في رد قوي على بيان الخارجية الأمريكية الذي أدرج نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة على قائمة "الشخصيات والمنظمات الإرهابيّة"، استقبلت ايران النخالة ضمن وفد رفيع المستوى من حركة الجهاد الاسلامي يرأسه الأمين العام للحركة د. رمضان عبدالله شلح، وتعتبر الزيارة الأولى منذ تولي حسن روحاني منصبه رئيسا لإيران.
وقال المتحدث باسم حركة الجهاد داوود شهاب في حديث إلى المونيتور "هي زيارة ممكن وصفها بالروتينية ولكن ما يعطيها أهمية أنها تأتي بعد ادراج النخالة في قائمة الارهاب، وبعد تولي الرئيس روحاني لمنصبه".
وأضاف شهاب خلال لقاء بمكتبه أنها ليست المرة الاولى التي تعبر ايران عن دعمها للجهاد وقادتها فهم اكدوا في عدد من اللقاءات الرسمية السابقة عن رفضهم استهداف الشعب الفلسطيني ورموزه، مضيفاً "والاستقبال الحافل بالوفد يعبر عن تضامن ورفض ايران للسياسية الامريكية وأنها لا تزال تدعم فصائل المقاومة".
وفصّل " الوفد المشارك كبيراً برئاسة د.رمضان ومكون من نائبه وعدد من أعضاء المكتب السياسي للحركة، وممثل الحركة في إيران، وتأتي الزيارة في الوقت الذي يعتقد البعض أن سياسة ايران ستتغير مع حركات المقاومة، ولكن ايران تؤكد الآن ومجددا دعمها للقضية الفلسطينية بغض النظر عن تطور علاقاتها مع الغرب فالقضية أحد استراتيجيات ايران"
وذكر شهاب ان الزيارة بدأت يوم الاربعاء الموافق 5-فبراير-2014، مؤكداً أنه لا يعرف الكثير من التفاصيل بسبب صعوبة التواصل مع الوفد، مضيفاً "لكن بحسب علمي التقى وفد الحركة السبت مع مستشار الأمن القومي الايراني ووزير الدفاع الأسبق علي شمخاني كما التقى مع مسؤولين ايرانيين آخرين كالرئيس روحاني، ووزير الخارجية محمد ظريف ورئيس البرلمان الايراني علي لاريجاني، ولست متأكد إذا قابلوا المرشد العام علي الخامنئي أم ليس بعد"، موضحا ان اللقاء السياسي السابق كان قبل شهرين حين التقى أعضاء من الحركة في بيروت بوزير الخارجية الايراني "ظريف".
ويرى شهاب أن سبب تسليط الضوء الاعلامي على الزيارة يعود إلى " زيادة عدد المراسلين الاجانب هناك بعد سماح روحاني لهم بدخول إيران، خاصة مع اقتراب الاحتفال بذكرى الثورة الاسلامية، كما يوجد أكثر من نشاط جانبي يجذب الاعلام إلى هناك كمهرجان للأفلام وحضور مسؤولين أوروبيين".
وحول زيارة الجهاد الأخيرة لإيران قال مدير مركز الدراسات الايرانية بلندن علي نوري زادة خلال اتصال هاتفي مع المونيتور "الجهاد بالنسبة لإيران جزء من المؤسسة الحكومية الايرانية ومكانتها مكانة حزب الله، ولكن أحدهما سني والآخر شيعي، كلاهما والدان الصورة الايرانية، ولا يمكن الانفتاح على أمريكا أن يأتي على حساب الجهاد الاسلامي، فارتباط الحكومة الايرانية مع حركة حماس مصلحة ولكن مع الجهاد هو استراتيجي وعقائدي"
زيارة رجوب
وتأتي زيارة الجهاد بعد أسبوع من زيارة اللواء جبريل الرجّوب عضو اللجنة المركزيّة لحركة "فتح" إلى طهران في 27-يناير الماضي، كمبعوث رسمي عن الرئيس عباس ما يثير العديد من الأسئلة عن تكتلات سياسية جديدة قد تشهدها المنطقة.
المتحدث باسم الجهاد شهاب يرى ان زيارة رجوب مهمة، فطبقاً لاعتقاده يرى أن القوى الفلسطينية تخطئ حين تنغلق على القوى الفاعلة في المنطقة، متابعاً "من المهم اقامة علاقات مع جميع القوى لأن الشعب الفلسطيني بحاجة ان تقف كل الدول معه في اطار من الأجواء الايجابية".
ويعتبر شهاب ان ما حدث تطورا لدى الرئيس عباس والسلطة الفلسطينية في رؤيتها للأمور، لافتاً إلى أنه "يجب استخدام كل اوراق القوة لمواجهة الضغط الامريكي الذي يُمَارس الآن بشكل قوي جدا ضد الرئيس عباس لذلك يجب عليه تشكيل كتلة لمواجهة امريكا وضغوطها، ودعم ايران مهم في هذا الاطار"
وحول زيارة رجوب يقول المحلل السياسي الايراني زادة بأن عباس يجب أن يتوقع دعوة من إيران قريبا، متابعاً "فقد أراد عباس الاستنجاد بالنفوذ الايراني لحل أزمة اليرموك، ما أسفر على ايفاد الرجوب لإيران كشخصية أمنية وبالفعل كانت زيارة ناجحة لشرح المواقف وتطوير العلاقات، ومن المتوقع أن توجه ايران دعوة زيارة للرئيس عباس خلال شهر أو شهرين ما ينم عن تغيرات في الموقف الايراني".
وفي الإطار ذاته، سألت مراسلة المونيتور خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقدته حركتي فتح وحماس ظهر الاحد الموافق 9-2-2014، أمام منزل رئيس الوزراء اسماعيل هنية عن سبب التحالفات الجديدة التي يبحث عنها الرئيس عباس مع ايران، فأجابها د.نبيل شعث عضو اللجنة المركزية بحركة فتح "هناك حقائق جديدة في هذا العالم وهناك اتفاق دولي مع ايران لعبت فيه روسيا دورا رئيسا وتم في جنيف وتسعى جميع الدول عبره لتحقيق الأمن والسلام، وبالفعل نجحت روسيا في منع حرب على سوريا وعلى ايران، وما دام هكذا الوضع، فما المانع أن يكون هناك علاقة فلسطينية ايرانية قوية"
وأضاف "كما نجحنا في اوروبا في إحداث مقاطعة كبيرة للمستوطنات الاسرائيلية وصلت الآن الى البنوك، فسننجح في مناطق أخرى، فنحن ندرك أن أمريكا ليست هي القوة الوحيدة ومصالح الشعب وحقوقه تطالب بالانفتاح على المنطقة"
وبدوره رد القيادي في حماس خليل الحية على السؤال ذاته" المنطقة كلها في مرحلة تفكيك وتركيب جديد أمام كل القوى والبرامج، وهذه العلاقات مع مكونات العالم سواء ايران أو روسيا، من مصلحة شعبنا وقضيته المستمرة منذ أكثر من 60 عاماً، ففتح تذهب لإيران وحماس ذهبت سابقا ولاحقا، وكلاهما ذهبا لمن يدعم المقاومة ونحن حركة تحرر وطني بالمعنى الشمولي ونحتاج لدعم قضيتنا من كل العالم"
عزلة حماس
ويأتي انفتاح القيادة الايرانية الجديدة على فتح والجهاد بشكل علني مقابل عزلة واضحة على حركة حماس، وبحسب نوري للمونيتور فقد قال أن ايران دفعت بشكل رسمي لحماس في السابق أكثر من مليار دولار بمعدل 150مليون دولار سنوياً ناهيك عن المساعدات العسكرية وتدريب كوادرها، مضيفاً "ولم تفعل ذلك من أجل عيون حماس بل لفرض إملاءات الحكومة الايرانية في المنطقة، وحين اتخذت حماس بسياسية النأي بنفسها عما يحدث في سوريا، لم تعد المساعدات كما في السابق، وما تتلقاه الآن مساعدات غير رسمية"
هذا وسيظل مصير العلاقات الثنائية بين ايران والفصائل الفلسطينية مرهونا بنتائج اجتماعات حماس وفتح المزمع عقدها في الأيام القادمة لتطبيق اتفاق المصالحة على أرض الواقع