مدينة غزة، قطاع غزة - سارعت قيادة حركة حماس إلى نفي ارسال رئيس الحكومة في غزة ونائب رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية رسالة إلى مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وفقاً للتسريبات الإسرائيلية حول المواجهات على جبهة قطاع غزة مع اسرائيل، حتى لا تتهم بأنها تمارس ما ترفض وتنتقد خصمها السياسي حركة فتح بممارسته.
وعلى الرغم من نفي حماس الرسمي لوجود أي قنوات اتصال مباشرة مع إسرائيل إلا أن مصدراً مطلعاً في الحركة اكد ارسال رسالة شفهية إلى الجانب الإسرائيلي من خلال نائب وزير الخارجية في حكومة حماس غازي حمد إلى ناشط السلام الإسرائيلي غيرشون باسكن دون الطلب منه مباشرة بإرسالها إلى مكتب نتنياهو.
وقال المصدر لـ "المونيتور" بشرط عدم الكشف عن هويته "نعم لقد تم بالفعل إرسال الرسالة إلى الجانب الإسرائيلي، وكان الاتصال اشبه بالدردشة عما يجري في الآونة الأخيرة على الحدود من اطلاق الصواريخ من غزة والردود الإسرائيلية عليه وموقف حماس منه وأن ذلك قد يفقد حماس سيطرتها على كل الفصائل إذا واصلت إسرائيل استهدافها للقطاع".
وأضاف "لم يطلب حمد من باسكن نقل الرسالة إلى مكتب نتنياهو مباشرة ولكن كان حديثاً عاماً يمكن ان ينقله باسكن إلى صناع القرار في إسرائيل، ولكن على ما يبدو أن باسكن كتب الرسالة الشفهية التي تلقاها من حماس وأرسلها إلى مكتب نتياهو".
وحاول "المونيتور" الحصول على تعليقاً من باسكن إلا أنه رفض التعليق وقال "افضل أن ابقى بعيداً عن التصريحات في هذا الموضوع".
وأشار المصدر إلى أن الرسالة التي تم نقلها عبر الناشط الإسرائيلي باسكن لم تكن الأولى وتم التواصل معه في قضايا مختلفة لاسيما في امور تتعلق بالحصار وتسهيل دخول البضائع إلى القطاع.
وتبذل حماس قصارى جهدها ألا تظهر بأنها تقيم أي نوع من التواصل مع إسرائيل وأن علاقتها معها قائمة على أساس المواجهة العسكرية فقط وهو ما كان سبباً في تحقيق حماس لشعبية كبيرة في أوساط الفلسطينيين والعرب.
باسم نعيم مستشار رئيس الحكومة في غزة لشئون العلاقات الخارجية أوضح أن حركته لا تمانع اجراء المفاوضات مع إسرائيل من منطلق فكري أو ديني وإنما الاعتبارات السياسية وتوازن القوى لا يسمح للحركة بالدخول في أي مفاوضات مع اسرائيل في الوقت الراهن.
وقال في مقابلة مع "المونيتور" "هناك تواصلاً ميدانياً فيما يتعلق بالشئون اليومية بين المؤسسات الفلسطينية التي تتبع للحكومة في غزة مع الطرف الإسرائيلي لتسهيل عملية نقل البضائع وحل الاشكالات المختلفة التي قد تواجهها".
وأوضح المصدر ذاته أن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي للحركة قال في اجتماع مغلق مع عدد من الكتاب والمفكرين في زيارته لغزة أواخر عام 2012 ان حركته تلقت عرضاً غير مباشراً عبر الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، من ايلي يشاي عندما كان نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت للدخول في مفاوضات مباشرة إلا أن العرض الإسرائيلي لم يكن بالمستوى المطلوب ليسمح لحماس بالموافقة عليه.
وكانت حماس خاضت مفاوضات معلنة مع إسرائيل ولكن جميعها كانت عبر وسطاء وغير مباشرة كان أهمها فيما يتعلق بالافراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط مقابل الافراج عن الاسرى الفلسطينيين عام 2011، وكذلك في اتفاقات وقف اطلاق النار وعودة الهدوء بين الجانبين.
وترفض حماس الاعتراف بإسرائيل وحقها في الوجود على أرض فلسطين التاريخية وعارضت موافقة منظمة التحرير الفلسطينية عندما اعترفت بإسرائيل إلا أنها خاضت الانتخابات البرلمانية في عام 2006 للسلطة الفلسطينية التي تم انشاؤها ضمن اتفاقية أوسلو بين المنظمة وإسرائيل.
وفي اكثر من مرة أعطت حماس الضوء الأخضر لخصمها السياسي فتح برئاسة محمود عباس للاستمرار في المفاوضات مع إسرائيل لعرضه بعد ذلك على الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات في استفتاء عام، إلا أنها بعد فشل تطبيق كل اتفاق بينهما تعود حماس إلى سحب التفويض.
ولا تنفك حماس عن التأكيد على أن مصر عبر جهاز مخابراتها هي الوسيط في علاقتها مع إسرائيل وأنها تنقل الرسائل وانتهاكاتها إلى الجانب الإسرائيلي عبره فقط.
وقال زياد الظاظا نائب رئيس وزراء حكومة غزة في لقاء مع مجموعة من الصحفيين بغزة حضره "المونيتور" يوم الاثنين (24 شباط/فبراير) "نحن نسجل كل الانتهاكات الاسرائيلية في قطاع غزة وننقلها إلى الوسيط المصري الراعي لاتفاق التهدئة الأخير الذي تم التوصل إليه عقب حرب حجارة السجيل (عامود السحاب) كما يفعل الجانب الإسرائيلي تسجيلاً للنقاط".
وأوضح المصدر في حماس أن تواصلاً مباشراً بين حماس وإسرائيل قد يغضب الوسيط المصري وهو ما لا تسعى إليه الحركة في الوقت الراهن لابقاء خط التواصل المبني على المصالح بين مصر وقطاع غزة.
وقال الكاتب السياسي مصطفى إبراهيم لـ "المونيتور" أن "كثير من الدول ومن ضمنها مصر لا تريد أي تواصل مباشر بين حماس وإسرائيل حتى يحقق الضغط عليها نتائجه، ولا تستطيع الاستغناء عنها في ذات الوقت. كما ان حماس لا ترغب في الاعلان عنه حتى لا يؤثر على شعبيتها التي تعتمد على رفضها لمسار التسوية السياسية".
قد لا تبدو حماس في عجلة من أمرها لإقامة اتصالات مباشرة مع إسرائيل إلا أن الضغوط المستمرة وعزلتها السياسية لاسيما بعد سقوط نظام الاخوان في مصر والتهديدات الإسرائيلية المتكررة بشن حرب جديدة ضد قطاع غزة، وبعدها القسري عن ما يدور في أروقة المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين، يدفعها بشكل أو بآخر للبحث عن حلول وتوجيه رسائل غير مباشرة إلى الاطراف المختلفة قد يمكّنها من الخروج من عنق الزجاجة.