لكنه خسر بشكل واضح ما حقّقه في انتخابات العام 2005 على الساحة الشيعيّة (25 مقعداً برلمانياً). واليوم، يعود في الانتخابات الحاليّة ليطرح نفسه في الساحة الشيعيّة مجدداً، بعد أن تخلى عن الثقل السنّي الأكبر لـ"القائمة العراقيّة" مع انشقاق كتلة "متحدون" بقيادة رئيس البرلمان أسامة النجيفي عنه وكذلك كتلة "العربيّة" بقيادة نائب رئيس الوزراء صالح المطلك، بالإضافة إلى انشقاق كتل أخرى عنه مثل "العراقيّة البيضاء" و"العراقيّة الحرّة" و"قائمة الحل".
ويقول علاوي في حديث إلى "المونيتور" إنه غير متفائل بالانتخابات الحاليّة. ويشدّد على أن "ثمّة عمليات استبعاد غير قانونيّة وغير مبرّرة، استهدف من خلالها ائتلاف الوطنيّة عبر استبعاد 39 مرشّحاً من مرشّحيه من مواقعهم في الوزارات أو في مجالس المحافظات".
يضيف أن "الاستهداف تصاعدت حدّته ليصل إلى محاولات قتل ونسف بيوت بعض مرشّحينا في الأنبار مثل دار المرشّح رقم اثنين الأخ جاسم الحلبوسي، ودار ومضيف الشيخ وسام البياتي المرشّح رقم ستّة في صلاح الدين، وذلك مع تمركز بعض القوات الخاصة بالقرب من مواقع التفجير".
ويتابع علاوي "ثمّة تصعيد أمني وتداعيات غير مسبوقة. وقد تكلمت قبل أشهر في الإعلام عن أن الانتخابات ستكون دمويّة، وهذا ما يحصل.. فثمّة عمليات عسكريّة واسعة النطاق في محافظات مهمّة، وبالتالي سيتعذّر إجراء انتخابات نزيهة فيها. كذلك ثمّة نزوح كبير من محافظات معيّنة إلى مواقع عديدة في العراق بحثاً عن الأمان، ما سيحرم الألوف فرصة التصويت".
ويلفت علاوي إلى شكوك إضافيّة في ما يخصّ الانتخابات. فيقول إن "آلاف البطاقات الانتخابيّة الإلكترونيّة (بحسب تصريحات المفوضيّة المستقلة للانتخابات) قد تمّت سرقتها، وقد تمّ توزيع 25 ألف بطاقة في بغداد تعود لأشخاص متوفّين. كذلك فإن المعلومات التي تتضمّنها البطاقة لا سيّما شفرتها، تبيّن من صوّت لصالح من وهو ما يشكّل خطراً بخاصة في أوساط القوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي".
ومع ذلك، يمكن القول إن مصدر قوة علاوي يكمن في جانبَين أساسيَّين، هما حضوره الكبير في بغداد وتحالفاته العميقة مع زعماء عشائر في جنوب بغداد وشمالها وغربها. وهو ما يوفّر مقاعد شبه ثابتة له.
وكانت القاعدة الشعبيّة لعلاوي في بغداد قد تعرّضت إلى اهتزازات كبيرة بعد العام 2010، بفعل دخول قوى ليبراليّة أخرى على خط استقطاب الناخبين في العاصمة المختلطة مذهبياً وعرقياً والتي تميل الكتلة الانتخابيّة الأكبر فيها إلى تحقيق الأمن ومنع الحرب الأهليّة، وكذلك بفعل عدم نجاح علاوي نفسه في أداء دور محوري بالنسبة إلى ناخبيه.
وقد شكّل الحضور الكبير لرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في بغداد التحدي الأكبر لعلاوي. فالمالكي نجح في تسويق ائتلافه "دولة القانون" كمدافع عن الأمن والسلم الأهلي في بغداد، ونجح في حصد النسبة الأكبر من أصوات الأهالي.
فموقع رئيس الحكومة الذي احتله المالكي منذ العام 2006 كان له دور حاسم في توسيع نطاق شعبيّته في بغداد. وعلاوي من جهته كان يطمح في انتخابات العام 2010 أن ينال هذا المنصب، وربما ما زال يسعى إليه وذلك في ضوء لقاءات أخيرة جمعته بالسفير الإيراني في بغداد. وقد تمّ وصف تلك اللقاءات باعتبارها تراجعاً من قبل علاوي عن طروحات العداء لإيران، وهي الطروحات التي يؤكد أنها منعته من الحصول على منصب رئيس الوزراء.
ويشير علاوي إلى أنه التقى أخيراً السفير الإيراني حول مأدبة عشاء بحضور مجموعة من النواب، "وكانت فرصة مهمّة لكي أطلب منه أن يضغط الإيرانيّون على أصدقائهم وحلفائهم في العراق لتحقيق نوع من الاستقرار الذي سيؤدّي إلى توسيع نطاق مشاركة العراقيّين في الانتخابات".
يضيف "وطلبت منه أمام المدعوين أن يعملوا على تهدئة الأوضاع في الأنبار وديالى وحزام بغداد. هذا ما جرى. ونحن نرى أن ايران قد تكون داعمة لاستقرار العراق من خلال عدم انحيازها إلى جهة معيّنة وعدم تدخّلها في شؤون العراق السياديّة مثلما فعلت في انتخابات 2010". ويتابع "أملناً فعلاً هو أن يكون كل الجوار العراقي عاملاً مساعداً في استقرار العراق وليس العكس. ونحن لسنا على عداء مع أي من الجوار بما في ذلك إيران، ونأمل أن نفتح صفحة جديدة تقوم على تبادل المصالح وتوازنها واحترام السيادة وعدم التدخّل في الشؤون الداخليّة".
موازين القوى الحاليّة في العراق لا تخدم كثيراً إعادة طرح علاوي كمرشّح "ساخن" لتشكيل الحكومة، لكن دوره في الحياة السياسيّة العراقيّة والذي يرتبط -بالإضافة إلى ثقله الداخلي- بوزن وعلاقات خارجيّة متشعّبة، سيكون حاضراً في المرحلة المقبلة.