قد يُفاجأ المتابع للوضع العراقي عندما يرى كيف صعدت الأحزاب الدينيّة بهذه الكثافة في الكيان الذي أنشئ ما بعد العام 2003 في العراق، وقد يتساءل أين هم العلمانيّون؟ وهل تلك الأحزاب الدينيّة تمثّل كلّ الواقع العراقي أو أن ثمّة جزءاً غائباً عن الساحة لا يجد منفذاً للظهور على السطح؟
وترتبط هذه الإشكاليّة بالخلفيّة التاريخيّة للعلمانيّة في العراق الحديث التي ارتبطت أيديولوجياً بالنموذج القومي أو اليساري، ما تسبّب في خلق صورة نمطيّة للعلمانيّة باعتبارها نموذجاً معادياً للدين. هذا من جهة. أما من جهة أخرى، فقد ولّد الفشل الذريع لأنظمة الحكم السابقة انطباعاً سيّئاً عن العلمانيّة باعتبارها مرتبطة بشكل من الأشكال بإحدى الأيديولوجيات القوميّة أو اليساريّة في المخيال الجماعي العراقي.